الحمد لله. فإن هذا الدعاء الذي ذكره السائل الكريم ، ينسب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بإسناد غير صحيح. وفيه معنى لا يصح أيضا. فأما من ناحية الإسناد:
فالأثر أخرجه التنوخي في "الفرج بعد الشدة" (1/143) فقال حَدثنِي أَيُّوب بن الْعَبَّاس بن الْحسن ، الَّذِي كَانَ وَزِير المكتفي ، وَلَقِيت أَيُّوب بالأهواز فِي حُدُود سنة خمسين وَثَلَاث مائَة ، من حفظه ، قَالَ: حَدثنِي عَليّ بن همام ، بِإِسْنَاد لست أحفظه: أَن أَعْرَابِيًا شكى إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام شدَّة لحقته ، وضيقا فِي الْحَال ، وَكَثْرَة من الْعِيَال. فَقَالَ لَهُ: عَلَيْك بالاستغفار ، فَإِن الله تَعَالَى يَقُول: اسْتَغْفرُوا ربكُم ، إِنَّه كَانَ غفارًا... الْآيَات. شرح دعاء "اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم" - الكلم الطيب. فَعَاد إِلَيْهِ ، وَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد استغفرت كثيرا ، وَمَا أرى فرجا مِمَّا أَنا فِيهِ. قَالَ: لَعَلَّك لَا تحسن أَن تستغفر. قَالَ: عَلمنِي.
- اللهم اني استغفرك من كل ذنب اذنبته
اللهم اني استغفرك من كل ذنب اذنبته
الشرح:
اشتمل هذا الحديث على أعظم شر وأخطره يُستعاذ باللَّه منه، وهو الشرك، فإن الشرك باللَّه العظيم أعظم الظلم والجرم، قال اللًّه تعالى عن لقمان وهو يعظ ابنه:"وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" ([2])، وقال تعالى:"إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ" ([3]). فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العبد غير آمن من الوقوع في الشرك، وأنه لشدّة خفائه أخفى من دبيب النمل، فقد يقع فيه العبد، ويتسلّل إلى نفسه وهو لا يعلم، ولا يدري، هذا الإخبار من الرسول لخير البشرية بعد الرسل، وهم الصحابة رضوان اللَّه عليهم، الذين عصرهم هو خير العصور، فكيف بنا نحن، ولا شك في أن هذا بياناً على أن أفضل الناس قد يقع منه الشرك من حيث لا يعلم، ((والمراد بالشرك هنا الرياء والسمعة والعجب، وهذه الذمائم لا تذهب عن الرجل ما لم يعرف نفسه))([4])، وهكذا ينبغي للعبد أن يراقب نفسه، ويحاسبها بين الحين والآخر حتى لا يقع فيه. وقول أبي بكر رضى الله عنه: ((وهل الشرك إلا من جعل مع اللَّه إلهاً آخر))، وفيه تعظيم أبي بكر للشرك، وأن بعض المسائل قد تخفى على كبار العلماء([5]).
الدرجة:
ليس بحديث