مجلة الرسالة/العدد 21/نهضة الشباب... نهضة الشباب اليوم إحدى الظواهر المميزة لهذا الجيل. وهي أجلى ما تكون في الأمم المظلومة أو المهددة بالظلم. كأنما أخفق في سياستها (رأي) الشيوخ، فصمد إلى قيادتها (عزم) الشباب! والواقع أن هذه النخوة القدسية التي تعصف برؤوس الفتيان في إيطاليا وألمانيا وسورية ومصر، إنما هي القارعة التي تُصمُّ والظاهرة التي تخيف، لأن الشباب إذا كان لهم الصف الأول في الحرب، فان لهم الصف الأخير في السلم، فإذا ألجأهم تقلب الصروف إلى تقدم الصفوف، دل ذلك على سياسة عاجزة، أو سِلْمٍ مرببة، أو خطر محدق. وعجز السياسة اتهام لحنكة السن، ورياء السلم إيذان بصراحة الحرب، وتفارُس الأهواء إعلان بنزول الغاشية. فا (لفاشيَّة) و (النازية) و (عصبة العمل القومي) و (عيد الوطن الاقتصادي) وغيرها من حركات الشباب وثبات دفاعية بعثتها لإنسانية المهددة بالتفكك والفوضى والهوان والاستعباد والجشع. ولئن كان لكل دولة من هذه الدول، علة أو أكثر من هذه العلل، فان مصر البائسة تكابد هذه النكبات جميعا! كلمات اغنية احنا الشباب محمد السالم و امينه و صافيناز : sandid-info. فأخلاقها تفككها الحزبية الأثِرَة، وآراؤها تشتتها المطامع الخسيسة، وكرامتها تهينها الامتيازات الباغية، وقوميتها توهنها الأجنبية الموغلة، وحريتها تقيدها القوة المحتلة، وأرزاقها تسلبها (الضيافة) الثقيلة، وأبناؤها (الكرماء) القانعون الخانعون قد ألفوا مضاجع الهون فلا تؤذيهم الفضاضة، ولا تؤلمهم الخصاصة، ولا يبغون حِوَلا عن هذه الحال!
حينئذ تتجه (ابنة الشمس) إلى مطلع الشمس! وهناك يكون مجد العرب اليوم كما كان هناك مجدهم بالأمس! وليس الشرق موطن الديانات والمدينات بضيق ولا جديب إن الأرض لتُزَلزَل في كل مكان بالدخيل يا بَنِي (الهلال الخصيب)! وإن تاريخ الجدود لينبجس فواراً حاراً من صحون المساجد الجامعة! هل تذكرون ثورة بغداد في جامع الحيدرخانة؟ هل رأيتم غضبة دمشق في الجامع الأقصى؟ هل علمتم وثبة القاهرة من الجامع الأزهر؟ إن لذلك معنى عجيباً لا يندُّ عن خاطر ولا يلتوي على ذهن، ذلك أن المنارة التي يذكر عليها اسم الله، وأن المحراب الذي يقوم فيه الدين، لا يزال هو الركن الذي يأوي إليه الحق، وإن الإسلام الذي ألف شتيت البدو في الأول، هو النظام الذي يجمع شمل العرب في الآخر! زايد بن سلطان آل نهيان - ويكي الاقتباس. لقد كانت زيارة الطلاب العراقيين فرصة ميمونة لتوثيق الصلات التاريخية المقدسة، صافحونا بالأيدي، وخاطبونا بالألسن، وسمعونا بالآذان، فانمحت الفوارق العارضة، وانجابت الحجب الكثيفة، واستبان أن الخيال جانٍ على الحقيقة، وإن السماع كاذب على العِيان، وإن الوحدة المستحيلة أمر من الواقع! نعى البرق شاعر العراق الزهاوي والمصريون والعراقيون في حفلة اتحاد الجامعة، فكان وقع المصاب في نفوس الفريقين واحداً لا يختلف؛ وقام كبير الأدباء فأبن كبير الشعراء بكلمة تلقاها الأخوان بعاطفة واحدة وشعور مشترك، لأن الزهاوي كان يهزج بأغاريد الفجر على ضفاف دجلة، فتردد أصداؤها الموقظة في ربوات بَرَدى وخمائل النيل وسواحل المغرب!
وأدب الزهاوي وأمثاله هو الذي وصل القلوب العربية في مجاهل القرون السود بخيوط إلهية غير منظورة، ولولاها لم تكن هذه الزورة! الاتحاد والشباب تويتر. وبهذه الزورة وأمثالها نتعارف ونتآلف ونتحد! فتعالوا يا أخلاق المجد الفقيد وأسلاف المجد الوليد نتعاون على دفع الأذى عن العزة المهانة! تعالوا نقرَّ في سمع الزمان أن أمة الرسالة تريد أن تؤدي الأمانة! ولكن قبل ذلك كله: تعالوا نجدد دارس العهد بيننا=كلأنا على هذا الجفاء ملوم أحمد حسن الزيات