فتم الثناء بكل كمال. ولأجل هذا المعنى ثبت فى الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان فى الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم... ". والمراد بالسجود فى قوله - تعالى - ( وَكُنْ مِّنَ الساجدين) الصلاة. وعبر عنها بذلك من باب التعبير بالجزء عن الكل ، لأهمية هذا الجزء وفضله ، ففى صحيح مسلم عن أبى هريرة - رضى الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء ". ويؤخذ من هذه الآية الكريمة ، أن ترتيب الأمر بالتسبيح والتحميد والصلاة على ضيق الصدر؛ دليل على أن هذه العبادات ، بسببها يزول المكروه بإذنه - تعالى - ، وتنقشع الهموم... ولذا كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر لجأ إلى الصلاة. فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا. وروى الإِمام أحمد وأبو داود والنسائى من حديث نعيم بن عمار - رضى الله عنه - أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله - تعالى -: " يا بن آدم لا تعجز عن أربع ركعات من أول النهار ، أكفك آخره ". فينبغى للمسلم إذا أصابه مكروه أن يفزع إلى الله - تعالى - بأنواع الطاعات من صلاة وتسبيح وتحميد وغير ذلك من ألوان العبادات.
حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن جده, عن الأعمش, عن مسلم, عن مسروق, قال: قالت عائشة: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أنـزلت عليه هذه السورة ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) لا يقول قبلها: " سبحانك ربنا وبحمدك, اللهمّ اغفر لي". حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا ابن نمير, عن الأعمش, عن مسلم, عن مسروق, عن عائشة, عن النبيّ صلى الله عليه وسلم, مثله. حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن أبي الضحى, عن مسروق, عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: " سبحانك اللهم وبحمدك, اللهمّ اغفر لي", يتأول القرآن. فسبح بحمد ربك حين تقوم. حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن عُلَية, عن داود, عن الشعبي, قال داود: لا أعلمه إلا عن مسروق, وربما قال عن مسروق, عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثر أن يقول: " سبحان الله وبحمده, أستغفر الله وأتوب إليه ", فقلت: إنك تُكثر من هذا, فقال: " إنَّ رَبي قَدْ أخْبَرَنِي أنِّي سأرَى عَلامةً في أُمَّتِي, وأَمَرَنِي إذَا رأَيْتُ تِلكَ الْعَلامَةَ أنْ أُسَبِّحَ بِحَمْدِهِ, وأسْتَغْفِرَهُ إنَّهُ كَانَ تَوَّابا, فَقَدْ رأَيْتُها ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) ".
- ذكر القلب. - ذكر القلب واللسان. وأعلى مراتب هذا الذكر هو ذكر القلب واللسان. ولكن إذا ذكرت بلسانك فقط فأنت في مرتبة من مراتب الذكر أيضا فأشغِل لسانك بالحق حتى لا يشغلَك بالباطل. العلاج الثانى: وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(98):: (الصلاة) أكثِر من السجود. فاقرب ما يكون العبد لربه وهو في هذا الذُل من لحظات السجود.. - كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ(19) سوره العلق. فسبح بحمد ربك قبل طلوع. وكأن القرب من الله يكون بالسجود فاسجُد لتكون قريبا. - وعن ربيعة بن كعب قال: كنت أبيت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- آتيه بوضوئه وحاجته, فقال: سلني, فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة, فقال: أو غير ذلك ؟ فقلت: هو ذاك, فقال: أعني على نفسك بكثرة السجود. رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود.