– ليتك تبحث في مكتبتك الشاملة التي تحملها في هاتفك عن تفسير هذه الآيات. – لك ذلك يا أبا عبدالله، ولكن تجلسون عندي ربع ساعة حتى نقرأ ما نجده في كتب التفسير. التفريغ النصي - تفسير سورة الأنعام _ (34) - للشيخ أبوبكر الجزائري. استجابا لطلبي، وبالفعل بلغنا منزلي وأخذنا مجلسنا في مكتبي الصغير، وقد اكتمل البحث عن تفسير هذه الآيات. – إليكما ما وجدت: {الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} (البقرة:147)، يعني استقبال الكعبة، الامتراء: الشك، نهاه الله -سبحانه- عن الشك في كونه من ربه، أو في كون كتمانهم الحق مع علمهم، وعلى الأول هو تعريض للأمة، أي: لا يكن أحد من أمته من الممترين، لأنه – صلى الله عليه وسلم – لا يشك في كون ذلك هو الحق من الله -سبحانه-، وهو تحذير للأمة وهذه عادة القرآن في كل تحذير مهم ليكون خطاب النبي – صلى الله عليه وسلم – بمثل ذلك وهو أقرب الخلق إلى الله -تعالى- وأولاهم بكرامته دليلا على أن من وقع في ذلك من الأمة قد حقت عليه كلمة العذاب، وليس له من النجاة باب. {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ الْمُمْتَرِينَ} (آل عمران:59-60)، التشبيه واقع على أن عيسى خلق من غير أب كآدم، لا على أنه خلق من تراب.
وقوله: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ يعني: بعد هذا البيان السابق، فيدل على أنه بعد اتضاح العلم لا مجال للمُجادلة، فما كل أحد يُجادل، والله أخبر عن أهل الكتاب أنهم ما اختلفوا حتى جاءهم العلم، وبيّن سبب الاختلاف، وهو البغي بَغْيًا بَيْنَهُمْ [آل عمران:19] فلم يكن ذلك بسبب خفاء الحق، وإنما بسبب الأهواء والبغي والحسد والشر والعداوات.
تاريخ النشر: ٠٦ / صفر / ١٤٣٧ مرات الإستماع: 2892 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فنواصل الحديث فيما يُستخرج من الهدايات من هذه الآيات التي تتحدث عن تحويل القبلة، وما تلا ذلك من حديث عن بني إسرائيل يتصل بحديث طويل قبله. يقول الله -تبارك وتعالى- حينما قرر معنى في غاية الوضوح: وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ [سورة البقرة:145] فهم باقون على ضلالهم وكفرهم لا يتحولون عنه مهما جاءهم من الآيات، والمسألة ليست بسبب عدم علمهم بحقيقة ما جاء به الرسول ﷺ أو أن ذلك بلغهم مشوهًا وإنما كما سيأتي الأمر أكبر من ذلك.