وقرأ: فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [سورة الحج: 46]. * * * واختلف فيمن عني بهذه الآية. فقال بعضهم: عُني بها نفرٌ من المشركين. * ذكر من قال ذلك: 15860- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال، قال ابن عباس: " الصم البكم الذين لا يعقلون " ، نفرٌ من بني عبد الدار, لا يتبعون الحق. 15861 -.... قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: (الصم البكم الذين لا يعقلون) ، قال: لا يتبعون الحق= قال، قال ابن عباس: هم نَفرٌ من بني عبد الدار. 15861 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, نحوه. * * * وقال آخرون: عُني بها المنافقون. تفسير سورة الأنفال - معنى قوله تعالى إنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ. * ذكر من قال ذلك: 15862- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق: (إن شرّ الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون) ، [أي المنافقون الذين نهيتكم أن تكونوا مثلهم، بُكمٌ عن الخير، صم عن الحق، لا يعقلون] ، لا يعرفون ما عليهم في ذلك من النقمة والتِّباعة. (42) * * * قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، قولُ من قال بقول ابن عباس: وأنه عُني بهذه الآية مشركو قريش, لأنها في سياق الخبر عنهم.
لقد أمر الله تعالى المؤمنين بطاعة الله وطاعة رسوله، ونهاهم عن التولي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الجهاد، كما نهاهم سبحانه وحذرهم أن تكون أفعالهم وصفاتهم كأفعال وصفات المشركين فهم (الصم البكم الذين لا يعقلون)، فقد تعطلت عندهم الحواس وتوقف عندهم الفهم، فلا خير فيهم إلا أن يقبلوا على الله تعالى ويخضعوا لأوامره ويستجيبوا لندائه.
ومن العجيب أننا نجد الحيوان المحكوم بالغريزة لا يخرج سلوكه عن النظام المجبول عليه ويؤدي مهمته كما رسمت له تماماً، فالدابة مثلاً تلد ويأخذون وليدها ليذبحوه فلا تنفعل؛ لأن هذه مهمتها في الحياة أن تعطي للإنسان اللحم. والحمامة ترقد على بيضها وعندما يخرج الفرج الصغير تتولاه لفترة بسيطة جداً حتى يعرف كيف يطير وكيف يأكل ثم بعد ذلك تتركه؛ ليؤدي مهمته؛ لأنه محكوم بالغريزة. والغرائز لا تخطىء. ويتصرف بها الحيوان بدون تعليم له. فإذا جئنا للإنسان نجد أن ألوان السلوك المحكومة بالغريزة فيه لا يتعلمها؛ إذا جاع طلب الطعام دون أن يعلمه أحد كيف يشعر بالجوع، فهذه غريزة. وإذا عطش طلب الماء دون يعلمه أحد معنى العطش ولا كيف يشرب. ان شر الدواب عند الله الصم البكم. وكل واحد منا في الغرائز متساو مع الآخر. ونجد الغني والفقير والحاكم والغفير إذا شعروا بالجوع طلبوا الطعام، وإذا شعروا بالعطش طلبوا الماء. فكل شيء محكوم بالغرائز لا يوجد فيه تغيير. ومن العجيب - مثلاً - أن الحمار حين يريد أن يعبر مجرى مائيا ينظر إليه، وبمجرد النظرة يستطيع أن يعرف هل سيعبره أو لا، فإن كان قادراً قفز قفزة واحدة ليعبر، وإن لم يقدر بحث عن طريق آخر. ولا تستطيع أن تجبر حماراً على أن يعبر مجرى مائيا لا يقدر على عبوره، ومهما ضربته فلن يستجيب لك ولن يعبر.
موقع مـداد علمي شرعي ثقافي غير متابع للأخبار و المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.