آخر تحديث: ديسمبر 24, 2021 تفسير: ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين تفسير: ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ذكرت تلك الآية في سورة الأنفال في الآية رقم ثلاثون، ويريد العديد من الأشخاص معرفة المغزى والمقصود من تلك الآية العظيمة. لذلك سوف نوضح لكم في هذا المقال التفسير الخاص بتلك الآية الكريمة بالإضافة إلى عدد من النقاط المتعلقة بها. يقول الله تعالى في سورة الأنفال: "وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" وتعد سورة الأنفال من السور المدنية. يفسر بن القيم المكر بأنه يكون محمودًا ومقبولًا إذا كان بغرض مكافحة أو مواجهة مكر وشر الكفار والمشركين. ويكون مذمومًا وغير مقبولًا ومكروهًا إذا كان قبيحًا ويتم فعله بغرض سيء. وفي هذه الآية العظيمة ذكر مكر الله لمواجهة مكر القوم المشركين. وقال سبحانه وتعالى عن شخصه: "والله خير الماكرين". ولم يصف شخصه بقول أمكر الماكرين، لأن الأولى تعتبر صفة أبلغ في الكمال والقوة. وعن تفسير تلك الآية الكريمة يقول فضيلة الإمام محمد متولي الشعراوي رحمة الله عليه أن المكر يعتبر نوع من أنواع الأشجار. التي تكون فروعها ملتفة حول بعضها البعض كأنها تحمي نفسها فلا يقدر أي شخص أن يقطف منها ورقة.
تفسير ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين وقد عزم الكفار على ذلك وتجمعوا جميعاً أمام منزله منتظرين اللحظة السانحة لقتله إلا أن الله عز وجل أخرجه من بينهم بقدرته العظيمة حيثُ خرج من بينهم دون أن يشعروا به، ليخرج النبي الكريم ويذهب مع الصحابي أبو بكر الصديق ليختبأ في غار ثور دون أن يراهما أحداً. وقد كان ذلك قبل هجرته الشريفة من مكة إلى المدينة المنورة، وحينما خرج الكفار بحثاً عنهم مرة أخرى أعمى الله أبصارهم حيثُ وصلوا إلى الغار ووقفوا أمامه إلا أنهم لم يروا النبي ولا سيدنا أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ ، الذي حدث النبي الكريم قائلاً ، يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى موضع قدمه في الأرض لاستطاع رؤيتنا بالداخل، ليرد عليه خير الخلق واثقاً من ربه العظيم بقوله (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما). وحينها قد تنزلت الآية الكريمة بسورة التوبة التي قال فيها الله ـ عز وجل: " إلا تنصروه فقد نصره الله إذا أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم" ليكون مكر الله خير, اعظم من مكر الكافرين حيثُ أخرج النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ من بين أعداءه دون أن يبصروه بأعينهم، وحتى عندما اشتدت رغبتهم الآثمة في قتله وخرجوا بحثاً عنه حتى وصلوا إلى مكانه إلا أنهم لم يبصروه أيضاَ.
وقال الشيخ الألباني: " كل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك، فإذا توهم الإنسان أمراً لا يليق بالله، فليعلم رأساً أنه مخطئ، فهذه الآية هي مدح لله ـ عز وجل ـ، وليس فيها أي شيء لا يجوز نسبته إلى الله تبارك وتعالى ". إن من دلائل نبوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخصوصياته: عصمة بدنه الشريف من القتل، والأمثلة من سيرته وحياته التي تدل على ذلك كثيرة، ومنها هذه المؤامرة التي دبرها زعماء قريش في دار الندوة.
والحاصِلُ أنَّهُمُ احْتالُوا عَلى إبْطالِ أمْرِ مُحَمَّدٍ واللَّهُ تَعالى نَصَرَهُ وقَوّاهُ، فَضاعَ فِعْلُهم وظَهَرَ صُنْعُ اللَّهِ تَعالى. قالَ القاضِي: القِصَّةُ الَّتِي ذَكَرَها ابْنُ عَبّاسٍ مُوافِقَةٌ لِلْقُرْآنِ إلّا ما فِيها مِن حَدِيثِ إبْلِيسَ، فَإنَّهُ زَعَمَ أنَّهُ كانَتْ صُورَتُهُ مُوافِقَةً لِصُورَةِ الإنْسِ وذَلِكَ باطِلٌ، لِأنَّ ذَلِكَ التَّصْوِيرَ إمّا أنْ يَكُونَ مِن فِعْلِ اللَّهِ أوْ مِن فِعْلِ إبْلِيسَ، والأوَّلُ باطِلٌ لِأنَّهُ لا يَجُوزُ مِنَ اللَّهِ تَعالى أنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ لِيَفْتِنَ الكُفّارَ في المَكْرِ، والثّانِي أيْضًا باطِلٌ، لِأنَّهُ لا يَلِيقُ بِحِكْمَةِ اللَّهِ تَعالى أنْ يَقْدِرَ إبْلِيسُ عَلى تَغْيِيرِ صُورَةِ نَفْسِهِ. واعْلَمْ أنَّ هَذا النِّزاعَ عَجِيبٌ، فَإنَّهُ لَمّا لَمْ يَبْعُدْ مِنَ اللَّهِ تَعالى أنْ يُقْدِرَ إبْلِيسَ عَلى أنْواعِ الوَساوِسِ فَكَيْفَ يَبْعُدُ مِنهُ أنْ يُقْدِرَهُ عَلى تَغْيِيرِ صُورَةِ نَفْسِهِ ؟. فَإنْ قِيلَ: كَيْفَ قالَ: ﴿واللَّهُ خَيْرُ الماكِرِينَ﴾ ولا خَيْرَ في مَكْرِهِمْ. قُلْنا: فِيهِ وُجُوهٌ: أحَدُها: أنْ يَكُونَ المُرادُ أقْوى الماكِرِينَ فَوَضَعَ﴿خَيْرُ﴾ مَوْضِعَ أقْوى وأشَدَّ، لِيُنَبِّهَ بِذَلِكَ عَلى أنَّ كُلَّ مَكْرٍ فَهو يَبْطُلُ في مُقابَلَةِ فِعْلِ اللَّهِ تَعالى.
المكر هو إظهار أمر يعتقد الجاهل به غير حقيقته، والكيد والمكر لا يَدُلان أبدا على القوة؛ إنما يدلان على ضعف؛ لأن الشجاع القوي يجاهر بعدائه؛ لأنه قادرٌ على عدوه، لكنَّ الضعيف هو من يستخدم الحيلة والمكر ليوقع بخصمه، والقوي لحظة أن يمسك بخصم ضعيف قد يُطلِقه وقد يعاقبه، لأنه مطمئن أن قوته تستطيع أن تنال من هذا الضعيف وقتما أراد، لكن الضعيف حين يقبض على قوي، فإنه يعتبر الأمر فرصة لن تتكرر، ويضع في اعتباره أن خصمه أقوى منه حيلة وأرجح عقلا، لذا يخفي الماكر أمر مكره ويبيِّته بليل.
مقالات متعلقة تاريخ الإضافة: 11/7/2020 ميلادي - 21/11/1441 هجري الزيارات: 436430 ﴿ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال: 30].