حكم غسل الكفين في بداية الوضوء ، من الأحكام المهمة الذي سيتم التعرف عليه في هذا المقال، وهو من المعلومات الدينيّة المهمة التي يتوجّب على كُلّ مُسلمٍ ومُسلمةٍ معرفتها؛ حتى يكونوا على بينة واضحةٍ من أُمور دينهم، وحتى يعرفوا أركان كافة العبادات التي لا يقوم الفرض بدونها؛ فيتّخذون كافّة السُّبُل لفعلها، ويتعرّفوا على البدع الواقعة؛ فيجتنبوها، ممّا تصبح صلاتهم مقبولة عند الله تعالى، وينالون بها الثّواب الأوفر والأجر العظيم منه، وفيما يأتي سنتعرّف على المقصود بالوضوء والكيفية الصحيحة له.
المبحث الأول: السنة أن يغسل كفيه قبل أن يدخلهما الإناء: نص الفقهاء على أن السنة لا تثبت إلا بغسل الكفين قبل إدخالهما في الإناء ، أو في الماء إذا كان الماء قليلاً [14]. وقيل: لا تتحقق السنة إلا إذا غسل يديه خارج الماء مطلقًا، سواء توضأ من نهر أو حوض أو إناء، وسواء كان الماء قليلاً أو كثيرًا، وهو قول في مذهب المالكية [15]. الدليل على أن غسل الكفين قبل إدخالهما في الإناء سنة: (824-53) ما رواه البخاري رحمه الله، قال: حدثنا عبدالعزيز بن عبدالله الأويسي، قال: حدثني إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، أن عطاء بن يزيد أخبره، أن حمران مولى عثمان أخبره أنه رأى عثمان بن عفان دعا بإناء، فأفرغ على كفيه ثلاث مرار فغسلهما، ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق... الحديث. وأخرجه مسلم [16]. فلم يدخل يمينه في الإناء حتى غسلها ثلاثًا. ومن أدخل يديه في الإناء قبل غسلهما، لم يضر ذلك وضوءه، فإن كانت يده نظيفة فالأمر ظاهر، يدٌ طاهرة لاقتْ ماء طهورًا فلم تؤثِّر فيه. وإن كان في يده نجاسة، وتغيَّر الماء بالنجاسة، نجس إجماعًا، وإن لم يتغير الماء رجعتْ هذه المسألة إلى مسألة أخرى سبق أن حررت الأقوال فيها، وهي في حكم الماء إذا لاقته نجاسة فلم تغيِّره، وقد فصلت القول فيها في كتاب المياه.
وأما غسل الكفين أول الوضوء فهذا غسل مسنون ، ولا يجزئ عن الفرض عند جمهور العلماء ، خلافا للحنفية. وجمهور العلماء على أنه يجب الترتيب بين أعضاء الوضوء ، فيغسلها على الترتيب الوارد في الآية: غسل الوجه ثم غسل اليدين ثم مسح الرأس ثم غسل الرجلين. وعليه ؛ فلا يصح الاكتفاء بغسل الكفين في أول الوضوء عن إعادة غسلهما مع اليد ، لأن ذلك يؤدي إلى اختلال الترتيب ، بإدخال غسل الوجه أثناء غسل اليدين ، والواجب أن يكون غسل اليدين كله واقعا بعد غسل الوجه. والحاصل: أن من توضأ فغسل كفيه ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه ثم غسل يديه من الرسغين إلى المرفقين لم يصح وضوؤه عند أكثر أهل العلم. وقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله: ما حكم من يغسل يده من الرسغ إلى المرفق ، دون غسل الكف ، مكتفيا بغسلها أول الوضوء ، وهل يلزمه إعادة الوضوء ؟ فأجاب: "لا يجوز في الوضوء الاقتصار على غسل الذراع فقط دون الكف بل متى فرغ من غسل الوجه بدأ بغسل اليدين ، فيغسل كل يد من رؤوس الأصابع إلى المرافق ، ولو كان قد غسل الكفين قبل الوجه ، فإن غسلهما الأول سنة ، وبعد الوجه فرض ، فمن اقتصر في غسل اليدين من الرسغ إلى المرفق فما أكمل الفرض المطلوب ، فعليه إعادة الوضوء بعد التمام ، أو عليه غسل ما تركه إن كان قريبا ، فيغسل الكفين وما بعدهما " انتهى من "اللؤلؤ المكين من فتاوى الشيخ ابن جبرين" ص 77.