وقد قال علماؤنا المالكية: إن الدنانير والدراهم خواتيم الله عليها اسمه; ولو قطع على قول أهل التأويل من كسر خاتما لله كان أهلا لذلك ، أو من كسر خاتم سلطان عليه اسمه أدب ، وخاتم الله تقضى به الحوائج فلا يستويان في العقوبة. قال ابن العربي: وأرى أن يقطع في قرضها دون كسرها ، وقد كنت أفعل ذلك أيام توليتي الحكم ، إلا أني كنت محفوفا بالجهال ، فلم أجبن بسبب المقال للحسدة الضلال فمن قدر عليه يوما من أهل الحق فليفعله احتسابا لله تعالى.
ولا يمكن ألا نأخذ على محمل الجد تهديد الجنرال احتياط عوزي ديان نائب رئيس الأركان ورئيس مجلس الأمن القومي الأسبق، لجميع المواطنين العرب في إسرائيل، وليس فقط لمنفذي العمليات «بنكبة جديدة»؛ وذلك حين صرّح قبل يومين، بعنجهية واضحة ومستفزة، وقال في لقاء متلفز: «في حالة وصولنا إلى حرب أهلية، فهذه ستنتهي بحدوث نكبة أخرى.. تفسير قوله تعالى وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ - إسلام ويب - مركز الفتوى. علينا أن نتصرف كما وأننا في حالة طوارئ، ما يشبه حرب الاستقلال، حرب التحرير، ويجب أن ننهيها في الداخل أيضا». لقد بدأ الناس في إسرائيل يذوّتون معنى «العسكرة» ويتصرفون وفق فهمهم الغريزي لها، كما رأينا في الاعتداءت الكثيرة على المواطنين العرب في مواقع مختلفة في البلاد، أو داخل الجامعات مثلما حصل في الأسبوع الماضي داخل حرم الجامعة العبرية في القدس، عندما اعتَقل طالبان يهوديان، تبين انهما يعملان في سلك الشرطة خارج ساعات الدراسة في الجامعة، طالبين عربيين بحجة أنهما كانا يغنيان أغنية تحريضية.. ويبقى هذا غيض من فيض. لديّ ما أقوله حول «داعشية» منفذي عمليتي بئر السبع والخضيره وكيف ولدت هذه الهوية وشبيهاتها بيننا، ومن يعمل ماذا، مباشرة أو بغير مباشرة، ضدها أو معها؟ لكنني لا أكتب حول هذه القضية، فهمّي الأكبر اليوم هو أن أنبّه مجدّدا، مثلما فعل كثيرون قبلي وأجمعوا على اننا قريبون من «يوم الدين»؛ فالفاشية تستحكم بيننا والعسكرة تتفشى ويستقوي بلطجيّوها؛ ونحن نجترّ عجزنا ويكتفي بعضنا بشجب هذه العمليات وآخرون بكتم سعادتهم من نتائجها داخل صدورهم.
فهذا ما قاله يسوع. وأنت لك مطلق الحريّة أن تختلف مع هذا، بل وحتى أن تشعر بالاستياء. لكن يجب أن ترى بوضوح ان يسوع نفسه يقول هنا إن رفضه يعني رفض الله، وإنكار الحق، وأنه بمثابة إعلان من غير المؤمن بأنه "[ليسوا] مِنَ اللهِ. " في يوحنا 30:10، يسوع يُضاعف من ادعاءاته قائلًا: "أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ. " ومرةٍ أخرى، يأخذ اللاهوتيّون اليهود الحجارة لرجمه، الأمر الذي ما كان يمكنهم فعله لو أن كل ما كان يقصده يسوع هو أنه هو والله "في ذات الفريق". يوضح يوحنا هنا في 33:10 دافعهم: أَجَابَهُ الْيَهُودُ قَائِلِينَ: لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَل حَسَنٍ، بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ، فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلهًا. هل يعبد المسيحيون واليهود نفس الإله؟ - ائتلاف الإنجيل. أعتقد أنه من الهام جدًا أن نفهم هذا التضاد الجوهريّ، إذا أردنا فَهم كلًا من اليهوديّة الأرثوذكسيّة والمسيحيّة القويمة التي خرجت منها منذ زمن المسيح فصاعدًا. فلم يكن الصراع بين يسوع واليهود في أيامه حول مدى جمال يسوع ومدى لؤم الفريسييّن. هذه قراءة سطحيّة للغاية لعلاقة يسوع بالقادة الدينيين، والذي يُعَدّ السبب الشائع لدى العالم غير المسيحيّ لسبب رفض اليهود للمسيح وقتلهم إياه. ولكن صراع يسوع مع الكتبة والفريسيين لم يكن مُجرّد صراع شخصيّ.
ونحن نعلم أن هذا ما فهمه اليهود من كلامه حين امسكوا بالحجارة لرجمه (يوحنا 59:8). فهذا ما يشعر أي يهوديّ صالح بأن عليه أن يفعله حين يسمع مثل هذا التجديف الصارخ. مرة أخرى، هذا ليس مجرّد خلاف في الرأي، وليس مجرّد عبادة نفس الإله بطرقٍ مختلفة. إذا كان يسوع بالحقيقة هو الله، وحاولت قتله، فكيف لنا بأي حال أن نقول إنك تؤمن وتعبد ذات الإله؟ وهذا ليس رأيًا متطرفًا منغلقًا، إنما هو ذات الرأي الذي أوضحه يسوع بنفسه في ذات الإصحاح. أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: أَبُونَا هُوَ إِبْرَاهِيمُ. قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيمَ، لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ! وَلكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللهِ. هذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ. أَنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ أَبِيكُمْ». فَقَالُوا لَهُ: إِنَّنَا لَمْ نُولَدْ مِنْ زِنًا. لَنَا أَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. ماذا يعبد اليهود. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: لَوْ كَانَ اللهُ أَبَاكُمْ لَكُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي، لأَنِّي خَرَجْتُ مِنْ قِبَلِ اللهِ وَأَتَيْتُ. لأَنِّي لَمْ آتِ مِنْ نَفْسِي، بَلْ ذَاكَ أَرْسَلَنِي.
من تلبيس إبليس على بني آدم أن حصر لهم الفواحش والمعاصي في صورها الأصلية وسول لهم التحايل على الأوامر والنواهي فإذا ما وجد مدخلًا في قلب بني آدم لا يتوانى عن الزحف إلى أن قال رسول ﷺ: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. كيف استطاع إبليس التلبيس على بني آدم بحصر الفواحش والمعاصي في صورها الأصلية؟ عن أبي هريرة قال رسول الله ﷺ: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: يا رسول الله وما هُنْ؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات. ظن بعض بني آدم من ذوي التفكير السطحي أنهم في مأمن طالما لم يرتكبوا السبع الموبقات في صورها المباشرة الواضحة التي نهى عنها الله ورسوله فدخل إليهم الشيطان بفتنة العقل المفكر والعبقرية الغير مسبوقة المسؤولة في التحايل على الأمور والنواهي وقد فعلها بني إسرائيل من قبل في واقعة أصحاب السبت إذ حرم الله عليهم الصيد في هذا اليوم. تحايل بني إسرائيل على النهي ظنًا منهم أنهم بلغوا مبلغًا فكريًا عبقريًا لم يأتي به أحدٌ من قبلهم وعليه قاموا برمي شباك الصيد في البحر يوم السبت إلا أنهم انتشلوها يوم الأحد مخالفة ليومٍ نهى الله عنه وفرحوا بما أتاهم لكن الله غضب من فعلهم وحلت عليهم لعنة السخط إلى قردة.
علينا أن نصحو وأن نجد ما يسعفنا لنخرج أحياء من المستنقع ونبقى فوق أرضنا وليس أمواتا داخل أغماد حقنا يجب أن نقرأ ما يكتبه هؤلاء المحرّضون، حتى لو كنا على يقين بعدم صحته، أو بما يرمون من ورائه ؛ فدور الإعلام العبري العنصري في تجنيد الرأي العام الإسرائيلي حاسم من دون أدنى شك، وعلاقته مع صنّاع القرار السياسيين والأمنيين متبادلة، فهم يستغلونه من أجل ترويج عقائدهم وزيادة شعبيتهم، كما شاهدنا في قضية نتنياهو وأصحاب موقع «واللا»؛ وهو، أي الإعلام، يتحوّل إلى قوة تأثير هائلة على جنوح هؤلاء القادة نحو فضاءات الرعاع، وتغذية مواقفهم ونشاطاتهم الوحشية؛ وهو كما أشرنا سابقا من أهم مؤشرات تعاظم الفاشية. لقد كان الاعلان عن إقامة « كتيبة بارئيل» قبل مدة قصيرة – وهي عبارة عن مبادرة لتشكيل ميليشيا مختلطة من العناصر الشرطية والأمنية، على أنواعها، ومن سوائب العنصريين اليمينيين المتطرفين – مؤشرا على اختمار المجتمعات اليهودية، وانتقالها من مرحلة «التخصيب العقائدي الذهني» «والشحن الغوغائي العاطفي» الفاشيَّين، إلى مرحلة الانطلاق الفعلي نحو تحقيق الأهداف. لا يمكن اعتبار هذه المبادرة مجرد نزوة؛ فكما أسلفنا تعتبر عملية عسكرة المجتمع وإدماجه، بمنهجية فوقية، في البنى الأمنية والعسكرية الرسمية، من أهم الدلائل على تحوّل الدولة، وفي حالتنا إسرائيل، من دولة لديها جيش، كان الأقرب إلى التقديس، ومؤسسات وقوانين، كانت عنصرية، نحو دولة يتحكم فيها نظام فاشي متكامل ومجتمع متماهٍ مع ذلك النظام، يتغذّى منه ويغذّيه.