أهل العراق وغدرهم (2) ولما علم مصعب بمسير عبد الملك، أحضر المهلب بن أبي صفرة واستشاره فقال له: اعلم أن أهل العراق قد كاتبوا عبد الملك وكاتبهم فلا تبعدني عنك ولكن وجهه لحرب الخوارج. ولما تقابل العسكران بدأت الكتب تتوالى بين العسكرين بين عبد الملك وأهل العراق وعندها قال مصعب رحم الله: أبا بحر – يعني الأحنف بن قيس – إن كان ليحذرني غدر أهل العراق ويقول هم كالمومسة، تريد كل يوم بعلاً وهم يريدون كل يوم أميراً. سيرة حياة عبد الله بن الزبير .. تعرف على أبرز ملامح حياته ومعارضته لحكم يزيد بن معاوية – كشكولنا. ولما تدانى العسكران بعث عبد الملك إلى مصعب أن يتركا الدعاء لأخيه وله ويجعلوها شورى بين المسلمين فرفض مصعب وقال: السيف بيننا ، ولو صح هذا الخبر، فإن مصعب كان يعتقد أن أخاه خليفة بمبايعة المسلمين وهو كذلك فكيف يخلعه، ثم لا يأمن أن تكون خديعة من عبد الملك. الملك عقيم(3) ودارت المعركة وتفرق الناس عن مصعب حتى لم يبق معه إلا 7 أنفس ـ وقتل بدير الجاثليق عند نهر دجيل فأمر عبد الملك به وبابنه عيسى وقال: كانت الحرمة بيننا قديمة ولكن الملك عقيم. وعندما قتل مصعب صفا العراق لعبد الملك ثم بعث لابن خازم يطلب منه البيعة ويطمعه خراسان 7 سنين فرفض ثم كتب عبد الملك إلى بكير بن وساج وكان خليفة ابن خازم على مرو بعهده إلى خراسان فخلع بكير عبد الله بن الزبير ودعا إلى عبد الملك (4).
فقال: "أبشرْ، لا تمسَّك النار أبدًا، وويل لك من الناس، وويل للناس منك". وهو أول مولود ولد في الإسلام بعد الهجرة للمهاجرين، فحنَّكه رسول الله بتمرة لاكها في فِيه، ثم حنّكه بها، فكان ريق رسول الله أول شيء دخل جوفه، وسمّاه عبد الله، وكناه أبا بكر بجدِّه أبي بكر الصّدّيق. مواقف عبد الله بن الزبير مع الصحابة: موقف عبد الله بن الزبير مع عمر بن الخطاب: تنبَّأ له عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمستقبل باهر؛ لما رأى من رباطة جأشه وثبات قلبه واعتداده بنفسه؛ فقد مرَّ عمر بعبد الله وهو يلعب مع رفاقه من الصبيان، فأسرعوا يلوذون بالفرار هيبةً لعمر وإجلالاً له، في حين ثبت عبد الله بن الزبير، ولزم مكانه، فقال له عمر رضي الله عنه: ما لك لم تفر معهم؟ فقال عبد الله رضي الله عنه: لم أجرم فأخافك، ولم يكن الطريق ضيقًا فأوسع لك. ترجمة عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت. موقف عبد الله بن الزبير مع معاوية بن أبي سفيان: كان لعبد الله بن الزبير رضي الله عنه مزرعة بمكة بجوار مزرعة معاوية رضي الله عنه، وكان عمال معاوية رضي الله عنه يدخلونها، فكتب ابن الزبير رضي الله عنه لمعاوية رضي الله عنه خطابًا كتب فيه: (من عبد الله بن الزبير ابن ذات النطاقين وابن حواري الرسول إلى معاوية ابن هند بنت آكلة الأكباد، إن عمالك يدخلون مزرعتي، فإن لم تنههم ليكونَنَّ بيني وبينك شأن، والسلام).
بدأنا حلقات هذه السلسة ( معركة الخلافة) للحديث حول المعارك والفتن التي وقعت بين المسلمين بسبب تحول الخلافة إلى مُلك وراثي، واليوم موعدنا مع تاسع حلقات معركة الخلافة حول مقتل عبد الله بن الزبير. ملاحظة: ندرس في هذا البحث مسألة الخلافة الإسلامية، مع اعترافنا أن الواقع الحالي بين المسلمين يوضح أن الحكم الملكي الوراثي أرحم وأفضل قياسًا بالأنظمة الديكتاتورية الأخرى. يُتبع… (عبد الله بن الزبير) تطورات الموقف في الشام (1) في سنة 69هـ هو خالف عمرو بن سعيد عبد الملك بن مروان وغلب على دمشق ولكن عبد الملك استطاع إخضاعه وقتله. ثم وضع السيف فقتل من خالفه فصفى له الشام وعندها أجمع المسير إلى مصعب بن الزبير في العراق. وفي سنة 71 هـ عزم على المسير إلى العراق وقال لمستشاريه ما رأيكم، فقال يحيى بن الحكم بن أبي العاص عمه بأن يقنع بالشام ويترك ابن الزبير والعراق، فرفض ذلك. وقال بعضهم إن العام جدب وقد غزوت سنتين فلم تظفر فأقم عامك هذا. قال: عبد الملك الشام بلد قليل المال ولا آمن نفاذه وقد كتب كثير من أشراف العراق يدعونني إليهم ، وعندها قال أخوه محمد بن مروان: الرأي أن تطلب حقك وتسير إلى العراق فإني أرجو أن الله ينصرك.
ثم قاتل حتى قتل فكبر أهل الشام فرحاً بقتله فقال ابن عمر: انظروا إلى هؤلاء ولقد كبر المسلمون فرحا بولادته وهؤلاء يكبرون فرحاً بقتله ، ولقد فرح (8) المسلمون بولادته لأن اليهود كانوا يقولون سحرناهم فلا يولد لهم ولد، وكان أول مولود للمهاجرين بعد الهجرة، وحنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمرة لاكها وسماه عبد الله. ثم صلبه الحجاج على الثنية بالحجون وكان عبد الله بن عمر بن الخطاب عندما يمر به يقول: (9) "السلام عليك يا أبا خبيب أما والله كنت أنهاك عن هذا ولقد كنت صواماً قواماً وصولاً للرحم، أما والله إن قوماً أنت شرهم لنعم القوم". وذكر مسلم في صحيحه أن عبد الله بن الزبير دفن في مقابر اليهود. مواقف الصحابة وغيرهم وبذلك انتهت هذه الخلافة التي دامت تسع سنين ونستعرض الآن بعض مواقف الصحابة وغيرهم منها: 1- عبد الله بن عباس: مع أن الروايات تشير إلى بيعة ابن عباس ليزيد، لكن عندما ثار ابن الزبير وقتل الحسين امتنع ابن عباس عن بيعة الأثنين وطلب ابن الزبير بيعة ابن عباس فرفض وظن يزيد أن ذلك تمسكا ببيعته له فبعث له كتابا يشكره ويطلب منه تخذيل الناس فرد عليه ردا غليظا وذكره بقتل الحسين وعلل رفضه بأنه حتى يجتمع الناس، وكذلك كان موقف محمد بن الحنفية (10).
فلما وقف عبدالله على كتاب معاوية، كتب إليه: "وقفت على كتابِ أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، فلا عدم الرأي الذي أحله من قريشٍ هذا المحل والسلام" فلما وقف معاوية على كتاب عبد الله، رماه إلى ابنه يزيد، فلما قرأه اصفر وجهه، فقال له معاوية: يا بني. إذا رميت بهذا الداء، فداوه بهذا الدواء. سياسة معاوية الحكيمة: سُأل معاوية ابن أبي سفيان: كيف حكمت الشام أربعين سنة ولم تحدث فتنة والدنيا تغلي؟، فقال: "إنّي لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، كانوا إذا مدّوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها". هذا الأسلوب السياسي الفطن الذي طبقة معاوية هو ما جعله يحكم بلاده في ظل حب وود من رعيته وشعبه، فقد فطن إلى معاملة الناس بالحسنى واستخدم فيه منهاج النبوة {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159]. فلما هاجمه عبدالله بن الزبير لفعل الزنوج في أرضه كان يعلم جيدًا أن المتحدث وإن كان شديد اللهجة فهو ابن أسماء بن الصديق وابن الزبير حواري رسول الله، لذلك فطن إلى استخدام اللين والرقة في كلامه لاستئثار قلب الزبير ببضع الكلمات المهذبة واللطيفة وذلك بأن أبلغه بأن الدنيا فانية وأنه يستأثر طيب خاطره عن الأرض والأملاك.
فقال له ابن عبّاس: فإنّي اُعيذك بالله من ذلك، أخبرني أتسير إلى قوم قتلوا أميرهم وضبطوا بلادهم ونفوا عدوّهم، فإن كانوا فعلوا فسر إليهم، وإن كانوا إنّما دعوك إليهم، وأميرهم عليهم قاهر عليهم وعمّاله تجبى بلاده، فإنّما دعوك إلى الحرب، ولا آمن عليك أن يغرّوك ويكذبوك ويخالفوك ويخذلوك، ويستنفروا إليك ويكونوا أشدّ النّاس عليك. فقال الحسين: إنّي أستخير الله وأنظر ما يكون. فخرج ابن عبّاس. وأتاه ابن الزبير، فحدّثه ساعة ثمّ قال: ما أدري ما تركنا هؤلاء القوم وكفنّا عنهم، ونحن أبناء المهاجرين وولاة هذا الأمر دونهم، خبّر ما تريد أن تصنع؟ فقال الحسين: لقد حدّثت نفسي بإتيان الكوفة، ولقد كتب إليّ شيعتي بها وأشراف النّاس، وأستخير الله تعالى. فقال له ابن الزبير: أمّا لو كان لي بها مثل شيعتك لما عدلت عنها. ثمّ خشي أن يتّهمه فقال: أما إنّك لو أقمت بالحجاز، ثمّ أردت هذا الأمر هاهنا، حالفنا عليك وساعدناك وبايعنا لك ونصحنا لك. فقال له الحسين: إنّ أبي حدّثني أنّ بها كبشاً يستحلّ حرمتها، فما أحبّ أن أكون أنا ذلك الكبش. قال: فأقم إن شئت، ولك الأمن تطاع ولا تعصى. قال: ولا اُريد هذا أيضاً. ثمّ إنّهما أخفيا كلامهما، فالتفت الحسين إلى من هناك وقال: أتدرون ما يقول؟ قالوا: لا ندري جعلنا الله فداك.