إنّ التصريح بكون جند الدّجال هم من اليهود لا ينفي وجود غيرهم من جنوده، لكن فيه إشارة إلا أنّ القاعة الصلبة البارزة من جند الدّجال في هذه المعركة هم من اليهود، ولعل استدراجهم لمعركة فلسطين بالذات له علاقة إما بوعد ملك السلام الدّجال لهم بدولتهم في أرض الميعاد، وإما هي نزعةُ انتقام لقريبِ عهدهم بزوال دولتهم فيها، فيأتون ليستردوا مُلكهم السليب. ويتضحُ أيضاً من الروايات المتعددة أنّ حال المؤمنين يكون شديداً جداً، فهم في حصار وتجويع، وخوف من هذا الرجل الطاغية الذي يُشبه الجن في أفعاله، وقد صرح بعض المؤمنين بأنه أي الدّجال جنيّ ورأوا طليعة فماتت جميعاً، لذا وجدوا أن أسلم طريقة لهم هو التحصن في جبل الدخان كما في رواية، وفي رواية أخرى جبل إيلياء، ودلائل هذا السياق تُشير إلى أنهما جبل واحد ذكر مرةً نسبة إلى المواقع ومرةً بما يشتهر به عند الناس. وتذكر بعض الروايات أنّ عيسى عليه السلام ينزلُ عند المنارة البيضاء في شرق دمشق، وبعضها يُشير إلى أنهُ ينزلُ عليهم في بيت المقدس أو في الجبل الذي يحاصرون فيه، ومن تأمل الأحاديث ملياً يجد أنه لا تعارض بينها إذا تصور طبيعة المعركة، فالدّجال قد جاء للمسلمين من ناحية المدينة المنورة، وأول مواجهةٍ له مع المسلمين.
ففي سنن ابن ماجه: وإن من فتنته أن يقول لأعرابي: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم، فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه فيقولان: يا بني اتبعه فإنه ربك. وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة فيقتلها وينشرها بالمنشار حتى يلقى شقتين ثم يقول: انظروا إلى عبدي هذا فإني أبعثه الآن، ثم يزعم أن له ربا غيري فيبعثه الله ويقول له الخبيث من ربك فيقول: ربي الله وأنت عدو الله أنت الدجال والله ما كنت بعد أشد بصيرة بك مني اليوم. وضعف هذا الخبر كثير من أهل العلم. ثانيا: المسيح الدجال لا يفتن ولا يعذب كل الناس، والنبي عليه الصلاة والسلام أرشدنا إلى ما يقينا منه، فمن ذلك التعوذ من فتنته بعد التشهد، والبعد عنه، وقراءة فواتح سورة الكهف عليه لمن أدركه، وكذلك الالتجاء إلى مكة أو المدينة؛ فإن الدجال محرم عليه دخولهما. صور من فتنة المسيح الدجال - إسلام ويب - مركز الفتوى. وأما السؤال عمن يعذبه المسيح الدجال بالنار فجوابه أنه لا يعذب في حقيقة الأمر أحدا. ففي صحيح مسلم في قصة المؤمن الذي أبى الإيمان به: فيأخذه الدجال ليذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسا فلا يستطيع إليه سبيلا، قال: فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار وإنما ألقي في الجنة.
[1] فمن الجدير بالمسلم التّعرّف على هذه الأحاديث وأن يتسلّح بالإيمان القويّ من وراء هذه الفتنة العظيمة وينساق ورائها. [2] ما سبب تسمية الدجال بهذا الاسم قال أهل العلم أنّه أُطلق على المسيح ، جمهوره ، جمهوره ممسوحةٌ ، فليس له عينٌ يمنى ، وله عينٌ واحدةٌ يرى بها ، كذلك ، قيل أنّه سمّي بالمسيح ، لأنّه جمهوره العلم قالوا إنّه الأصحّ ، وأمّا تسميته بالدّجّال ، بما هو باطلٌ وكاذب ، فيوهم النّاس ، بما هو باطلٌ ، ويغطي الحقّ بالكذب والخداع ، فيدّعي الربوبية وما هو إلّا عبدٌ خلقه الله تعالى مثله كم والثله من العباد. [3] حفظ عشر آيات من أولها عصم من فتنة الدجال السورة هي هل المسيح الدجال من البشر قد دلّت الأحاديث النّبويّة المباركة على أنّ المسيح الدّجال بشرٌ ، وهو من بني آدم عليه السّلام ونسله ، لكنّ الله تبارك وتعالى أعطاه قدرات العظيمة والخوارق وغيرها ، ليفتن النّاس ، ويخرج الكافرين وأصحاب الضّعيف من المسلمين الّ يمشون على الصّراط المستقيم ، ومن الأحاديث الّتي ذكرت أنّه من بني آدم ، ما رواه قال: "ما بيْنَ خَلْقِ آدَمَ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ". [4]فالمسيح الدجال من البشر الّذين خلقهم الله تعالى في الأرض ، لكنّه سبحانه خصّه بما لم يخصّ فيه البشرّون ، وجعله ممّن يعيش عمرًا طويلًا جدًّا ، والله أعلم.