( لا يزال لسانك رطباً بذكر الله... ).
تاريخ النشر: ٣٠ / ذو الحجة / ١٤٣٤ مرات الإستماع: 4488 إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين. لا يزال لسانك رطبا بذكر ه. أما بعد: أيها الأحبة، في هذه الليلة نتحدَّث عن الحديث الرابع من أحاديث هذا الكتاب "حصن المسلم"، وهو حديث عبدالله بن بُسر : أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله، إنَّ شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ، فأخبرني بشيءٍ أتشبَّث به؟ قال: لا يزال لسانُك رطبًا من ذكر الله [1]. هذا الرجل يقول: يا رسول الله، إنَّ شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ. ظاهره أنَّه أراد بذلك ما زاد على الفرائض من النَّوافل؛ لأنَّ الفرائضَ لا مندوحة عنها، ويجب على المكلَّف القيام بها، وهي محصورة، محدودة، معلومة، وأمَّا أبواب البرِّ فيما زاد على الفرائض فهي كثيرةٌ، واسعةٌ، قال عنها شيخُ الإسلام -رحمه الله- بأنَّ هذه الشَّريعة بمنزلة الشَّرائع المتعددة [2] ؛ لسعة أبواب البرِّ والعمل الصَّالح فيها، فإذا نظرتَ إلى أبواب التَّعبدات البدنية فهي مُتنوعة: من الصيام بأنواعه، ومن الصَّلاة بأنواعها، ومن حجٍّ وعُمرةٍ، إلى غير ذلك.
ومن أعظم فوائد تعويد الأطفال الأذكار: ترسيخ العقيدة الصحيحة في نفوسهم، لكثرة ما تتضمنه من معاني التوحيد والتوكل على الله، إضافة إلى غرس محبة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته في قلوب الناشئة، وتخلّقهم بأخلاقه وآدابه صلى الله عليه وسلم، إضافة لما فيها من حفظ الله لقائليها ورضاه عنهم ـصغاراً وكباراًـ كقوله صلى الله عليه وسلم في أذكار الصباح والمساء: ( بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) حيث وعد قائلها ثلاثاً في الصباح بأنه لا يضره شيء حتى يمسي، وقائلها ثلاثاً في المساء بأنه لا يضره شيء حتى يصبح. إن ذكر الله نعمة كبرى، ومنحة عُظمى، به تُسْتَجْلَبُ النعم، وتدفع النقم، وهو قوت القلوب، وقرة العيون، وبه تُسَّر النفوس وتنشرح الصدور، وتكشف الهموم،، وتفرج الكروب، وتُمْحَى به السيئات وتُجلب الحسنات، وهو علامة على حياة القلوب، وضده ـالغفلةـ علامة على مواتها، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( مثل الذي يذكر ربه، والذي لا يذكر ربه، مثل الحي والميت) رواه ا لبخاري ، وفي رواية لمسلم: ( مثل البيت الذي يُذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه، مثل الحي والميت).