النفخ في الصور النفخ في الصور هو نقطة التحول الكبرى في هذا الكون؛ إذ به تبدأ سلسلة أهوال يوم القيامة المروعة! والنفخ في الصور إيذان بخراب هذا الكون، وانتهاء الحياة الدنيا، وبداية الحياة الأخرى، التي أول أيامها يوم القيامة. صفة الصور وصاحبه إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح للأمة، فكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين. فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الآباء الفضلاء! وأيها الإخوة الأحباب الكرام الأعزاء! وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم -جميعاً- من الجنة منزلاً، وأسأل الله العظيم الكريم جل وعلا الذي جمعنا في هذا البيت المبارك على طاعته، أن يجمعنا مع سيد الدعاة المصطفى في جنته، ودار كرامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
1 ـ انتظار إسرافيلَ الأمرَ بالنفخ في الصور: قال رسول الله (ﷺ): « إنّ طَرْفَ صاحبِ الصُّوْرِ منذ وُكِّلَ به مستعدٌّ ينظُرُ نحو العرشِ مخافةَ أن يؤمرَ قبل أن يرتدَّ إليه طرفُه، كأنَّ عينيه كوكبانِ دُرّيان ». 2 ـ كيف أنعمُ وقد التقمَ صاحِبُ القرنِ القرنَ؟ قال رسول الله (ﷺ): « كيف أنعمُ وقد التقمَ صاحبُ القَرْنِ القرنَ، وحَنَى جبهتَهُ، وأَصْغَى سَمْعَهُ ينتظِرُ أن يؤمرَ أن ينفخَ، فينفخَ »؟!. قال المسلمون: فكيف نقول يا رسول الله؟ قال: « قولوا حسبُنا الله ونعمَ الوكيل، توكلنا على الله ربنا ». 3 ـ اليومُ الذي تكون فيه النفخة: قال رسول الله (ﷺ): « إنَّ مِنْ أفضلِ أيّامِكُم يومَ الجمعةِ، فيه خُلِقَ ادمُ، وفيه قُبِضَ، وفيه النفخةُ، وفيه الصعقةُ، فأكثروا عليَّ من الصلاةِ فيه، فإنَّ صلاتَكُم معروضةٌ عليَّ، إنّ الله حرّم على الأرضِ أنْ تأكلَ أجسادَ الأنبياءِ ». 4 ـ مَنِ الذين استثناهم الله من الفزع والصعق؟ قال تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ *﴾ [الزمر: 68]. ذهب طائفةٌ من العلماء إلى أنّ الذين استثناهم الله في قوله: هم ﴿إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾، ومنهم من قال: إنّهم الأنبياءُ أو الشهداءُ أو الحُور العين... إلخ.
أحبتي في الله! في رحاب الدار الآخرة سلسلة علمية كريمة، تجمع بين المنهجية والرقائق، وبين التأصيل العلمي والأسلوب الوعظي، الهدف منها تذكير الناس بحقيقة الدنيا، وإيقاظهم من غفلتهم الطويلة؛ ليقدموا على الله جل وعلا قبل أن تأتيهم الساعة بغتة وهم يخصمون، فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون، وهذا هو لقاؤنا الثامن من لقاءات هذه السلسلة الكريمة. وكنا قد أنهينا الحديث -بفضل الله جل وعلا- في اللقاءات الماضية عن علامات الساعة الكبرى التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح الذي رواه مسلم من حديث حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال: (اطلع علينا النبي صلى الله عليه وسلم يوماً ونحن نتذاكر، فقال: ما تذاكرون؟ فقالوا: نذكر الساعة يا رسول الله! فقال المصطفى: إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات: الدخان، والدجال ، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم). وبعد هذه العلامات تقوم الساعة مباشرة، بأمر الله جل وعلا لإسرافيل أن ينفخ في الصور؛ لتبدأ القيامة بأحداثها المسلسلة المروعة!
الحمد لله.