وأكدت أن التصوف لم يستقل باعتباره علما إسلاميا له موضوعه ومصطلحه ومنهجه ونظامه المعرفي، إلا ببغداد في القرن الثالث الهجري مع الجنيد البغدادي (830-910م). في حين يقول الدكتور العايدي إن "الناظر في مبادئ التصوف يجدها خرجت من رحم الدين، فمبادئ التصوف نظيفة لا غبار عليها". في المقابل، يبدي إسماعيل بنزكرية معارضته قائلا "مع مرور الزمان طرأت تغيرات على هذا التيار، وتم توظيفه سياسيا من خلال صناعة بعض الزعامات". ويستدرك بنزكرية "لكن كل هذا لا ينفي بقاء جزء كبير من أبناء هذا التيار مرابطين على الحب الإلهي، وهم أهل السند المتصل والرباط النوراني". كتابه اسم ابراهيم بالانجليزي. ويقول مرشد الطريقة الجهرية النقشبندية بدولة الصين الشيخ عبد الرؤوف اليماني الحسني الحسيني للجزيرة نت "إن مبدأ الصوفي الحقيقي في التصوف هو كلام الله، المتمثل في القرآن الكريم، وجميع الكتب التي تؤمن بالخالق والمبدأ الصحيح من الكتب السماوية الخالية من التبديل والتغيير". مرشد الطريقة الجهرية النقشبندية بالصين الشيخ عبد الرؤوف اليماني الحسني الحسيني (الجزيرة) ونجد تحوّلا في نظرية أرنولد نيكولسون في المقال الذي نشره عام 1921م في دائرة معارف الدين والأخلاق تحت عنوان"التصوف"، إذ إنه يعترف صراحة بمنزلة العامل الإسلامي من بين العوامل التي ساعدت في نشأة التصوف.
ويعتقد نيكولسون أنه لا يوجد لدى هامر برجشتال دليل سوى تقارب اللفظين، وحسب الكاتب فإن أول من سمي بالصوفي أبو هاشم الكوفي (توفي 150هـ)، أما كلمة الصوفية بالجمع فظهرت حوالي سنة 199 هجرية. اسم مجد بالانجليزي – محتوى عربي. ويعتبر نيكولسون في كتابه أن نشأة التصوف ترجع إلى عوامل خارجة عن الإسلام، عملت عمَلَها ابتداء من القرن الثالث الهجري، وأهم هذه العوامل وأبرزها في نظره هو التأثر بالأفلاطونية الحديثة المتأخرة التي كانت شائعة في مصر والشام. ويستشهد المؤلف برأي عالم اللاهوت البروتستانتي المؤرخ الألماني فريدريش أوغست جوتريو ثولوك (1799-1877م) الذي ذهب إلى أن التصوف الإسلامي مأخوذ من أصل مجوسي، محتججا بأن كثيرين من مشايخ الصوفية ظهروا في الشمال من إقليم خراسان. أما المستشرق الفرنسي لوي ماسينيون (1883-1962) فله رأي آخر، إذ يقول "التصوف الإسلامي قد أخذ نشأته من صميم الإسلام ذاته". وبدوره يشير إسماعيل بنزكرية، وهو مريد الطريقة الكركرية وخطيب جمعة وواعظ بالمجلس العلمي في طنجة (شمالي المغرب) وأكاديمي مختص بالعلوم السياسية والعلاقات الدولية، "لا يمكنني القول إن التصوف هندي أو وثني أو مسيحي بقدر ما هو نزعة إنسانية ومشاركة بشرية عبر العصور، لأنه ينتمي لعالم الروح المرتبط بأصل الفطرة والنفحة الروحية التي وضعت في الإنسان".
منذ مطلع القرن الـ20، تزايد الاهتمام البحثي بالصوفية، فتزايد وكثر المهتمون بفلسفتها وأفكارها والسائرون وراء غاياتها وأغراضها، ووضعوا لها التأويلات البعيدة والقريبة بغية التوصل لعلاقتها المعرفية بالتاريخ القديم، وأواصر صلتها بالتاريخ الحديث. وفي كتابه "في التصوف الإسلامي وتاريخه"، الصادر عن دار التنوع الثقافي، اعتنى المستشرق الإنجليزي رينولد ألين نيكولسون (1868-1945) بتراث الصوفية في تاريخ الإسلام، إذ رأى فيها أخص مظاهر الحياة الروحية عند المسلمين وأبرزها. وكرّس المستشرق -الذي يعد أفضل المترجمين لأشعار جلال الدين الرومي- حياته الطويلة، أو نيفا و50 عاما منها، في دراسة مصادر التصوف العربية والفارسية، والعوامل التي ساعدت على نشأته ونموه، إذ يتناول المؤلف في هذا الكتاب الزهد والتصوف والفرق بينهما. كتابه اسم خديجه بالانجليزي. التصوف.. نظرة تاريخية يقول الكاتب إن بذور التصوف الأولى ظهرت في نزعات الزهد القوية التي سادت العالم الإسلامي في القرن الأول الهجري، واختلف الباحثون في تفسير كلمة "التصوف"، فمنهم من أرجعها إلى لبس الصوف الذي كان يؤثره المتصوفة على سواه مبالغة في الزهد والتقشف، وفي هذا حاكى العرب رهبان المسيحيين. وقد انفرد البيروني (973-1048م) من بين الكتاب العرب بقوله إن هناك صلة بين اسم الصوفي والكلمة اليونانية "سوفيا"، وأخذ بهذا الرأي المستشرق النمساوي جوزيف فون هامر برجشتال (1774-1856م)، الذي يقول إن كلمة صوفي مأخوذة من كلمة "جمنوسوفيست" (Gymnosophist) ومعناها الحكيم العاري، وهو لفظ يوناني أطلقه اليونان على بعض حكماء الهنود القدماء الذين اشتهروا بحياة التأمل والعبادة.