فقال رجل من القوم يا نبي الله وفي عراقنا. قال: إن بها قرن الشيطان ، وتهيج الفتن ، وإن الجفاء بالمشرق. قال الهيثيمي في المجمع: رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات. وهاتان الروايتان صريحتان في تعيين المراد مما أبهم في غيرها من الروايات. كلام العلماء على المقصود من هذه الأحاديث: لقد تكلم العلماء في تحديد تلك البقعة وهي نجد ، والعجيب أن بعض العلماء حددوا تلك البقعة قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب. وأما المراد بالمشرق في الأحاديث العراق ، وأن نجد هو نجد العراق لا نجد اليمامة. قال الإمام الخطابي (ت: 388) كما حكى عنه الحافظ ابن حجر (13/47): نجد من جهة المشرق ، ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها ، وهي مشرق أهل المدينة. ا. هـ. هل نجد اليمامة قرن الشيطان المذكور في الحديث؟؟. وقال الحافظ (ت: 852) أيضا في الفتح (6/352) عند قول النبي صلى الله عليه وسلم " رأس الكفر نحو المشرق ": وفي ذلك إشارة إلى أن شدة كفر المجوس ، لأن مملكة الفرس ومن أطاعهم من العرب كانت من جهة المشرق بالنسبة إلى المدينة. هـ. وقال الشيخ العلامة الألباني – رحمه الله – في تخريجه لكتاب فضائل الشام ودمشق لأبي الحسن الربعي (ص26): فيستفاد من مجموع طرق الحديث أن المراد من نجد في رواية البخاري ليس هو الإقليم المعروف اليوم بهذا الاسم ، وإنما هو العراق ، وبذلك فسره الخطابي والحافظ ابن حجر العسقلاني … وقد تحقق ما أنبأ به عليه السلام ، فإن كثيرا من الفتن الكبرى كان مصدرها العراق … فالحديث من معجزاته صلى الله عليه وسلم وأعلام نبوته.
وقد ذهب جمهور من المحدثين إلى أن أن نجداً قرن الشيطان، و الرسول صلى الله عليه و سلم أشار إلى المشرق و قال: من هاهنا تخرج الفتن. فإذا مانت كذلك كان ما يخرج منها فتنة و ضلالة. و سبب الشبهة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم، كما يزعمون، قد ذم نجداً و أخبر أنها قرن الشيطان، و منها تخرج الزلازل و الفتن، و قد ظهر فيها من قبل مسيلمة الكذاب، كما شهدت نجد ردة قبائل اعرب من بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم ولكن مع ذلك يقول الشيخ المحدث الالباني – رحمه الله- ( يستفاد من مجموع طرق الحديث، أن المراد من نجد في رواية البخاري ليس هو الإقليم المعروف اليوم بهذا الاسم و إنما هو العراق، و بذلك فسره الإمام الخطابي و الحافظ ابن حجر العسقلاني.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح عن الفتن (13/16) (وأول مانشأ ذلك من العراق من جهة المشرق). وقال أيضاً في الفتح (13/51) (وأول الفتن كان من قبل المشرق فكان ذلك سبباً للفرقة بين المسلمين وذلك مما يحبه الشيطان ويفرح به وكذلك البدع نشأت من تلك الجهة) 6 - قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله في إتحاف الجماعة بماجاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة (1/140)باب ابتداء ظهور الفتن من العراق وكثرتها فيه وفيما يليه من المشرق. 7- قال الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة(5/305) (بعض المبتدعة المحاربين للسنة والمنحرفين عن التوحيد يطعنون في الإمام محمد بن عبد الوهاب مجدد دعوة التوحيد في الجزيرة العربية ويحملون الحديث عليه باعتباره من بلاد نجد المعروفة اليوم بهذا الاسم،وجهلوا أو تجهلوا أنها ليست هى المقصودة بهذا الحديث وإنما هى العراق كما دل عليه أكثر طرق الحديث، وبذلك قال العلماء قديما كالإمام الخطابي وابن حجر العسقلاني وغيرهم).