حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قال: المحروم: هو المحارف الذي يطلب الدنيا وتدبر عنه، فلا يسأل الناس. حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم، قال في المحروم: هو المحارف الذي ليس له أحد يعطف عليه، أو يعطيه شيئا. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عمرو، عن منصور، عن إبراهيم، قال: المحروم: الذي لا فيء له في الإسلام، وهو محارف في الناس. حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا أيوب، عن نافع: المحروم: هو المحارف. وقال آخرون: هو الذي لا سهم له في الغنيمة. * ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم أن ناسا قَدِموا على عليّ رضي الله عنه الكوفة بعد وقعة الجمل، فقال: اقسموا لهم، وقال: هذا المحروم. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، قال: المحروم: المحارف الذي ليس له في الغنيمة شيء. تفسير قوله تعالى: للسائل والمحروم. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، مثله. قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن قيس بن مسلم الجدّلي، عن الحسن بن محمد ابن الحنفية أن النبيّ صلى الله عليه وسلم بعث سرية، فغنموا، وفتح عليهم، فجاء قوم لم يشهدوا، فنزلت: (فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) يعني: هؤلاء.
وجعل في الكشاف تعدية فعل ( سأل) بالباء لتضمينه معنى عني واهتم. وقد علمت احتمال أن يكون ( سال) بمعنى استعجل ، فتكون تعديته بالباء كما في قوله تعالى ويستعجلونك بالعذاب وقوله يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها. وقوله ( للكافرين) يجوز أن يكون ظرفا لغوا متعلقا ب ( واقع) ، ويجوز أن يكون ظرفا مستقرا خبرا لمبتدأ محذوف ، والتقدير: هو للكافرين. واللام لشبه الملك ، أي عذاب من خصائصهم كما قال تعالى فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين. ما معنى ذي المعارج؟. ووصف العذاب بأنه واقع ، وما بعده من أوصافه إلى قوله ( إنهم يرونه بعيدا) إدماج معترض ليفيد تعجيل الإجابة عما سأل عنه سائل بكلا معنيي [ ص: 156] السؤال ؛ لأن السؤال لم يحك فيه عذاب معين وإنما كان مجملا ؛ لأن السائل سأل عن عذاب غير موصوف ، أو الداعي دعا بعذاب غير موصوف ، فحكي السؤال مجملا ليرتب عليه وصفه بهذه الأوصاف والتعلقات ، فينتقل إلى ذكر أحوال هذا العذاب وما يحف به من الأهوال. وقد طويت في مطاوي هذه التعلقات جمل كثيرة كان الكلام بذلك إيجازا ؛ إذ حصل خلالها ما يفهم منه جواب السائل ، واستجابة الداعي ، والإنباء بأنه عذاب واقع عليهم من الله لا يدفعه عنهم دافع ، ولا يغرهم تأخره.
وهذه الأوصاف من قبيل الأسلوب الحكيم ؛ لأن ما عدد فيه من أوصاف العذاب وهوله ووقته هو الأولى لهم أن يعلموه ليحذروه ، دون أن يخوضوا في تعيين وقته ، فحصل من هذا كله معنى: أنهم سألوا عن العذاب الذي هددوا به عن وقته ووصفه سؤال استهزاء ، ودعوا الله أن يرسل عليهم عذابا إن كان القرآن حقا ؛ إظهارا لقلة اكتراثهم بالإنذار بالعذاب. فأعلمهم أن العذاب الذي استهزءوا به واقع لا يدفعه عنهم تأخر وقته ، فإن أرادوا النجاة فليحذروه. وقوله ( من الله) يتنازع تعلقه وصفا ( واقع) و ( دافع). و ( من) للابتداء المجازي على كلا التعلقين مع اختلاف العلاقة بحسب ما يقتضيه الوصف المتعلق به. فابتداء الواقع استعارة لإذن الله بتسليط العذاب على الكافرين وهي استعارة شائعة تساوي الحقيقة. وأما ابتداء الدافع فاستعارة لتجاوزه مع المدفوع عنه من مكان مجازي تتناوله قدرة القادر مثل ( من) في قوله تعالى وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه وقوله يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله. وبهذا يكون حرف ( من) مستعملا في معنيين مجازيين متقاربين. وإجراء وصف ( ذي المعارج) على اسم الجلالة لاستحضار عظمة جلاله ولإدماج الإشعار بكثرة مراتب القرب من رضاه وثوابه ، فإن المعارج من خصائص منازل العظماء قال تعالى لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون.
[ ص: 155] وإنما اجتلب هنا لغة المخفف لثقل الهمز المفتوح بتوالي حركات قبله وبعده وهي أربع فتحات ، ولذلك لم يرد في القرآن مخففا في بعض القراءات إلا في هذا الموضع ؛ إذ لا نظير له في توالي حركات ، وإلا فإنه لم يقرأ أحد بالتخفيف في قوله ( وإذا سألك عبادي) وهو يساوي ( سال سائل بعذاب) بله قوله: سالتهم وتسالهم ولا يسالون.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت أبا إسحاق يحدّث عن قيس بن كركم، عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية (لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) قال: السائل: الذي يسأل والمحروم: المحارَف. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن قيس بن كركم، قال: سألت ابن عباس، عن قوله: (لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) قال: السائل: الذي يسأل، والمحروم: المحارَف الذي ليس له في الإسلام سهم. حدثني محمد بن عمر بن عليّ المقدمي، قال: ثنا قريش بن أنس، عن سليمان، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب: المحروم: المحارف. حدثنا ابن بشار وابن المثنى، قالا ثنا قريش، عن سليمان، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، مثله. حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، عن أبي بشر، قال: سألت سعيد بن جبير، عن المحروم، فلم يقل فيه شيئا؛ قال: وقال عطاء: هو المحدود المحارف. حدثنا ابن حميد، ثنا مهران عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن قيس بن كركم، عن ابن عباس، قال: السائل: الذي يسأل الناس، والمحروم: الذي لا سهم له في الإسلام، وهو محارف من الناس. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: المحروم: الذي لا يُهدى له شيء وهو محارف.
مقالات متعلقة تاريخ الإضافة: 15/11/2017 ميلادي - 26/2/1439 هجري الزيارات: 53833 ما معنى ذي المعارج ؟ الدَّلاَلاَتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسمِ (ذي المعارج) [1]: عَرَجَ فِي الدَّرَجَةِ والسُّلَّمِ يَعْرُجُ عُرُوجًا، أي: ارْتَقَى. وعَرَجَ فِي الشَّيءِ وعليه يَعْرِجُ ويَعْرُجُ عروجًا أيضًا: رَقِيَ. وعَرَجَ الشيءُ فهو عَرِيجٌ: ارتفع وعلا. وفِي التنزيل: ﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ﴾ [المعارج: 4]؛ أي: تَصعَدُ. والمَعْرَجُ: المصْعَدُ والطريقُ الذي تصعَدُ فيه الملائكةُ. وعُرِجَ بالرُّوحِ والعملِ: صُعِدَ بهما [2]. وُرُودُهُ فِي القرآنِ الكريمِ: وَرَدَ مرَّةً واحدةً فِي قوله عز وجل: ﴿ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ ﴾ [المعارج: 1 - 3]. مَعْنَى الاسمِ فِي حَقِّ الله تَعَالَى: قال قتادة: "﴿ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ ﴾ [المعارج: 3]، ذي الفواضِلِ والنِّعَم" [3]. وقال الفَّراءُ: "وقوله: "﴿ ذِي الْمَعَارِجِ ﴾: مِنْ صِفَةِ الله عز وجل؛ لأَنَّ الملائِكةَ تعرُجُ إلى الله عز وجل؛ فوصَفَ نفسَهُ بذلك" [4]. وقال ابنُ جريرٍ: "وقوله: ﴿ ذِي الْمَعَارِجِ ﴾ يعني: ذا العُلُوِّ والدرجاتِ والفواضلِ والنِّعمِ" [5].
لم تستطع أم قيس إقناعه بالطلاق من لبنى، لكنها وجدت سبيلاً آخر عندما مرض قيس مرضاً شديداً، برئ منه بعد فترة، فتوجهت إلى والده وقالت: لقد خشيت أن يموت قيس ولم يترك خلفاً، وقد حرم الولد من هذه المرأة، وأنت ذو مال، فيصير مالك إلى الكلالة، فزوِّجه غيرها، لعل الله عز وجل يرزقه ولداً، وألحت عليه في ذلك. بعد هذا الاقتراح عكف الوالدان على محاولة تزويج قيس بأخرى، بحجة أن لبنى لا تنجب الأولاد، ولما رفض قيس أن يفعل ما يسوء زوجته أقسم عليه والده إلا أن يطلقها. وبلغ الأمر بذريح أنه أقسم ألا يُظله سقف بيت أبداً ما دام قيس متزوجاً بلبنى، فأصبح يقضي يومه في العراء تحت الشمس، محاولاً الضغط على ولده، الذي كان يقف طوال اليوم إلى جانب والده، يُظله بردائه حتى تغيب الشمس. ويقال إن ذريحاً مكث سنة على هذه الحال، إلى أن طلق قيس زوجته. وقال ليث بن عمرو، إنه سمع قيس بن ذريح يقول ليزيد بن سليمان: هجرني أبواي اثنتي عشرة سنة، أستأذن عليهما فيردّاني، حتى طلقتها. الخليفة أهدر دمه يقال إنه لما رحلت لبنى إلى أرض قومها بعد أن أنهت عدتها، تبع قيس موكبها وهو يبكي ويقبل التراب منشداً: وما أحببت أرضكم ولكن أقبل أثر من وطئ الترابا لقد لاقيت من كلف بلبنى بلاء ما أسيغ له الشرابا إذا نادى المنادي باسم لبنى عييت فلا أطيق له جوابا ومرض قيس بعد فراق لبنى مرضاً شديداً، وبات يذكر اسمها ويغزل عنها الأشعار ليلاً نهاراً، ولما يئس ذُريح من ابنه استشار قومه في دائه، فاتفقت آراؤهم على أن يأمروه بالتجول في أحياء العرب، فلعل عينيه تقعان على امرأة تستميل قلبه، فأقسموا عليه أن يفعل ففعل.
كان قيس بن ذريح من عشاق العرب المشهورين، وكان معظم شعره في لبنى. وشعره جميل المعاني سهل التركيب متين السبك، وأكثره مقطّعات، وقد تطول قصائده. وأطول قصيدة لقيس بن ذريح تبلغ اثنين وخمسين بيتا، مطلعها (الأمالي 2:318 وما بعدها): عفا سرف من أهله فسراوع... فجنبا أريك فالتّلاع الدوافع و يبدو أن الاشعار التي رواها الاصفهانيّ لقيس بن ذريح (الاغاني 9: 178-220) قد قيل بعضها قبل طلاق لبنى و بعضها بعد طلاق لبنى. و لا يبعد أن يكون في هذه الاشعار أشياء منحولة. و كان قيس بن الملوّح (مجنون ليلى) يعجب بشعر قيس بن ذريح و يفيق من ذهوله إذا سمع أحدا ينشده.
عمان1:قيس بن الملوح لم يكن الشاعر الوحيد الذي سلبه العشق لباب عقله، فقد حطَّم فراق لبنى قلب قيس بن ذريح أيضاً، حتى سُمي بمجنون لبنى، الذي خلَّف لنا هو الآخر إرثاً شعرياً يروي قصة هيامه ومعاناته من الحب وآلام الفراق. فما هي قصة قيس بن ذريح الذي لم مات مكلوماً بعد موت محبوبته بثلاثة أيام؟ قصة قيس بن ذريح ولبنى عاش قيس بن ذريح الليثي الكناني في القرن الأول من الهجرة في بادية الحجاز، وقد كان أخاً للحسين بن علي من الرضاعة، وقد كان قيس شاعراً، زاده هيامه بلبنى بلاغة وفصاحة. التقى الحبيبان ظهيرة يوم حار، عندما كان قيس ماراً ببني كعب ليقضي بعض حوائجه، وقد ألهبه الحر فاقترب من خيمة مستسقياً أهلها، فقدمت إليه فتاة فارعة الطول، بارعة الجمال، ساحرة العينين جرعة ماء، زادته ظمأً، بعد أن أشعلت نيران الحب بداخله. منذ تلك اللحظة هام قيس بلبنى، وبات طيفها يلاحقه أينما ذهب، حتى لم يعد يطيق صبراً للاجتماع بها، ونظم فيها أشعاراً تنافس في روعتها تلك التي نظمها ابن الملوح في غرام ليلى. الحسين بن علي وسيطاً بين المحبين لم يعد غرام قيس بلبنى سراً، فقد بات القاصي والداني يعلم ما يكنّ قيس من الهوى، بعد سماع أشعاره التي تصف هيامه ولوعته.
زواج قيس بن ذريح الليثي بامرأة أخرى لما رأى الوالد ما كان منه حال ولده، استشار قومه فعرضوا عليه أن يأمر قيسًا بعد الشفاء بالتجول في أحياء العرب لعل عينه تقع في جمال امرأة تنسيه حب لبنى وفعلًا هذا ما كان، وهو يتجول ذات مرة التقى بفتاة جميلة فسألها عن اسمها فقالت: لبنى، فسقط مغشيًا عليه ولما أفاق قالت له: "إن لم تكن قيس بن ذريح فأنت مجنون"، وغادر قيس حي فزارة وأبلغ أخ لبنى بالخبر فجاء يبحث عنه حتى وجده، فالتمس منه المكوث عندهم وطلب منه المصاهرة. وافق قيس على الزواج بلبنى وعرض أخوها دفع الصداق عنه، لكن قيس رفض ذلك فعاد إلى قومه وأخبر والده ففرح فرحًا شديدًا وجاؤوا لخطبة العروس. علمت لبنى حبيبته الأولى بزواج قيس وهي التي رفضت الزواج بعد طلاقها، فلما علمت بذلك قالت: إن قيسًا لغدار، لقد رفضت الزواج أكثر من مرة أما الآن وبعد زواج قيس سأوافق على الزواج.