ومع شرح الصدر كان أيضا وضع الوزر بمغفرة الذنب، ما تقدم منه وما تأخر، فإن للذنوب ثقلا على النفس والقلب والبدن، وهذا الثقل للذنوب يمنع من العبادات، ويثقل عن الطاعات، ويوهن القلب والبدن عن المسارعة للخيرات، فيُمنع القلب عندها من الانطلاق، والسير إلى الله تبارك وتعالى فيبقى معطلاً، مشغولا بالمدانس، مشغولاً بالخبائث، مشغولاً بالمعاصي التي ترهقه، وتثقله، وتقعده عن سيره، وسفره إلى ربه، وإلى الدار الآخرة. ومن ثم كان تطهير القلب من ذلك من النعم ولهذا امتن الله به على نبيه، {إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما} [الفتح:1، 2]، {ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك}. فشرح الله له صدره، وطهر له قلبه، وغفر له ذنبه، ورفع له ذكره.. كل ذلك توطأة لما سيأتي من الأمر في نهاية السورة {فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب}.. أي شكرا لله على ما أنعم به عليك، وتفضل بكل ما سبق. الفراغ والنصب وقد اختلف العلماء في المفروغ منه والمنصوب فيه، فقال بعضهم: إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل.. وقال بعضهم: إذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء.. وقال آخرون: إذا فرغت من جهاد عدوك فانصب لعبادة ربك.. وقال قوم: إذا فرغت من أمر دنياك، فانصب في عمل آخرتك.
2021-10-19, 09:49 PM #1 فإذا فرغت فانصب موقع الشبكة الاسلامية {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ. وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب} بهاتين الآيتين ختم الله تبارك وتعالى سورة الشرح.. وسورة الشرح ـ كما يقول صاحب التحرير والتنوير: "احتوت على ذكرِ عنايةِ الله تعالى برسوله بلطف الله له، وإزالةِ الغمّ والحرجِ عنه، وتيسير ما عسر عليه، وتشريفِ قدره؛ لِيُنَفِّسَ عنه؛ فمضمونُها شبيهٌ بأنه حجةٌ على مضمون سورة الضحى؛ تثبيتاً له بتذكيره سالف عنايته به، وإنارة سبيل الحق، وترفيع الدرجة؛ ليعلم أن الذي ابتدأه بنعمته ما كان لِيقطع عنه فضله، وكان ذلك بطريقة التقرير بماض يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم". ولكن ما المقصود بالنصب؟ وما هو الشيء الذي يتفرغ منه؟ وكيف يرغب إلى الله تعالى؟ وما الذي يمكن أن يستفيده المسلم من هذا الأمر، خصوصا ونحن مطالبون بالتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل أمر له هو أمر لأمته ما لم يأت مخصص يخصصه برسول الله؟ لقد اختلف العلماء في هذا المعنى وذهبوا فيه مذاهب.. غير أنه لابد لمعرفة مقصود آخر السورة من معرفة معاني أوائلها. حيث يمتن الله تعالى في أوائل السورة على نبيه بأن شرح له صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره.. لأن الاستفهام إذا دخل على النفي قرره.. أي شرحنا لك صدرك.
تفسير و معنى الآية 7 من سورة الشرح عدة تفاسير - سورة الشرح: عدد الآيات 8 - - الصفحة 597 - الجزء 30. ﴿ التفسير الميسر ﴾ فإذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها فَجِدَّ في العبادة، وإلى ربك وحده فارغب فيما عنده. ﴿ تفسير الجلالين ﴾ «فإذا فرغت» من الصلاة «فانصب» اتعب في الدعاء. ﴿ تفسير السعدي ﴾ ثم أمر الله رسوله أصلًا، والمؤمنين تبعًا، بشكره والقيام بواجب نعمه، فقال: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ أي: إذا تفرغت من أشغالك، ولم يبق في قلبك ما يعوقه، فاجتهد في العبادة والدعاء. ﴿ تفسير البغوي ﴾ ( فإذا فرغت فانصب) أي فاتعب ، والنصب: التعب ، قال ابن عباس ، وقتادة ، والضحاك ، ومقاتل ، والكلبي: فإذا فرغت من الصلاة المكتوبة فانصب إلى ربك في الدعاء وارغب إليه في المسألة يعطك. [ وروى عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه قال: إذا صليت فاجتهد في الدعاء والمسألة]. وقال ابن مسعود: إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل. وقال الشعبي: إذا فرغت من التشهد فادع ، لدنياك وآخرتك. وقال الحسن وزيد بن أسلم: إذا فرغت من جهاد عدوك فانصب في عبادة ربك. وقال منصور عن مجاهد: إذا فرغت من أمر الدنيا فانصب في عبادة ربك وصل. وقال حيان عن الكلبي: إذا فرغت من تبليغ الرسالة فانصب ، أي: استغفر لذنبك وللمؤمنين.
وقال عليّ بن أَبي طَلْحَة عن ابن عَبَّاس: فَإِذَا فَرَغْت فَانْصَبْ يَعْنِي فِي الدُّعاء. وَقَالَ زَيْد بْن أَسْلَم وَالضَّحَّاك: " فَإِذَا فَرَغْت " أَيْ مِنْ الْجِهَاد " فَانْصَبْ " أَي في العبادة. " وبهذا كان حال السلف الصالح ونطقت أخبارهم، قال عبد الله بن مسعود:(إني لأمقت أن أرى الرجل فارغاً لا في عمل دنيا ولا آخرة). " فمن خلال هذه المعاني التي فهما السَّلف الصَّالح من هذه الآية الكريمة يظهر جلياً التوجيه الربّاني في أن يعيش المؤمنون العبودية لله في جميع أحوالهم؛ في السَّراء والضّراء، وفي الشدة والرَّخاء، وفي الحضر والسفر، وفي الضحك والبكاء، في المنشط والمكره، ليتمثلوا حقاً قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. (الأنعام: 162)، وأن يكونوا مقتدين بالثلة المباركة من أنبياء الله ورسله ـ الذين أثنى الله عليهم بقوله: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}. (الأنبياء: 90). الواجبات أكثر من الأوقات إنَّ ديننا الحنيف يكره أن يرى أتباعه دون عمل ونشاط وحركة، حيث جاء التوجيه القرآني للمؤمنين بالحركة الدؤوبة والسعي المتواصل في جميع المجالات الأخروية والدنيوية، وبهذا كان حال السلف الصالح ونطقت أخبارهم، قال عبد الله بن مسعود:(إني لأمقت أن أرى الرجل فارغاً لا في عمل دنيا ولا آخرة).
لقد اختلف العلماء في هذا المعنى وذهبوا فيه مذاهب.. غير أنه لابد لمعرفة مقصود آخر السورة من معرفة معاني أوائلها. { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ. وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب} بهاتين الآيتين ختم الله تبارك وتعالى سورة الشرح.. وسورة الشرح ـ كما يقول صاحب التحرير والتنوير: "احتوت على ذكرِ عنايةِ الله تعالى برسوله بلطف الله له، وإزالةِ الغمّ والحرجِ عنه، وتيسير ما عسر عليه، وتشريفِ قدره؛ لِيُنَفِّسَ عنه؛ فمضمونُها شبيهٌ بأنه حجةٌ على مضمون سورة الضحى؛ تثبيتاً له بتذكيره سالف عنايته به، وإنارة سبيل الحق، وترفيع الدرجة؛ ليعلم أن الذي ابتدأه بنعمته ما كان لِيقطع عنه فضله، وكان ذلك بطريقة التقرير بماض يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم". ولكن ما المقصود بالنصب؟ وما هو الشيء الذي يتفرغ منه؟ وكيف يرغب إلى الله تعالى؟ وما الذي يمكن أن يستفيده المسلم من هذا الأمر، خصوصا ونحن مطالبون بالتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل أمر له هو أمر لأمته ما لم يأت مخصص يخصصه برسول الله؟ لقد اختلف العلماء في هذا المعنى وذهبوا فيه مذاهب.. غير أنه لابد لمعرفة مقصود آخر السورة من معرفة معاني أوائلها. حيث يمتن الله تعالى في أوائل السورة على نبيه بأن شرح له صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره.. لأن الاستفهام إذا دخل على النفي قرره.. أي شرحنا لك صدرك.
ولئن كان هذا قبيحاً ومذموماً في حقوق الله، فهو في حقوق الخلق ـ المبنية على المشاحة ـ أشد وأعظم، وكم ندم من كانت عليهم ديون حين تساهلوا في تسديدها وهي قليلة، فتراكمت عليهم، فعجزوا عنها، وصاروا بين ملاحقة الغرماء، والركض وراء الناس وإراقة ماء الوجه للاستدانة من جديد، أو للأخذ من الزكاة!! فهل من معتبر؟! ـ ومن آثار مخالفة هذه القاعدة: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}: أن بعض الناس لا يهتبل ولا يستغل الفرص التي تسنح في طلب العلم، وتحصيله، فإذا انفرط عليه العمر، وتقضى الزمن، ندم على أنه لم يكن قد حصل شيئاً من العلم ينفعه في حياته وبعد مماته! وقل مثل ذلك: في تفريط كثير من الناس ـ وخصوصاً الشباب والفتيات ـ في التوبة، والإنابة، والرغبة إلى الله، بحجة أنهم إذا كبروا تابوا، وهذا لعمر الله من تلبيس إبليس! إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى *** ولاقيت بعد الموت من قد تزودا ندمت على أن لا تكون كمثله *** وأنك لم ترصد بما كان أرصدا وقوله تعالى ـ في هذه القاعدة التي هي مدار حديثنا ـ: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} أبلغ، وأعظم حادٍ إلى العمل، والجد في استثمار الزمن قبل الندم.
شكرا لدعمكم تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة, وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.