ولبثنا على ذلك أياماً، ثم عزمنا العزمة الأخيرة، فبيتنا ثقلنا في المرأب (الكاراج) حتى نغدو مسافرين. فلما حملناه ورآه أصحابنا وجيراننا جاءوا يودعوننا الوداع السابع ونحن لا ندري أهو الوداع حقاً، أم سنقيم بعده أياماً وليالي أم لا نسافر أبداً. كنا في المرأب مع الفجر، وجعلنا ننتظر حتى تطلع الشمس، وكان الضحى، وأذن الظهر، وكان العصر، فأيسنا، وهممنا بالانصراف ولكن السيارات حضرت، وتحقق الرحيل، وكانت أربعاً من طراز (البويك) وواحدة من (الناش). وقد رفعوا على السيارة الأولى علماً سعودياً، وعلقوا في صدرها لوحة كتبوا فيها (الوفد السوري لاكتشاف طريق الحج البري). وسرنا وسار وراءنا المودعون في قطار من السيارات الكبيرة ما له آخر يعرف، حتى لقد ظننت أنهم لم يدعوا في البلد سيارة إلا استاقوها، واخترق الموكب مهللاً مكبراً تهتز له الأرض... ولم أكن قد أيقنت بالسفر إلا في تلك اللحظة. فلما تصورتني كيف أفارق أهلي وموطني، وأطوح بنفسي في هذه الصحراء المخيفة، استعبرت. لماذا تم تسميه (القهوة العربية ) بأسم القهوة السعودية؟ في السعودية؟ : arabs. وكنت أطل على بردى، وهو يجري زاخراً فأنامله، فأجده أحلى في عيني مما كان، وأحب إلى نفسي، وعز علي أن أفارقه، واستفاقت في ذهني مئات من الذكريات، وكرت على حياتي كلها كأنها (فلم) أراه، فأبصرت في كل بقعة من دمشق، وكل طريق من طرقها قسما من حياتي... وهل حياة المرء إلا في قلوب أصدقائه، ووجوه أصحابه، وجوانب داره، ومشاهد بلده؛ فإذا فارق أهله، وغادر بلده، إلى بلد لا يعرفه، وأهل لا يألفهم، فكأنما مات نصف ميتة.
مجلة الرسالة/العدد 954/الكتب الشيوعية على حقيقتها تأليف عمر بك الإسكندري للأستاذ عبد الحفيظ أبو السعود مؤلف هذا الكتاب أستاذ قديم، غني عن التعريف به، هو الأستاذ عمر بك الإسكندري، شقيق المرحوم الشيخ أحمد الإسكندري، فقيد العالم العربي والإسلامي على السواء.. وعمر بك رجل لم يعرف في حياته غير الجد والعمل، والإخلاص والسعي، فأمكنه أن يستفيد من كل لحظة من لحظات حياته، وشغله العلم وجلاله، عن السياسة وسلطانها الغالب، وزخرفها الكاذب. زاول التدريس شاباً في معاهده الثانوية والعالية، فأقبل على العلم يستزيد منه، وينهل من مناهله، ويغترف من بحاره ما وسعه الاغتراف، فألف التاريخ كتابيه تاريخ مصر إلى الفتح العثماني، وتاريخ مصر من الفتح العثماني إلى العصر الحديث - في وقت لم يكن من السهل التأليف في التاريخ.
ثانياً: إذا حدث اعتداء من قبل إحدى الدول الأجنبية على أراضي الأقطار التابعة لابن سعود وخلفائه بدون مراجعة الحكومة البريطانية وبدون إعطائها الفرصة للمخابرة مع ابن سعود وتسوية المسألة، فالحكومة البريطانية تعين ابن سعود بعد استشارته، إلى ذلك القدر، وعلى تلك الصورة اللذين تعتبرهما الحكومة البريطانية فعاليتين لحماية بلدانه ومصالحه. ثالثاً: يتفق ابن سعود ويعد بأن يتحاشى الدخول في مراسلة أو وفاق أو معاهدة مع أية أمة أجنبية أو دولة، وعلاوة على ذلك بأن يبلغ حالاً إلى معتمدي السياسة من قبل الحكومة البريطانية كل محاولة من قبل أي دولة أخرى في أن تتدخل في الأقطار المذكورة سابقاً. رابعاً: يتعهد ابن سعود بألا يسلم ولا يبيع ولا يرهن ولا يؤجر الأقطار المذكورة ولا قسماً منها، ولا يتنازل عنها بطريقة ما، ولا يمنح امتيازاً ضمن هذه الأقطار لدولة أجنبية بدون رضى الحكومة البريطانية، وبأن يتبع مشورتها دائماً بدون استثناء على شرط أن لا يكون ذلك مجحفاً بمصالحه الخاصة. خامساً: يتعهد ابن سعود بحرية المرور في أقطاره على السبل المؤدية إلى المواطن المباركة وأن يحمي الحجاج في مسيرهم إلى المواطن المباركة ورجوعهم منها. سادساً: يتعهد ابن سعود كما تعهد آباؤه من قبل، بأن يتحاشى الاعتداء على أقطار الكويت والبحرين ومشايخ قطر وسواحل عمان التي هي تحت حماية الحكومة البريطانية ولها صلات عهدية مع الحكومة المذكورة، وألا يتدخل في شؤونها.
نص المعاهدة [ عدل] نص معاهدة دارين، أو معاهدة القطيف، بين الأمير عبدالعزيز بن سعود وبريطانيا في 18 صفر 1334هـ - 26 ديسمبر 1915م [1]: بسم الله الرحمن الرحيم لما كانت الحكومة البريطانية من ناحية، وعبد العزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود حاكم نجد والأحساء والقطيف والجبيل والمدن والمراسي التابعة لها، بالأصالة عن نفسه وورثته وخلفائه وعشائره من جهة أخرى، راغبين في توطيد الصلات الودية التي مر عليها وقت طويل ما بين الفريقين وتعزيزها لأجل توثيق مصالحهما، فقد عينت الحكومة البريطانية الليفتننت كولونيل السر برسي كوكس كه. مي. آر. آي. كه. سي. المعتمد البريطاني في خليج فارس مفوضاً من قبلها لعقد معاهدة مع عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود. أولاً: تعترف الحكومة البريطانية وتقر بأن نجد والحسا والقطيف والجبيل وتوابعها والتي سيبحث فيها، وتعين أقطارها فيما بعد ومراسيها على خليج فارس هي بلاد ابن سعود وآبائه من قبل. وبهذا تعترف بأن سعود المذكور حاكماً عليها مستقلاً، ورئيساً مطلقاً على قبائلها، وبأبنائه وخلفائه بالإرث من بعده، على أن يكون ترشيح خلفه من قبله ومن قبل الحاكم بعده، وألا يكون هذا المرشح مناوئاً للحكومة البريطانية بوجه من الوجوه، خاصة فيما يتعلق بهذه المعاهدة.