بيان قبر ابراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكونه عند قبر عثمان بن مظعون، وما جاء فيهما ومن دفن عندهما. روى ابن شبة بإسناد جيد عن البراء رضي الله تعالى عنه قال: مات إبراهيم ـ يعني ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وهو ابن ستة عشر شهراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادفنوه في البقيع، فإن له مرضعة في الجنة تتم رضاعه. وعن مكحول قال: توفي إبراهيم عليه السلام، فلما وضع في اللحد ورصف عليه اللبن بصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بفرجة من اللبن، فأخذ بيده مدرة فناولها رجلاً فقال: ضعها في تلك الفرجة، ثم قال: أما إنها لاتضر ولاتنفع، ولكنها تقر بعين الحي. وعن محمد بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم رش على قبر ابنه إبراهيم، وأنه أول من رش عليه، قال: ولا أعلم إلا أنه قال: وحثا عليه بيده من التراب، وقال حين فرغ من دفنه عند رأسه: السلام عليكم. وروى الشافعي عن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلاً أن النبي صلى الله عليه وسلم رش قبر ابنه إبراهيم ووضع عليه الحصى. ام ابراهيم ابن الرسول. وروى أبو داود في المراسيل والبيهقي ورجاله ثقات مع إرساله نحوه عن محمد بن عمر بن علي، وزاد أنه أول قبر رش عليه، وقال بعد فراغه: سلام عليكم، ولا أعلمه إلا قال: حثا عليه بيده.
مارية القبطية أم ولد رسول صلى الله عليه وسلم، وقد أنجبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثالث أبنائه الذكور إبراهيم، والذي توفي وهو طفل صغير، وكلمة (قبط) كان يقصد بها أهل مصر، أهداها المقوقس ملك مصر للرسول صلى الله عليه وسلم سنة 7 هـ، وكان أبوها من عظماء القبط، كما ورد على لسان المقوقس في حديثهِ لحامل رسالة الرسول إليه. إبراهيم ابن رسول الله(ص) – الشیعة. قدمت مارية رضي الله عنها إلى المدينة المنورة بعد صلح الحديبية سنة 7 هـ، وذكر الرواة أن اسمها "مارية بنت شمعون القبطية"، بعد أن تم صلح الحديبية بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين المشركين في مكة، وبدأ الرسول في الدعوة إلى الإسلام، وكتب إلى ملوك العالم يدعوهم إلى الإسلام، واهتم بذلك اهتماماً كبيراً، فأختار من أصحابه من لهم معرفة وخبرة، وأرسلهم إلى الملوك، ومن بين هؤلاء الملوك هرقل ملك الروم، كسرى أبرويز ملك فارس، المقوقس ملك مصر التابع للدولة البيزنطية والنجاشي ملك الحبشة. وتلقى هؤلاء الملوك الرسائل وردوها رداً جميلاً، ما عدا كسرى ملك الفرس، الذي مزق الكتاب. ولما أرسل الرسول كتاباً إلى المقوقس حاكم الإسكندرية والنائب العام للدولة البيزنطية في مصر، أرسله مع حاطب بن أبي بلتعة، وكان معروفاً بحكمته وبلاغته وفصاحته، فأخذ حاطب كتاب الرسول إلى مصر، وبعد أن دخل على المقوقس الذي رحب به.
ولو لم يلد النبيُّ إلا نبيًا لكان كلُّ واحدٍ نبيًا؛ لأنه من ولد نوح عليه السّلام، وذا آدم نبي مكلم، وما أعلم في ولده لصُلْبه نبيًا غير شيث. وقال النَّوَوِيُّ في ترجمة إبراهيم من تهذيبه: وأما ما رُوي عن بعض المتقدمين: لو عاش إبراهيم لكان نبيًّا فباطلٌ وجسارة على الكلام على المغيّبَات، ومجازفة وهجوم على عظيم. فقال ابن حجر: "وهو عجيب مع وُروده عن ثلاثة من الصحابة؛ وكأنه لم يظهر له وَجهْ تأويله فبالغ في إنكاره. وجوابه أنَّ القضيةَ الشرطية لا تستلزم الوقوع، ولا نظنُّ بالصّحابي أنه يهجم على مثل هذا بظنه". وفي "صحيح البُخَارِيِّ" أن إبراهيم عاش سبعة عشر شهرًا أو ثمانية عشر شهرًا على الشكِّ، وروى السُّدِّيِّ، عن أنس، قال: تُوُفِيَّ إبراهيم ابنُ النَّبي صَلَّى الله عليه وسلم، وهو ابن ستة عشر شهرًا. وقال البَراء: قد صلّى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم، ومات وهو ابن ستة عشر شَهْرًا (*). وقالت عَائِشَةُ: عاش ثمانية عشر شهرًا، وقال محمد بن المؤمّل: بلغ سبعة عشر شهرًا وثمانية أيام، وقيل: كانت وفاةُ إبراهيم في ربيع الأول، وقيل: في رمضان، وقيل: في ذي الحجة. ابراهيم ابن الرسول. وخطَّأ ابن حجر القول أنه مات في ذي الحجة من سنة عشر؛ لأن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم كان في حجة الوداع إلا إِن كان مات في آخر ذي الحجة.
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن عبد القاهر الطوسي بإسناده عن أبي داود الطيالسي، عن شعبة، عن عدي بن ثابت قال: سمعت البراء يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مات إبراهيم: "إن له مرضعاً في الجنة". ولما توفي إبراهيم اتفق أن الشمس كسفت يومئذ؛ فقال قوم: إن الشمس انكسفت لموته، فخطبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك، فافزعوا إلى ذكر الله والصلاة". الدرر السنية. وروى البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه، وكبر أربعاً. هذا قول جمهور العلماء وهو الصحيح. أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي بن عبيد الله الأمين بإسناده إلى أبي داود السجستاني، حدثنا هناد بن السري، أخبرنا محمد بن عبيد، عن وائل بن داود قال: سمعت البهي قال: "لما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المقاعد". وبالإسناد عن أبي داود قال: قرأت على سعيد بن يعقوب الطالقاني، حدثكم ابن المبارك، عن يعقوب بن القعقاع عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على إبراهيم. وروى ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على إبراهيم.
[1] الشمائل المحمدية 308. [2] "الإصابة" 4 /316. [3] البخاري (1303). [4] أحمد (19 /359). [5] 6194 البخاري. [6] 996 البخاري.