ويقول كالوغين: "عندما كنت فتى يافعًا وكنت في الصف التاسع والعاشر، كنت قد انتُخِبت من قبل الطلاب لأكون رئيس رابطة الشبيبة اللينينية على مستوى المدرسة، وكانت الرابطة هي ممثل الاتحاد الشيوعي في ذلك الوقت". ويضيف: "بالنسبة لي كان هذا شرفًا عظيمًا لكن لم أعرف حينها بأنّ هذا سيفضي إلى انخراط أكثر جدية في المستقبل". ويكشف أنّه عندما تخرّج من المدرسة الثانوية، قرّر الانضمام إلى الكي جي بي، "لكن والدي قال لي: لا تقم بهذا العمل يا بنيّ، فقلت له كيف ذلك وأنت نفسك كنت ضابطًا في الكي جي بي. قال لي: حسنًا إنه عمل قذر ولا أريد لك أن تتّسخ به. فقلت له: لا عليك يا أبي". ويردف: "هكذا عملت عكس مشيئة أبي". من سوريا إلى الولايات المتحدة وبعد تدريب طويل، كان من المفترض أن تكون "مهمّة" كالوغين في سوريا، بعدما أتقن اللغة العربية، قبل أن يتغيّر "المخطط" في اللحظة الأخيرة، إثر مقابلة كان ينبغي أن تكون "روتينية" مع إدارة شؤون الموظفين. يتذكّر في هذا السياق حديثًا دار بينه وبين موظف الشؤون الإدارية: "فجأة قال لي موظف الشؤون الإدارية: أنت لا تشبه العرب، فقلت: آسف. ما الذي بوسعي أن أقوم به بخصوص هذا، فقال: إنس ذلك.
قلت: ماذا تقصد، قال: ستذهب إلى الولايات المتحدة". ويتابع: "سألته: حقًا؟ وبأي صفة؟ قال كطالب زمالة دراسات عليا، حيث ستكون ضمن مجموعة طلاب سوفييت مجموعهم 18 طالبًا يذهبون إل الولايات المتحدة، وفي المقابل يأتي 18 طالبًا أميركيًا". وفي سياق حديثه، يكشف كالوغين عن سر اهتمام الكي جي بي بتعليم مختلف اللغات للمنتسبين له، فضلًا عن طبيعة التكوين الذي يتلقاه الضابط. يقول: "لم يقتصر التدريب الذي نتلقاه على اللغة فقط بل كنا نحصل على تدريب في كل مجالات الحياة، بمعنى كيف نتصرف ضمن المجتمع وكيف نختار الأشخاص المناسبين وكيفية إعدادنا لنكون شبه موظفين في مجال العلاقات العامة لنتعامل مع الخيارات المتاحة أمامنا". ويضيف: "هذا هو بالضبط ما قمت به بصفتي ضابطًا وطبقًا للضوابط المعمول بها أثناء وجودي في جامعة كولومبيا". وفاة ستالين.. يوم "لن يُنسى" يتطرق "صندوق أسرار الكي جي بي" في سياق حديثه لـ"العربي" عند محطة مهمّة في تاريخ الجهاز، وهي وفاة جوزيف ستالين، القائد الثاني للاتحاد السوفييتي. يستذكر يوم وفاة ستالين بقوله: "كنت حينها في مدرسة تدريب الكي جي بي وتلقيت مكالمة هاتفية من والدتي قالت لي فيها إن أبانا قد توفي".
يردف: "لم أفكر أبدًا في ستالين بل ظننت أن والدي قد توفي، إلى أن قالت: لِمَ لا تصغي إلى المذياع؟ الخبر في المذياع. ثمّ قالت: والدنا جوزيف ستالين توفي ونحن جميعًا نبكي". ويتابع: "ذهبت إلى الفصل وكان بعض من زملائي على علم بذلك وكان هناك صمت وضوضاء ودموع، فستالين كان لنا بمثابة القدوة وتجسيد لمستقبل زاهر لبلادنا". ويؤكد أنّ الشعب السوفييتي لم يكن "على علم بجرائم ستالين"، موضحًا أنّ "الآلة الإعلامية السوفييتية صنعت له صورة باهرة عالميًا على أساس أن اندحار ألمانيا النازية جاء على أيدي السوفييت". ويستذكر موقفًا محدّدًا أثناء عمله في الكي جي بي حين وقعت عيناه صدفة على اسم صحافي أميركي معروف، ويروي كيف حاول التقصّي عنه، والاتصال به، ليتبيّن له فيما بعد أنّ هذا الرجل طُرد من روسيا بأمر شخصي من ستالين وقيل له ألا يعود إلى روسيا بعد ذلك مطلقًا". ويقول: "اكتشفت أن هذا الشخص هو من أخبر السلطات الروسية بأن الألمان سيهاجمون روسيا وحين اطّلع ستالين على ذلك التقرير أمر فورًا بإبعاده من البلاد على أنع مشاغب ومثير للفتن، لأنّ ستالين كان يعتقد أن هتلر لن يجرؤ أبدًا على الهجوم على روسيا". "العميل الأول" في الجامعة في حديثه لـ"العربي"، يروي كالوغين خبايا تجربته في الولايات المتحدة، مستذكرًا كيف أنّه جنّد شخصًا حين كان لا يزال طالبًا في كلية الصحافة في جامعة كولومبيا، "حين لم يكن يفترض بي أن أقوم بذلك".
الشرطة الروسية تعتقل متظاهرة تحتج على سجن المعارض أليكسي نافالني/ أ ف ب ونقلت الصحيفة عن نيكيتا بتروف، مؤرخ مركز ميموريال لحقوق الإنسان قوله "بعد فترة طويلة من الحرية، عاد الخوف إلى المجتمع الروسي، وأصبح المخبرون أكثر نشاطا ضد أولئك الذين يعبرون عن خلافهم مع السلطات". وأشار رودريك برايثوايت، الذي شغل منصب السفير البريطاني في موسكو في نهاية الحقبة السوفيتية، من عام 1990 إلى عام 1991، إلى أن هذا النمط من القمع "يعود إلى زمن موسكوفي"، الدولة التي سبقت تأسيس الإمبراطورية الروسية في عام 1700 ويقول برايثوايت "لا يعني هذا أن الدول لا تستطيع الانفصال عن ماضيها المروع، فعلت دول مثل اليابان ومعظم أوروبا ذلك".