ويتحدد البحث في المسائل التي جرى فيها عمل قضاة محكمة التمييز في المملكة العربية السعودية على خلاف المذهب الحنبلي المعتمد عند المتأخرين من الحنابلة، في أبواب الفقه المتصلة بالعمل القضائي في المحاكم التابعة لوزارة العدل - محاكم القضاء العام -، وهي أبواب المعاملات والأحوال الشخصية والجنايات والحدود والأقضية وما يتصل بها. واتبع البحث: أ- المنهج الاستقرائي، وذلك بجرد مظانِّ المسائل التي جرى عليها العمل القضائي بخلاف المذهب الحنبلي، وجمعها وتقييدها. ب- المنهج الاستنباطي، وذلك بدراسة المسائل المقيدة دراسة علمية، بهدف الوصول إلى سبب عدول القضاة عن المذهب الحنبلي في هذه المسائل. وتتكون الخطة العامة للبحث من مقدمة، وقسم نظري، وقسم تطبيقي يتضمن دراسة مسائل الموضوع في أربعة فصول، وخاتمة، وبيانها حسب الآتي: المقدمة: تشتمل المقدمة على مدخل للبحث، وعنوانه، وبيان مشكلته، وحدوده، وأهميته وأسباب اختياره، والدراسات السابقة حول الموضوع، وتشمل أهداف البحث، والمنهج الذي سار عليه الباحث، وإجراءات البحث، وخطة مجملة لمحتويات البحث ومسائله. القسم النظري: وفيه تمهيد في التعريف بمصطلح ما جرى عليه العمل، وتاريخه، وأسباب جريان العمل، ومدى إلزام القضاة بالحكم بما جرى عليه العمل، وفيه ستة مباحث: المبحث الأول: تعريف مصطلح ما جرى عليه العمل.
[٤] [٤] أهم علماء المذهب الحنبلي يوجد الكثير من العُلماء في المذهب الحنبلي، نذكر منهم ما يأتي: [٥] إبراهيم بن إسحاق الحربي البغداديّ. إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوريّ. أحمد بن حُميد، أبو طالب المشكانيّ. أحمد بن محمد بن الحجاج، أبو بكر المروذي. أحمد بن محمد بن هانئ، أبو بكر، الأثرم، الطائي، وقيل: الكليي الاسكافيّ. سمات أصحاب المذهب الحنبلي يتسمّ المذهب الحنبليّ بالعديد من الخصائص والسمات، نذكر منها ما يأتي: [٦] إعطاء الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر أهميّةٌ كُبرى من حيث التطبيق والتنفيذ. العناية بالحديث الشريف وتطوير عُلومه. أخلاق الإمام أحمد وسيرته، واتّساع علمه؛ الأمر الذي ساعد في انتشار مذهبه، وتناقله بين الأمصار. اتّباع الصحابة والسلف، والوقوف في وجه كُل من يحاول الخدش في الدين. الزُهد. أهم كتب المذهب الحنبلي توجد العديد من الكُتب الفقهيّة المُعتمدة في المذهب الحنبلي، نذكر منها ما يأتي: [٧] كتاب شرح العُمدة ؛ لمؤلفه شيخ الإسلام ابن تيمية، ويُعدُّ هذا الكتاب من أوسع الكُتب في المذهب الحنبلي من حيث الروايات، وأقوال الأصحاب المُتقدّمين، والتفصيل في أقوال المذهب ومُناقشتها، والترجيح بينها.
الشيخ القاضي أحمد بن عبدالله القاري (ت 1359هـ) من أعلام الفقه والقضاء في تاريخ السعودية الحديث، كان عضواً بمجلس الشورى، ورئيساً للمحكمة الشرعية الكبرى بمكة المكرمة. ورغم أن اسمه وأعماله محصورة بين الباحثين والمختصين، إلا أن الرجل قدم منذ وقت مبكر مشروعاً عظيماً في تقنين الفقه، وصياغة مسائل مذهب الإمام أحمد بن حنبل على شكل مواد وبنود قانونية، جاءت في عمل سماه (مجلة الأحكام الشرعية)، في 680 صفحة، ويحتوي على 21 كتاباً، اشتمل على كثير من المسائل والقواعد الفقهية في المذهب الحنبلي، ويعد مرجعاً ومصدراً علمياً للفقهاء والقضاة والقانونيين. جهد القاري الذي تطوع وانبرى له بشكل شخصي كان نواة حلم ورغبة عند الملك عبدالعزيز -يرحمه الله-، حين استقرت شؤون البلاد، وتوحدت أطرافها، كان الملك يرغب في أن يرى مدونة قضائية لضبط فروع الفقه وأحكام القضاء، حتى يسهل على القاضي والمتقاضي، وعموم الناس الرجوع إليها والاستفادة منها، وتيسر للناس شؤونهم، وتسهل لهم الطريق لمعرفة الأحكام الفقهية. ونشرت جريدة أم القرى في تاريخ 26 أغسطس 1927، إعلانا لرغبة الملك عبدالعزيز، وحثاً للعلماء المختصين أن يشاركوا في هذا المشروع الكبير، حيث جاء في الإعلان: (إن جلالة الملك حفظه الله يفكر في وضع مجلة للأحكام الشرعية، يعهد إلى لجنة من خيار علماء المسلمين استنباطها من كتب المذاهب الأربعة المعتبرة، وهذه المجلة تكون مشابهة في طريقة كتابتها لمجلة الأحكام العدلية الحنفية، لكن تختلف عنها بأمور أهمها عدم التقيد حين الاستنباط بمذهب دون آخر، بل تأخذ ما تراه في صالح المسلمين من أقوى المذاهب حجة ودليلاً من الكتاب والسنة).
صدر حديثًا كتاب " ما جرى عليه العمل في محاكم التمييز على خلاف المذهب الحنبلي "، تأليف: د. " فيصل بن إبراهيم الناصر "، القاضي في المحكمة العامة بالرياض، من إصدارات " الجمعية العلمية القضائية السعودية "، نشر: " دار الحضارة للنشر والتوزيع ". وأصل هذا الكتاب أطروحة علمية تَقدَّمَ بها الكاتب لنيل درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية تخصص عقيدة، وذلك من كلية التربية بجامعة الملك سعود، تحت إشراف د. "عبدالله بن برجس الدوسري"، وذلك عام 1437 - 1438 هـ. ومصطلح ( ما جرى عليه العمل) مصطلح مالكيُّ المنشأ، أندلسيُّ المبدأ، وقد اشتهر عند المالكية وألَّفوا فيه وجمعوا مسائله، وقد تطوَّر الأخذ بما جرى عليه العمل لديهم فصار يُفرَد بالتصانيف. ويراد بهذا المصطلح في هذا البحث (القول الفقهي المخالف للمعتمد من المذهب الحنبلي لدى متأخري الحنابلة، الذي ألزم القضاة بالحكم به، أو حكم به ثلاثةٌ منهم فأكثر؛ لسبب معتبر، وجرى عمل المحكمة المختصة بتدقيق الحكم على تصديق الحكم الموافق لهذا القول). وقد وجد الكاتب خلال تجربته في العمل القضائي أن ثمت مسائلَ فقهية جرى فيها عمل قضاة المحاكم السعودية أو كثير منهم على خلاف المذهب الحنبلي، وإنما ذهبوا إلى ذلك مراعاة لأسباب واعتبارات متنوعة، كما سبقت الإشارة إليه، فرأى أنه من النافع جمع هذه المسائل ودراستها، والوصول إلى سبب العدول فيها عن المذهب الحنبلي؛ ففي هذا الجمع وهذه الدراسة إفادةٌ عظيمة للمبتدئين في القضاء وللقضاة عمومًا وللمشتغلين بالفقه الإسلامي دراسة أو تدريسًا؛ إذ يهمهم معرفة ما جرى عليه العمل في المحاكم؛ ليصلوا إلى ربط الجانب النظري بالواقع العملي.
• أحمد في الكتب الستة: ومن جملة تلاميذه المباشرين وبواسطة، أصحاب الأصول الستة. قال الذهبي: "حدث عنه البخاري حديثاً، وعن أحمد بن الحسن عنه حديثاً آخر في المغازي، وحدث عنه مسلم، وأبو داود بجملة وافرة، وروى أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه عن رجل عنه" (١). وإليك ذلك الحديث المذكور في مغازي "الجامع الصحيح": "حدثني أحمد بن الحسن، حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال، حدثنا معتمر بن سليمان، عن كهمس، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ست عشرة غزوة" (٢). وأما الحديث الثاني، فهو موقوف على ابن عبَّاس في كتاب النكاح. قال البخاري: وقال لنا أحمد بن حنبل: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، حدثني حبيب، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس: حرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع. ثم قرأ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] الآية. وذكر الآثار بطولها (٣). • قلة أحاديث أحمد في صحيح البخاري وسببها: ذكر الحافظ ابن حجر سبب إقلال البخاري من التخريج للإمام أحمد في "صحيحه" ، فقال: وليس للمصنف في هذا الكتاب رواية عن أحمد إلا في هذا الموضع -إشارة إلى الحديث السابق- وأخرج عنه في آخر المغازي حديثا بواسطة -وقد أوردناه آنفا- وكأنه لم يكثر عنه، لأنه في رحلته القديمة لقي كثيراً من مشايخ أحمد فاستغنى بهم، وفي رحلته الأخيرة كان أحمد قطع التحديث، فكان لا يحدث إلا نادراً، فمن ثَمّ أكثر البخاري عن علي بن المديني دون أحمد (٤).
إضافةً إلى ذلك، فقد أسس الملك عبدالعزيز محاكم ولجان حكومية للفصل في المجالات التي تحكمها المراسيم الملكية مثل قانون العمل والقانون التجاري وهذا النظام القضائي بقي قائماً حتى عام 2007 عندما أصدر الملك عبدالله عددًا من الإصلاحات القضائية. القضاء كان مسؤولية المفتي العام للبلاد، ولكن بعد وفاته في 1969، قرر الملك فيصل أن يعين وزيراً للعدل يقوم بهذه المسؤولية. ومصدر الأساسي للقانون في السعودية هو الشريعة الإسلامية المستمدة من القرآن والسنة النبوية. وأيضًا تتضمن الإجماع والقياس. المراسيم الملكية هي مصدر آخر أساسي للقانون ولكن يُشار إليها كأنظمة عوضاً عن تشريعات وقوانين، مما يشير إلى أن الشريعة هي السائدة. المراسيم الملكية مكملة لأحكام الشريعة في مجالات مثل القانون التجاري، قانون العمل وقانون الشركات. إضافةً إلى ذلك فإن الأعراف والتقاليد القبيلية تبقى أساسية ضمن مصادر القانون السعودي القانون السعودي متميز في العالم الإسلامي، ففي عدد من البلدان الإسلامية فإن الشريعة الإسلامية يتم تحديد المجالات المطبقة منها في القانون ويتم تدوينها وحفظها أما في المملكة العربية السعودية، فإن الدولة تعتبر الشريعة الإسلامية غير المدونة ككل هي قانون البلاد وتمنع أي تعارض معها وبهذا فهي فريدة من نوعها ليس فقط بالمقارنة مع الدول الغربية ولكن أيضاً بالمقارنة مع الدول الإسلامية الأخرى وهي بذلك أقرب للنظام القانوني المطبق في الدول الإسلامية في العصور الإسلامية الأولى.