ويذكرهم الله فيمن عنده، الله أكبر! ويقول الله: أشهدكم أني قد غفرتُ لهم. فهل بعد هذا يزهد طالب علم في مثل هذه المجالس؟! هذا شرفٌ عظيم وأجرٌ كبير، والموفق مَن وفقه الله عز وجل. لذلك ينبغي أن يصبِّر المسلم نفسه على حضور مثل هذه الحِلق، ومثل هذه الدروس وهذه المجالس. ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله لمحمد حسان. [ شرح حديث ما جلس قوم مجلسا] قوله: «حفتهم الملائكة» الملائكة تحفُّ بمجالس الذكر، هنا قال المؤلف، يعني ذكر المؤلف قال: «حفّت بهم الملائكة»، وفي بعض نسخ بلوغ المرام: «حفتهم الملائكة»، وهذا هو.. رواية الصحيحين بهذا. هل تحف بهم الملائكة إكرامًا لهم أو تحفهم مشاركة ورغبةً في الذكر؟ يشمل الأمرين جميعًا، تحفهم الملائكة أولًا إكرامًا لهم، وتحفهم الملائكة كذلك مشاركةً ورغبةً في الذكر، كما أنها تأتي للمسجد الجامع يوم الجمعة وتستمع للخطبة، تقف الملائكة عند المسجد الجامع الأول فالأول، فإذا دخل الإمام طُويت الصحف وأقبلت الملائكة تستمع الذكر، يعني خطبة الجمعة. وتكون الملائكة أيضًا شهداء لهم، فهذا هو الحكمة من كون الملائكة تحف مجالس الذكر. قوله: «وغشيتهم الرحمة» غشيتهم: يعني غطّتهم، من الغشاء وهو الغطاء؛ أي أن الرحمة تحيط بهم من كل جانب. وقوله: «ونزلت عليهم السكينة» قيل: المراد بالسكينة: الرحمة، وقد اختار هذا القول القاضي عياض والقول الثاني: أن السكينة غير الرحمة، وأنها شيء يقذفه الله في القلب، فيطمئن ويستقر، فلا يكون عند الإنسان قلق ولا شك ولا ارتياب وهذا هو الأقرب والله أعلم أن السكينة غير الرحمة، شيءٌ يقذفه الله في القلب، يورثه الطمأنينة والسكون والاستقرار، وعدم القلق كما قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: 4].
والنص الكامل للحديث يقول.. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة و غشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله في من عنده».
وفي الحديثِ: أنَّ الجزاءَ مِن جِنسِ العملِ. وفيه: فَضيلةُ إعانةِ الغيرِ. وفيه: الحثُّ على طَلبِ العلمِ وتِلاوةِ القرآنِ وتَدارُسهِ.
أتحبون مثل موازنة صارخة ؟ والله الذي لا إله إلا هو لو كنت في قصر ثمنه ألف بليون وكنت منقطع عن الله وحجبت عنك السكينة فأنت أشقى الناي، ولو كنت في المنفردة وأنت مع الله فأنت أسعد الناس، فأقول عن هذه السكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء. أساساً قال الله عز وجل: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً﴾ (سورة طه) تساءل بعض العلماء يا رب ما بال الملوك والأغنياء ؟ الملك ليس عنده مشكلة، إذا ارتفع البنزين هل يتألم ؟ لا، إذا لا يوجد بيوت أزمة سكن هل يشعر بالمشكلة ؟ البلاد كلها له قال: ما بال الملوك والأمراء ؟ قال: ضيق القلب، بقلب المقطوع عن الله ضيق لو وزع على أهل بلد لكفاهم، وبقلب الموصول بالله طمأنينة وراحة وسعادة وشعور بالحكمة المطلقة لو وزع على أهل بلد لكفاهم، لذلك: الرحمة مطلق العطاء فمنها الصحة وصلاح البال والتوفيق بالأعمال والرزق الحلال وزوجة صالحة وأولاد أبرار وآمن مطمئن. ﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)﴾ (سورة قريش) والسمعة الطيبة هذا كله من الرحمة نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ هذه نقطة دقيقة: الله خصص لك ملك إذا كنت مؤمن يحفظك من أمر الله، أحياناً يكون ورطة في الشراء يضيق قلبك منها تتركها، يكون فيها إفلاس، لأنك مؤمن وغالي على الله ومستقيم وتخطب وده وأنت لا تعلم الغيب لكن الله يعلم الغيب.
أبو هريرة | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2699 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح] حَثَّ الشَّرعُ على التَّحلِّي بالفضائلِ ومَحاسنِ الأخلاقِ، مِثلِ قَضاءِ حَوائجِ النَّاسِ والتَّيسيرِ عليهم ونَفْعِهم بِمَا يَتَيَسَّرُ من مالٍ وعِلمٍ أو مُعاونَةٍ أو مُشاورَةٍ.