وهكذا أثارت هذه الآية الكثير من الحديث عن جانب العصمة لدى الأنبياء بشكل عام، من خلال الإيمان بنبوّة آدم، وعن نبوّة آدم بالذات، في ما ألمحنا إليه مما لا نجد كبير فائدة في الدخول في تفاصيله في هذا البحث التفسيريّ. ولكننا نستفيد منها نقطتين: الأولى: أنّ النبوّة تلتقي بمواقع الضعف البشري في أكثر من موقع، ولا تفرض الكمال الذي يبتعد عن طبيعته البشريّة. الثانية: أن القرآن لا يريد أن يعطي النبيّ هالة مقدسة في مجال التصوّر، بل يريد أن يدفع بالتصور إلى أن يتحرك بشكل طبيعي في فهم الشخصية، من خلال البعد الظاهري الذي يكشف عن العمق الداخلي، عبر الوسائل العاديّة التي يملكها الناس في معرفة عمق الأشياء من خلال ظواهرها.
شاهد أيضًا: ترتيب الانبياء والرسل من ادم الى محمد قصة سيدنا آدم عليه السلام مع إبليس خلق الله عز وجل سيدنا آدم وعلمه الأسماء كلها وعلمه ما لا تعلمه الملائكة حيث قال عز وجل:" وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ". بعد أن خلقه الله تعالى وعلمه الأسماء كلها أمر تعالى الملائكة بالسجود لسيدنا آدم عليه السلام فسجدوا جميعًا إلا إبليس رفض ذلك واعترض وقال انا خيرَا منه خلقتني من نار وخلقته من طين فأمر الله عز وجل سيدنا آدم بأن يسكن الجنة هو وزوجته دون أن يقتربا من شجرة ما حيث قال عز وجل: "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ". وسوس لهم إبليس فأكلا منها فأخرج الله عز وجل سيدنا آدم وزوجته من الجنة وقال لهم اهبطوا إلى الأرض لكم فيها مستقرًا ومتاعًا إلى حين حيث قال عز وجل:" فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ" وغفر الله عز وجل لسيدتا آدم ذنبه هو وزوجته وجعل لهما الأرض متاع.
وهكذا أراد الله له أن يعيش الشّعور برضا الله عنه، وهدايته له في ما يريد له أن يتحرّك فيه". [تفسير من وحي القرآن، ج 15، ص 164-167]. نهي إرشاديّ أو مولويّ؟!
التمتع. في النهاية سنعرف ما إذا كان آدم نبيًا ، لأن الله خلق معلمنا آدم من طين وهو أبا للبشرية جمعاء وأول من سكن الأرض ، هو وزوجته.