شهد جانب مكافحة الفساد في المملكة تطورا ملموسا انطلاقا من إدراكها لتأثيره وخطره اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وثقافياً على أي مجتمع، متخذةً ما يلزم لمكافحته، وتقديم الدعم اللازم للجهات واللجان المختصة، مبرزة جهودها في هذا السياق مع احتفاء العالم باليوم العالمي لمكافحة الفساد الذي يصادف 9 ديسمبر من كل عام. وأضحت المملكة تفاخر بهذه الجهود المبذولة في مكافحة الفساد كمنجزات هامة؛ في ظل الإصلاحات الجوهرية التي تعيشها المملكة، ومنها حماية النزاهة ومكافحة الفساد"؛ إضافة لمصادقتها على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في عام 2002م، ومن ثم الإعلان عن الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد في عام 2007م، التي اكتملت بموافقة مجلس الوزراء على تنظيم هيئة مكافحة الفساد بتاريخ 1432/5/28هـ الموافق2011/5/2م. كما توالت العديد من الأنظمة والتطويرات والتعديلات، ومنها صدور الأمر الملكي في 15 صفر 1439هـ، الموافق 4 نوفمبر 2017م، بتشكيل لجنة عليا برئاسة ولي العهد، وعضوية كل من: رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة؛ مما يجسد تطور الأنظمة والقوانين التي تكافح الفساد بشتى صوره بالمملكة.
بالعادة تتشكل شبكة مكونة من جزء من النخبة السياسية والاقتصادية، والتي تقوم بأنشطة وممارسات غير قانونية تقوم من خلالها بالتعدي على المال العام لتحقيق مصالح شخصية لها. الأردن ليس بمنأى عن انتشار ظاهرة الفساد، وهناك إحساس بأنها تناقش بالسنوات الماضية، وأصبحت تنخر بجسم الجهاز البيروقراطي وعلى كافة المستويات، وخاصة ما يمكن تسميته بالفساد الكبير، وأصبح الربط بين الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد والفساد وتراجع سيادة القانون. اليوم العالمي لمكافحه الفساد السعودية. الأردن اتخذ اجراءات قانونية ومؤسسية للحد من هذه الظاهرة، فهناك ديوان المحاسبة الذي يقوم بحرفية الأداء الإداري والمالي في القطاع العام، ويوثق الحالات التي يتم تجاوز القانون من خلالها. كذلك، فإن هيئة النزاهة ومكافحة الفساد تعتبر الذراع الأقوى للدولة في متابعة قضايا الفساد قانونياً ومالياً، والتي تتعامل مع مئات الحالات سنوياً، واحرزت تقدماً ملموسا بمكافحة هذه الظاهرة الآفة. وأخيراً، فإن مجلس النواب، ومن خلال دوره الرقابي، يقوم بمراقبة ومتابعة الأداء الحكومي بهذا المجال. بغض النظر عن كل هذه الآليات، إلا أن هناك انطباعاً شائعاً في المجتمع بأن هذه الجهود غير كافية في مكافحة الفساد.
وبتوقيع هذا العدد الكبير من الدول تمثل 85% من إجمالي أعضاء الأمم المتحدة، أصبح الميثاق أحد الأعراف الدولية المستقرة. وكل هذه مؤشرات على قوة التوافق الدولي على مكافحة الفساد. وأحد أسباب اهتمام الأمم المتحدة بهذا الموضوع هو العلاقة الوثيقة بين التنمية ومكافحة الفساد، ففي كثير من الدول النامية يُعتبر الفساد العائق الأول للتنمية، فعادة ما يكون لديها من الموارد المالية ما يكفي لتمويل التنمية أو تمويل الفساد، ولكن ليس لتمويل الاثنين معا، ومع الأسف يختار أكثرها أن يُغذّي الفساد بدل من أن يُطعم الجياع. اليوم العالمي لمكافحه الفساد أصبح من الماضي. وضّح بان كي مون هذه الصلة بقوله الأسبوع الماضي: "إن تكلفة الفساد لا تُقاس فقط ببلايين الدولارات التي تُهدر أو تسرق من موارد الدولة، ولكن أكثر من ذلك تُلمس من خلال فقدان قدرة الحكومة على بناء المستشفيات، والمدارس، ومياه الشرب، والطرق والجسور التي كان يمكن بناؤها بتلك البلايين التي أهدرت أو سُرقت". ويدمر الفساد الفرص، ويُضعف الالتزام بحقوق الإنسان والمبادئ الديموقراطية، ويخنق التنمية الاقتصادية، ويشوّه العلاقات بين الحكومات وشعوبها. وما هو أسوأ من ذلك أن الفساد يُضعف معنويات الشباب في الدول وتفاؤلهم وإيمانهم بالعدل والمساواة، وربما دفعهم إلى اليأس والعنف سبيلا لتحقيق طموحاتهم.
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة التاسع من ديسمبر يوماً دولياً لمكافحة الفساد في ظل تنامي الاهتمام العالمي بمكافحة هذه الجرائم التي تهدد اقتصاد الدول واستقرار المجتمعات خاصة بعد استفحالها في ظل العولمة وتطور الاتِّصالات، الأمر الذي جعل منها داءً عالمياً مستعصياً على المكافحة بصورة فردية وهو ما يحتم ضرورة العمل الجماعي والتعاون الدولي لمكافحتها. وترتب على جرائم الفساد بمختلف صوره وأشكاله تبعات خطيرة تتماثل جميعها في درجة خطورتها، إِذْ يمكن لكل نشاط بشري أن يصبح بيئة صالحة للفساد الذي يصعب حصر منابعه خاصة في حال غياب الرقيب الفاعل وتوافر العوامل المساعدة، الأمر الذي يستدعي ضرورة رفع كفاءة الأجهزة الرقابية ووجود نظام محكم وواضح للعقوبات. مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية التركيز في الإصلاح على تنمية البواعث الذاتية التي تسد باب الذرائع إلى الإفساد الاقتصادي والإداري من خلال التربية الروحية والخلقية والسلوكية. وزارة التعليم السعودي تشارك في الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد تعرف على التفاصيل - مصر مكس. ويتحقق ذلك بتضافر جهود كآفة مؤسسات المجتمع وحث الجهات العلمية ومراكز البحوث المتخصصة على إجراء مزيد من الدراسات والأبحاث في مجال حماية النزاهة الوظيفية والوقوف على الأسباب والدوافع التي تؤدي إلى الفساد.