وفي حديث ابن مسعود (أول وقتها) بإسقاط في. وروي أيضا عن إبراهيم بن عبدالملك عن أبي محذورة عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أول الوقت رضوان الله ووسط الوقت رحمة الله وآخر الوقت عفو الله). زاد ابن العربي: فقال أبو بكر: رضوان الله أحب إلينا من عفوه، فإن رضوانه عن المحسنين وعفوه عن المقصرين، وهذا اختيار الشافعي. وقال أبو حنيفة: آخر الوقت أفضل، لأنه وقت الوجوب. وأما مالك ففصل القول، فأما الصبح والمغرب فأول الوقت فيهما أفضل، أما الصبح فلحديث عائشة رضي الله عنها قالت: (إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس) - في رواية - (متلففات). وأما المغرب فلحديث سلمة بن الأكوع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب، أخرجهما مسلم. القران الكريم |وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وأما العشاء فتأخيرها أفضل لمن قدر عليه. روى ابن عمر قال: مكثنا [ذات] ليلة ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة، فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده، فلا ندري أشيء شغله في أهله أو غير ذلك، فقال حين خرج: (إنكم لتنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم ولولا أن يثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة) وفي البخاري عن أنس قال: أخر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل ثم صلى... ، وذكر الحديث.
(14) * * * والفعل -أعني " التولية " - في قوله: " هو موليها " لل " كل ". و " هو " التي مع " موليها " ، هو " الكل " ، وحُدَّت للفظ " الكل ". * * * فمعنى الكلام إذًا: ولكل أهل مِلة وجهة, الكلُّ. منهم مولُّوها وجُوهَهم. (15) * * * وقد روي عن ابن عباس وغيره أنهم قرأوها: " هو مُولاها " ، بمعنى أنه مُوجَّهٌ نحوها. ويكون " الكل " حينئذ غير مسمًّى فاعله، (16) ولو سُمي فاعله، لكان الكلام: ولكلّ ذي ملة وجهةٌ، اللهُ مولِّيه إياها, بمعنى: موجِّهه إليها. * * * وقد ذُكر عن بعضهم أنه قرأ ذلك: " ولكُلٍّ وِجهةٍ" بترك التنوين والإضافة. وذلك لحنٌ, ولا تجوز القراءةُ به. لأن ذلك -إذا قرئ كذلك- كان الخبرُ غير تامٍّ, وكان كلامًا لا معنى لَه. وذلك غير جائز أن يكون من الله جل ثناؤه. * * * والصواب عندنا من القراءة في ذلك: " ولكلٍّ وِجهةٌ هُوَ مُولِّيها " ، بمعنى: ولكلٍّ وجهةٌ وقبلةٌ، ذلك الكُلّ مُولّ وجهه نحوها. لإجماع الحجة من القرّاء على قراءة ذلك كذلك، وتصويبها إياها, وشذوذ من خالف ذلك إلى غيره. وما جاءَ به النقلُ مستفيضًا فحُجة, وما انفرد به من كان جائزًا عليه السهو والغلط، (17) فغيرُ جائز الاعتراضُ به على الحجة.
توقيع: منتظر العسكري وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ