هذا هو الصحابي ربعي بن عامر رضي الله عنه ، فهل رأيت مثل هذا؟؟ ، قوة وبيان ، وسرعة بديهة ، ووضوح حجة ،ورباطة جأش ، وثبات موقف ،هل رأيت كهذا ؟ لقد حدد الصحابي ربعي بن عامر رضي الله عنه غاية المسلم ، وهي: " إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد " ، وحدد مصير المسلم ، وهو: " موعود الله بجنة الله " ، وأن كل هذه الإغراءات من الحرير والذهب والنمارق والأرائك لم تهز شعرة منه ، ولم تستطع أن تشغله عمَّا أعده الله له في موعوده ، حيث له فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر. الدعاء
ليلى الشافعي صحابي جليل، كان معاقا بسبب شدة عرجه وصعوبة مشيه وحركته، لكنه تميز بطلاقة اللسان والقدرة على التفاوض، حيث أرسله سعد بن أبي وقاص الى قائد الفرس رستم فكان من أنجح السفراء والمبعوثين السياسيين نظرا لصلابة عقيدته وشجاعته وإخلاصه في المهمة، ولم تحل إعاقته دون اختياره لتلك المهمة الصعبة، ومن هنا كتب التاريخ عن ان معاقا أعرج تحدى أكبر قادة جيوش العالم في قصره الامبراطوري. دعوة ربعي بن عامر لرستم في معركة القادسية، بعث سعد رسولا الى رستم (قائد الفرس) وهو ربعي بن عامر، فدخل عليه وقد زينوا مجلسه بالنمارق المذهبة، والزرابي الحرير، وأظهر اليواقيت واللآلئ الثمينة والزينة العظيمة، وعليه تاجه، وغير ذلك من الأمتعة الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب. ودخل ربعي بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائل وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه، فقالوا له: ضع سلاحك. فقال: اني لم آتكم وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإنما تركتموني هكذا وإلا رجعت. فقال رستم: ائذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق فخرق عامتها، فقالوا له: ما جاء بكم؟ فقال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد الى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا الى سعتها، ومن جور الأديان الى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه الى خلقه لندعوهم اليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبدا حتى نفضي الى موعود الله، قالوا: وما موعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي، فقال رستم: لقد سمعت مقالتكم فهل لكم ان تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا؟ قال: نعم، كم أحبُّ اليكم، يوما أو يومين؟ قال: لا بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا.
قال له " رستم ": " ما كنت أطنُّ أني أعيش حتى أسمع منكم هذا معشر العرب ، لا أمسي غدًا حتى أفرُغ منكم وأقتلكم كلّكم ". أرأيت أخي الحبيب كيف كان رد " المغيرة " ـ رضي الله عنه ـ أمام هذه التهديدات ، وتلك الإغرءات ، لقد قابل تهديداته باستهزاء ، وإغراءته بإعراض ، ولم ينس أن يعرض على " رستم " دعوة الله ، فلما أصر " رستم " على عناده واستكباره ، وجهز جيشه وجنده ، كان جزاؤه القتل ، وكان ذلك على يد " هلال بن عُلَّفـة التيمي ".
فاجتمع رستم برؤساء قومه فقال: هل رأيتم قط أعزَّ وأرجح من كلام هذا الرجل؟ فقالوا: معاذ الله أن تميل إِلى شيء من هذا وتدع دينك إلى هذا الكلب أما ترى إلى ثيابه؟ فقال: ويلَكم لا تنظروا إلى الثياب، وانظروا إلى الرأي والكلام والسيرة، إن العرب يستخفُّون بالثياب والمأكل ويصونون الأحساب. --- المصادر [ عدل] كتاب البداية و النهاية كتاب تاريخ الطبري كتاب الإصابة في معرفة الصحابة كتاب تاريخ دمشق