هذا وقد اختلف الفقهاء فى حكم تمنى الموت. يٌحرم – يُكره – يجوز ….. فمن قال بالحرمه حمل النهى فى الحديث على التحريم ، بشرط أن يكون التمنى بسبب ضرُ أصابه. ومن قال بالكراهة حمل النهى فى الحديث على الكراهة بدليل قوله فيه: (فإن كان لابد فاعلاً فليقل: (اللهم أحينى ما كانت الحياة خيراً له ، وتوفنى إذا كانت الوفاة خيراً لى). لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير | موقع البطاقة الدعوي. الرأي الثالث: ومن قال بالجواز شرط لذلك أن يكون الضُر الذى لحق فى صميم دينه فأصبح يخشى على نفسه من الفتنة فيه ( يخرج من الدين الإسلامى إلى أى ملة أخرى). ولكن الأصح عندى – والله أعلم – أن النهى فى الحديث للتحريم إذا كان المتمنى بسبب ضرر دنيوى. والمنهى عنه فى الحديث دعاء الإنسان على نفسه بالموت يأساً من الحياة وقنوطاً من رحمة الله. أما يتمنى الموت حباً فى لقاء الله تعالى فلا أراه معقولاً لماذا ؟ لأن الدنيا مزرعة للآخرة ، والعارف بالله (1) يرجو التزود منها ، (2) ويتمنى أن تطول حياته ليُكثر أجره وهو مستمتع بذكر الله تعالى متعلق القلب به ، فهو فى لقاء دائم معه. وإذا وقع فى بليه فليتسلح فى مواجهتها بالصبر ، فإن النصر مع الصبر ، وإن الفرج مع الكرب ، وإن مع العسر يسراً كما قال الرسول – صلى الله عليه وسلم – ولا يسارع إلى الدعاء على نفسه بالموت – فإن ذلك برهان على ضعف إيمانه.
الدعاء
قال تلميذُه الحافظ السخاوي في كلامه على السيدة أُنْس هذه: "كان شيخُنا - رحمه الله - كثيرَ التبجيل لها والتعظيم، لاسيما وهي عظيمة الرغبة فيه، بحيث إنه لما تسرَّى وغضبتْ أمُّها الست سارة كانتْ معهُ في ذلك أخفَّ حالًا مِنْ أمِّها، وبلغني أنها حينئذ عتبتْهُ، فاعتذرَ بميله للأولاد الذكور [وكانت هي لا تلد ذكورًا]، فدعتْ عليه أن لا يُرزقَ ولدًا عالمًا ، فتألَّم لذلك، وخشِيَ من دعائها، وقال لها: أحرقتِ قلبي، أو كما قال. حكاه لي سبطُها [يوسف بن شاهين الكركي]، وقال: إنها كانتْ مجابة الدعاء، وإنها رأت ليلة القدر عيانًا" [6]. النهي عن الدعاء على الأبناء - طريق الإسلام. ولم يكن (محمد) كما يريد والدُه ومحبو والده، وقد ترجم له السخاوي، وألمح إلى ذلك، وعرض بنقده، وقال: "وسمعتُ مَنْ يذكرُ عن شيخنا أنه كان يقولُ: قلَّ أنْ يجتمعَ الحظُّ لامرىءٍ في نسلهِ وتصانيفهِ" [7]. ولم يُعمَّر محمد فقد توفي سنة 869 عن 54 سنة. 6 - وحدَّثني الشيخ محمد مطيع الحافظ الدمشقي عن امرأةٍ قريبةٍ له كان أولادُها غير بارِّين وكانتْ تدعو عليهم، ومن ذلك ألا يهنأوا بمالها مِنْ بعدِها ، وحين ماتتْ وقُسمتْ تركتُها مات ابنُها الكبيرُ بعدها بعشرين يوما تقريبًا، وماتتْ ابنتُها بعده بمدةٍ يسيرةٍ، وأما ابنُها الثاني فأخذ حصتَه واشترى بيتًا في ريف المدينة، وكان مقيمًا خارج الدولة فجاء ونزل فيه صيفًا واحدًا، ثم حالت الأحداثُ دونه ولحقه الدمار!
* وإذا نزل بك ما تكره، أو غلب عليك أمرك فاسترجع أي قل: "إنا لله وإنا إليه راجعون" فقد روى ابن السني عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليسترجع أحدكم فى كل شيء حتى فى شسع نعله، فإنها من المصائب " والشسع هنا هو أحد سيور النعل التي تشد إلى زمامها. فاستعن يا أخي المسلم بالصبر والصلاة لأن الله تعالى أمرنا بهذا فقال تبارك وتعالى في سورة البقرة آية (153): " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ". وإلى اللقاء في مقال آخر بحول الله وقوته ،، المرجع: ((مصابيح النور من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم – إعداد: صلاح الشيخ)).
رواه البخارى – ومسلم – الترمذى وأبو داود وغيرهم. الشـرح: والإنسان بطبعه يكره الموت ويحب الحياة – ولكن قد يعرض له ما يدُخل على نفسه اليأس منها – ويتمنى انقطاع عمره لكى يستريح مما يعانيه من مرض شديد – أو فقر مدقع ، أو دين موجع وما إلى ذلك من أنواع البلاء – وهو لا يدرى أن كان سيجد الراحة بعد الموت أم لا يجدها – فقد يموت مثقلاً بالذنوب فيصلى بنارها فى قبره ويوم تقوم الساعة. ولو عاش ربما يرزقه الله بتوبة نصوح ، ويوفقه للعمل الصالح. لهذا حذر النبى – صلى الله عليه وسلم – من تمنى الموت فهو يعلم أن هذا التحذير قد لا يلاقى آذاناً صاغية ممن اشتد بهم الكرب – وأحاط بهم البلاء من كل جانب ، لهذا جآءهم من طريق آخر على النحو الذى يحبه ربنا ويرضاه ولا يخرج عن حد الأدب معه – جل فى علاه – فقال: (فإن كان لابد فاعلاً ، فليقل اللهم أحينى ما كانت الحياة خيراً لى ، وتوفنى إذا كانت الوفاة خيراً لى). وهذا دعاء يدل على منتهى (1) التفويض ، (2) التسليم ، (3) الرضا ، (4) والإعتراف لله بالعلم والحكمة وسعة بالفضل والرحمة. ومن هنا كان تمنى الموت من الجهل بقواعد الدين وقيمة ما فيه من مخالفة الطبع البشرى. لماذا يتمنى العبد الموت ؟ وعمره هو رأس ماله فى كل يوم يمكن أن تزداد فيه عملاً صالحاً يقربه إلى الله تبارك وتعالى.