لا يعني الإسلام والقرآن ببيان الحق وإظهاره حتى تستبين سبيل المؤمنين الصالحين فحسب.. وإنما يعني كذلك ببيان الباطل وكشفه حتى تستبين سبيل الضالين المجرمين أيضا؛ إذ إن استبانة سبيل المجرمين ضرورية لاستبانة سبيل المؤمنين. والله سبحانه يعلم أن إنشاء اليقين الاعتقادي بالحق والخير يقتضي رؤية الجانب المضاد من الباطل والشر، والتأكد من أن هذا باطل محض وشر خالص، وأن ذلك حق محض وخير خالص. ومن هنا قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: "كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني" أو قال أقع فيه" رواه البخاري. ومنه قول الشاعر: عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه.. ومن لا يعرف الشر ن الخير يقع فيه وأيضا.. فإن قوة الاندفاع لنشر الحق ونصرته لا تنشأ فقط من شعور صاحب الحق أنه على الحق، ولكن كذلك من شعوره بأن الذي يحاده ويحاربه إنما هو على الباطل، وأنه يسلك سبيل المجرمين، الذين ذكر الله في آية أخرى أنه جعل لكل نبي عدوا منهم ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين).. ليستقر في نفس النبي ونفوس المؤمنين، أن الذين يعادونهم إنما هم المجرمون، عن ثقة، وفي وضوح، وعن يقين. عرفت الشر لا للشر. ووضوح الكفر والشر والإجرام وسفوره ضروري لوضوح الإيمان والخير والصلاح.. واستبانة سبيل المجرمين هدف من أهداف التفصيل الرباني للآيات؛ ذلك أن أي غبش أو شبهة في موقف المجرمين وفي سبيلهم ترتد غبشا وشبهة في موقف المؤمنين وفي سبيلهم.
وهكذا إخواني الكرام، حاولت تقديم بعض الأبواب الخطيرة للذنوب الضارة في الدنيا والآخرة، وما زال الحديث متواصلاً، وإلى لقاء قادم مع حصر آخر لأبواب أخرى من الذنوب، التي يجب الحذر منها. وأختم مرة أخرى بقول الشاعر: عَرَفْتُ الشَّرَّ لاَ لِلشَّرْ رِ لَكِنْ لِتَوَقِّيهِ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الشَّرَّ مِنَ النَّاسِ يَقَعْ فِيهِ
ومن مجالات إغلاق أبواب الشر: الحسبة؛ بمراقبة الأبناء والبنات، والزوجات والأصدقاء، والحسبة الرسمية بالرقابة على الكتب ووسائل الإعلام والمجلات، ففيها سدٌّ عظيم لأبواب الفتنة والبدعة والشر، فمن يقُمْ عليها بنية وإخلاص، يأجُرْهُ الله تعالى أجرًا عظيمًا.
تعليقات الزوار كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي موقع الشعر. التعليقات المنشورة غير متابعة من قبل الإدارة. للتواصل معنا اضغط هنا.
من أبواب الذنوب من الواضح لكل مسلم أن هناك أبوابًا، مَن يلجُها فقد سار في طريق الحقِّ والخير والبِرِّ، وكذا في المقابل، فهناك أبواب هي من السوء بمكان، مَن يقتحمها فقد سار في طريق السوء والضلال. ولقد تحدَّث كثيرٌ من العلماء الكرام عن أبواب الخير وطُرُقه، ولكني هنا - أخي القارئ الكريم - أحببتُ أن أجمع لك جزءًا من أجزاء عدة من أبواب الذنوب، وكما قيل: عَرَفْتُ الشَّرَّ لاَ لِلشَّرْ رِ لَكِنْ لِتَوَقِّيهِ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الشَّرَّ مِنَ النَّاسِ يَقَعْ فِيهِ فهيا لنطلَّ من بعيد على بعض هذه الأبواب لتجنُّبها، في العبادات، والمعاملات، والسلوكيات، وأخطر الذنوب ما كانت في العبادات؛ ولكن قد يكون حديثي تلميحًا عن العبادات، ولكن بالنسبة للسلوكيات - وهي ما لا يهتم بها البعض - فدعْني أذكِّر نفسي وإياك ببعض أبواب الذنوب في المعاملات والسلوكيات. الباب الأول من أبواب الذنوب الكبر لقد كانت أول كبيرة ارتُكبت منذ الخلق الأول، وكان أول ذنب عصي به: الكِبر والتكبُّر، وإن كثيرًا من الناس - يدرون أو لا يدرون - ينتابهم حالةٌ من الكبر بصورة عجيبة، يظن مركزَه المهني والوظيفي، أو قيمتَه المادية، أوصِلاتِه الاجتماعية - تجعله شيئًا ليس قبله ولا بعده.