وظائف الأنبياء والرسل: لقد أرسل الله عزوجل الرسل لهداية الناس وإرشادهم طريق الحق، وكلفهم الله تبارك وتعالى بوظائف ومهام حصرها العلماء في الوظائف الآتية: أولا: البلاغ المبين: ووظيفة البلاغ المبين هي المهمة الأساسية للرسل فما بعثهم الله تعالى إلا لإبلاغ الناس ما نزل إليهم من ربهم وقد جاء في القرآن الكريم ثلاث عشرة أية تنص على أن مهمة الرسول إنما هي (البلاغ)، ومن أجمع الآيات في ذلك قوله الله تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) [المائدة: 67]. يقول الشيخ السعدي: "هذا أمر من الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأعظم الأوامر وأجلها، وهو التبليغ لما أنزل الله إليه، ويالمسلمين". كل أمر تلقته الأمة عنه صلى الله عليه وسلم من العقائد والأعمال والأقوال، والأحكام الشرعية والمطالب الإلهية، فبلغ صلى الله عليه وسلم أكمل تبليغ، ودعا وأنذر، وبشر ويسر، وعلم الجهال الأميين حتى صاروا من العلماء الربانيين، وبلغ بقوله وفعله وكتبه ورسله. مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم هي - ما الحل. فلم يبق خير إلا دل أمته عليه، ولا شر إلا حذرها عنه، وشهد له بالتبليغ أفاضل الأمة من الصحابة، فمن بعدهم من أئمة الدين ورجال المسلمين".
ثانيا: بيان الدين الحق للناس: ومن وظائف الرسل التي تعد مكملة لوظيفة البلاغ، هي بيان الدين الحق للناس، وأعظم الحقائق التي دعت إليها الرسل جميعا: توحيد الله تعالى وإفراده بالخلق والملك والتدبير والعبادة قال الله تعالى: ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)[النحل: 36]، وقال تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء: 25].
يَا عِبَادَ اللهِ: أَمَّا بِالنِّسْبَةِ للوَحْيِ غَيْرِ المَتْلُوِّ، فَقَدْ بَلَّغَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ-، وَهَذَا صَرِيحٌ في قَوْلِ اللهِ -تعالى-: ( وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمَاً) [النساء:113]. وَفي قَوْلِهِ -تعالى-: ( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ) [الأحزاب:34]. لَقَدْ عَطَفَ اللهُ -تعالى- الحِكْمَةَ عَلَى آيَاتِ اللهِ -تعالى- لِتَنْدَرِجَ تَحْتَ قَوْلِهِ -تعالى-: ( بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)، فَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ -تعالى- عَلَيْهِ القُرْآنَ وَالحِكْمَةَ، فَبَلَّغَ القُرْآنَ وَهُوَ الوَحْيُ المَتْلُوُّ، وَبَلَّغَ الحِكْمَةَ التي هِيَ السُّنَّةُ وَهِيَ الوَحْيُ غَيْرُ المَتْلُوِّ، وَصَدَقَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- القَائِلُ: " أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ، وَمِثْلَهُ مَعَهُ " رواه الإمام أحمد وأبو داود عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.