انظر: بدائع الصنائع (1/ 18)، المدونة (1/ 14)، الحاوي الكبير (1/ 138)، المجموع (1/ 472)، المغني (1/ 92)، المحلى (1/ 310) – أدلة أصحاب القول الأول [ في حكم الترتيب في الوضوء]: – الدليل الأول: قول الله تعالى: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) {المائدة: 6). الاستدلال بهذه الآية من وجهين: الأول: أنه قدم فيها بعض الأعضاء كما قدم محل بعض الأعضاء ثم ثبت أنه لو بدأ من المرفق إلى البنان أجزأه فكذا لو بدأ باليدين قبل الوجه أجزأه. والثاني: أنه لو عطف اليدين على الوجه بحرف الواو الموجبة للاشتراك والجمع دون الترتيب لغة، وشرعا. أما اللغة فهو ما حكاه سيبويه أنها في لسانهم أنها موجبة للاشتراك دون الترتيب استشهادا بأن رجلا لو قال لعبده الق زيدا وعمرا لم يلزم تقديم لقاء زيد على عمرو بل كان مخيرا في البداية بلقاء من شاء منهما، وأما الشرع فالكتاب والسنة. أما الكتاب فقوله تعالى: {يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي) {آل عمران: 43). حكم الترتيب في الوضوء. فقدم ذكر السجود وهو مؤخر في الحكم، وأما السنة فما روي أن النبي – صلى الله عليه وسلم – سمع رجلا يقول ما شاء الله وشئت فقال: " سيان أنتما قل ما شاء الله ثم شئت ".
واحتج أبو حنيفة رحمه الله بهذه الآية على قوله فقال: الواو لا توجب الترتيب، فكانت الآية خالية عن إيجاب الترتيب، فلو قلنا بوجوب الترتيب كان ذلك زيادة على النص، وهو نسخ وهو غير جائز. وجوابنا: أنا بينا دلالة الآية على وجوب الترتيب من جهات أخر غير التمسك بأن الواو توجب الترتيب والله أعلم. فصل: [الموالاة في الوضوء]: قال الفخر: موالاة أفعال الوضوء ليست شرطًا لصحته في القول الجديد للشافعي رحمه الله، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله، وقال مالك رحمه الله: إنه شرط لنا أنه تعالى أوجب هذه الأعمال، ولا شك أن إيجابها قدر مشترك بين إيجابها على سبيل الموالاة وإيجابها على سبيل التراخي ثم إنه تعالى حكم في آخر هذه الآية بأن هذا القدر يفيد حصول الطهارة، وهو قوله: {ولكن يُرِيدُ لِيُطَهّرَكُمْ} فثبت أن الوضوء بدون الموالاة يفيد حصول الطهارة، فوجب أن نقول بجواز الصلاة بها لقوله عليه الصلاة والسلام: «مفتاح الصلاة الطهارة». مذاهب العلماء في ترتيب فرائض الوضوء - إسلام ويب - مركز الفتوى. فصل: [نواقض الوضوء]: قال الفخر: قال أبو حنيفة رحمه الله: الخارج من غير السبيلين ينقض الوضوء، وقال الشافعي رحمه الله لا ينقض، احتج أبو حنيفة رحمه الله بهذه الآية فقال: ظاهرها يقتضي الإتيان بالوضوء لكل صلاة على ما بينا ذلك فيما تقدم، ترك العمل به عندما لم يخرج الخارج النجس من البدن فيبقى معمولًا به عند خروج الخارج النجس، والشافعي رحمه الله عول على ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وصلّى ولم يزد على غسل أثر محاجمه.
فصل: [الوضوء وشروط صحة الصلاة]: قال الفخر: اختلفوا في أن هذه الآية هل تدل على كون الوضوء شرطًا لصحة الصلاة؟ والأصح أنها تدل عليه من وجهين: الأول: أنه تعالى علق فعل الصلاة على الطهور بالماء، ثم بيّن أنه متى عدم لا تصح إلا بالتيمم، ولو لم يكن شرطًا لما صح ذلك. الثاني: أنه تعالى إنما أمر بالصلاة مع الوضوء، فالآتي بالصلاة بدون الوضوء تارك للمأمور به، وتارك المأمور به يستحق العقاب، ولا معنى للبقاء في عهدة التكليف إلا ذلك، فإذا ثبت هذا ظهر كون الوضوء شرطًا لصحة الصلاة بمقتضى هذه الآية. شرائط الوضوء. اهـ.. فصل: [النية وأثرها في الوضوء والغسل]: قال الفخر: قال الشافعي رحمه الله: النيّة شرط لصحة الوضوء والغسل. وقال أبو حنيفة رحمه الله: ليس كذلك. واعلم أن كل واحد منهما يستدل لذلك بظاهر هذه الآية.
لا يخالفون ذلك إلا لفائدة، فلو لم يكن الترتيب هنا واجبا، لما قطع النظير عن نظيره. والثاني: أن الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن جماعات من الصحابة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، كلها وصفته مرتبا مع كثرة المواطن التي رأوه فيها. ولم يثبت مرة واحدة أنه ترك الترتيب، ولو جاز تركه، لتركه في بعض الأحوال لبيان الجواز، كما ترك التكرار في بعض الأوقات. واحتج القائلون بعدم وجوب الترتيب بآية الوضوء نفسها بأن العطف فيها بـ (الواو) والواو لا تقتضي ترتيبا، فكيفما غسل المتوضئ أعضاءه كان ممتثلا للأمر، كما لو قال لخادمه: إذا دخلت السوق فاشتر خبزا وتمرا، لم يلزمه تقديم الخبز على التمر، بل كيف اشتراهما كان ممتثلا. وكذلك لأن الوضوء طهارة، فلم يجب فيها ترتيب كالجنابة، وكتقديم اليمين على الشمال، والمرفق على الكعب. حكم الترتيب في الوضوء عند المالكية. ولأنه لو اغتسل المحدث دفعة واحدة: ارتفع حدثه. والذي يترجح: أن الترتيب لا يوجد دليل على وجوبه، وإن كان المنطقي والطبيعي أن يتوضأ المسلم على الترتيب المذكور، بادئا بما بدأ الله تعالى به، ولذا كان سنة مؤكدة من غير شك.
قال -صلى الله عليه وسلم-: (أَلا أدُلُّكُمْ علَى ما يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا، ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ؟ قالُوا بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: إسْباغُ الوُضُوءِ علَى المَكارِهِ، وكَثْرَةُ الخُطا إلى المَساجِدِ... ) ، "أخرجه مسلم" كما أنّه حثنا رسول الله على إسباغ الوضوء في قوله قال لقيط بن صبرة: (قُلتُ: يا رسولَ اللهِ أَخْبِرْني عن الوُضوءِ؟ قال: "أَسبِغِ الوُضوءَ، وخَلِّلْ بين الأصابِعِ، وبالِغْ في الاستِنْشاقِ، إلَّا أنْ تكونَ صائِمًا). "أخرجه أبو داوود، صحيح"