وفي رواية فرات الكوفي في تفسيره: واول مصلّ مع النبي (صلى الله عليه وآله). واذا كان الكوفي هذا مشهوراً بتشيعه، والحبري مظنوناً بتشيعه، فإن الحسكاني مقطوع بحنفيته، وقد اورد العبارة السالفة بهذا النص: نزلت في عليّ خاصة، وهو اول مؤمن، واول مصلّ بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). ولم يكتف الحسكانيّ الحنفي ببيانه هذا في كتابه (شواهد التنزيل) حتى اردفه بقول ابن عباس: لعليّ اربع خصال: هو اول عربي وعجميّ صلى مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو الذي كان لواؤه- اي لواء النبي صلى الله عليه وآله – معه في كل زحف، وهو الذي صبر معه يوم المهراس، وقد انهزم الناس كلهم غيره، وهو الذي غسله وأدخله قبره. الباحث القرآني. والى لقاء طيب آخر معكم –ايها الاخوة الاحبة- نستودعكم الله تعالى، ونرجو لكم أهنا الساعات، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. *******
وهذا البيت يعير به الفرزدق بالغدر ويهجوه، فإن الزبير بن العوام رضي الله عنه حين انصرف يوم الجمل، عرض له رجل من بني مجاشع رهط الفرزدق، فرماه فقتله غيلة. يا أهلاه صلوا صلوا - موضة الأزياء. ووصف الجبال بأنها"خشع". يريد عند موته، خشعت وطأطأت من هول المصيبة في حواري رسول الله ﷺ، ومن قبح ما لقي من غدر بني مجاشع. ]] يعني: والجبال خشع متذللة لعظم المصيبة بفقده. فمعنى الآية: واستعينوا أيها الأحبار من أهل الكتاب بحبس أنفسكم على طاعة الله، وكفها عن معاصي الله، وبإقامة الصلاة المانعة من الفحشاء والمنكر، المقربة من مراضي الله، العظيمة إقامتها إلا على المتواضعين لله، المستكينين لطاعته، المتذللين من مخافته.
858 - وحدثني محمد بن عمرو ، قال: حدثنا أبو عاصم ، قال: حدثنا سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد: ( إلا على الخاشعين) قال: المؤمنين حقا. 859 - وحدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة ، قال: حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله. 860 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد: الخشوع: الخوف والخشية لله. وقرأ قول الله: ( خاشعين من الذل) [ الشورى: 45] قال: قد أذلهم الخوف الذي نزل بهم ، وخشعوا له. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة البقرة - القول في تأويل قوله تعالى " وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين "- الجزء رقم2. [ ص: 17] وأصل " الخشوع ": التواضع والتذلل والاستكانة ، ومنه قول الشاعر: لما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشع يعني: والجبال خشع متذللة لعظم المصيبة بفقده. فمعنى الآية: واستعينوا أيها الأحبار من أهل الكتاب بحبس أنفسكم على طاعة الله ، وكفها عن معاصي الله ، وبإقامة الصلاة المانعة من الفحشاء والمنكر ، المقربة من مراضي الله ، العظيمة إقامتها إلا على المتواضعين لله ، المستكينين لطاعته ، المتذللين من مخافته.
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) يقول تعالى آمرا عبيده ، فيما يؤملون من خير الدنيا والآخرة ، بالاستعانة بالصبر والصلاة ، كما قال مقاتل بن حيان في تفسير هذه الآية: استعينوا على طلب الآخرة بالصبر على الفرائض ، والصلاة. فأما الصبر فقيل: إنه الصيام ، نص عليه مجاهد. [ قال القرطبي وغيره: ولهذا سمي رمضان شهر الصبر كما نطق به الحديث]. وقال سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن جري بن كليب ، عن رجل من بني سليم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصوم نصف الصبر. وقيل: المراد بالصبر الكف عن المعاصي ؛ ولهذا قرنه بأداء العبادات وأعلاها: فعل الصلاة. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن حمزة بن إسماعيل ، حدثنا إسحاق بن سليمان ، عن أبي سنان ، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: الصبر صبران: صبر عند المصيبة حسن ، وأحسن منه الصبر عن محارم الله. [ قال] وروي عن الحسن البصري نحو قول عمر. وقال ابن المبارك عن ابن لهيعة عن مالك بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قال: الصبر اعتراف العبد لله بما أصاب فيه ، واحتسابه عند الله ورجاء ثوابه ، وقد يجزع الرجل وهو يتجلد ، لا يرى منه إلا الصبر.
– إن فقهاءنا الأبرار -رحمهم الله تعالى جميعاً- وظيفتهم بيان الجانب الفقهي، فتصدوا لبيان جهة الإجزاء.. ولكن الإجزاء في عالم، والقبول في عالم آخر.. ولهذا فإنه كما أن الفقهاء أتعبوا نفوسهم الشريفة من أجل الوصول إلى ظاهر الصلاة، لا بد أن يأتي قوم بمستوى الفقهاء أيضاً لبيان أسرار الصلاة. – إن الذين يبحرون في بحر الصلاة، يكتشفون من الأسرار والأمور ما لم يخطر على قلب بشر، فهناك أمور خفية نحن لا ندركها.. عن الإمام علي (عليه السلام): (لو يعلم المصلي ما يغشاه من جلال الله، ما سره أن يرفع رأسه من السجود).. فجلال الله أمر مهم لم يُحدد، وليس خاصا بمراجع التقليد، بل هذا الجلال قد يغشى إنسانا بسيطا. – ومن هنا يجب تهيئة النفس قبل الدخول في الصلاة، كأن يلهج بالآيات المُسخنة قبل التكبير مثل: (وجهت وجهي وسلمت أمري إلى فاطر السموات الأرض).. أو محاولة مخاطبة النفس: بأن كل الأوقات كانت للدنيا، والآن جاء وقت الصلاة، وبالتالي، يجب أن لا أفكر في الدنيا.. إذا وصل أحدنا إلى هذه المرحلة فهنيئاً له!.. فعندما يقف العبد ليصلي، ولا أحد أمامه، في غرفة مقفلة، وفي محراب لا أحد فيه.. فإذا كان لا يعتقد بما وراء الطبيعة لماذا يصلي؟.. وإذا كان يعتقد بعالم الغيب عليه أن يقف وقفة تتناسب مع من يقف أمامه، فهو يخاطب فاطر السماوات والأرض.. إن الأولياء الصالحين يجعلون ثوبا خاصا لصلاتهم، وسجادة خاصة للصلاة، وطيبا خاص بالصلاة، وغرفة خاصة للصلاة.. لأنه مشروع لقاء، فكما أن اللقاء مع الوزير أو الوكيل، يحتاج إلى كل هذه المقدمات فكذلك اللقاء مع رب العالمين يكون هكذا!
ويعني بقوله: ﴿إلا على الخاشعين﴾: إلا على الخاضعين لطاعته، الخائفين سطواته، المصدقين بوعده ووعيده. كما:- ٨٥٦- حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿إلا على الخاشعين﴾ يعني المصدقين بما أنزل الله. ٨٥٧- وحدثني المثنى، قال: حدثنا آدم العسقلاني، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: ﴿إلا على الخاشعين﴾ قال: يعني الخائفين. ٨٥٨- وحدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا سفيان، عن جابر، عن مجاهد: ﴿إلا على الخاشعين﴾ قال: المؤمنين حقا. [[الأثر: ٨٥٨ - محمد بن عمرو، هو: محمد بن عمرو بن العباس، أبو بكر الباهلي، وهو من شيوخ الطبري الثقات، أكثر من الرواية عنه، مات سنة ٢٤٩. وله ترجمة في تاريخ بغداد ٣: ١٢٧. و"أبو عاصم": هو النبيل، الضحاك بن مخلد. و"سفيان": هو الثوري. و"جابر": هو ابن يزيد الجعفي. وهكذا جاء هذا الإسناد في هذا الموضع في المخطوطة. ووقع في المطبوعة"محمد بن جعفر" بدل"محمد بن عمرو"، وهو خطأ لا شك فيه. إنما الشبهة هنا: أن هذا الإسناد"أبو عاصم، عن سفيان، عن جابر" _ يرويه الطبري في أكثر المواضع"عن محمد بن بشار"، عن أبي عاصم.