سورة المسد (مكية) من أسباب النزول كما أخرجه البخاري عن ابن عبّاس قال: صعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذات يوم على الصفا فنادى: يا صباحاه، فاجتمعت إليه قريش فقال: أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم أكنتم تصدقونني؟ قالوا: بلى، فقال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب ( وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم): تبّاً لك ألهذا جمعتنا، فأنزل الله {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} إلى آخرها. "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ:" أي هلكت يداه وخسرت وخابت "وَتَبَّ: "اي إخبار من الله بتحقق الهلاك و الخسران "مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ:" أي لم ينفعه ما جمعه من الأموال "وَمَا كَسَبَ": ما كسبه في حياته من الارباح والجاه "سَيَصْلَى نَارًا:" أي سوف يعذب في النار " ذَاتَ لَهَبٍ": ذات توقّد واشتعال وهي نار جهنّم – أعاذنا الله واياكم منها – "وَامْرَأَتُهُ": زوجته وهي أم جميل اخت ابو سفيان بن حرب "حَمَّالَةَ الْحَطَبِ" حيث كانت تحمل الشوك فتطرحه في طريق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "فِي جِيدِهَا:" اى في عنقها "حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ: "اى حبل جيد الفتل مصنوع من الليف الذي تفتل منه الحبال. (حيث كانت لها قلادة من جوهر فقالت واللات والعزى لانفقنها في عداوة محمد فجزاؤها ان يجعل في عنقها حبل يوم القيامة مكان قلادتها) ((والله اعلم)) جزانى وجزاكم كل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإيضاح (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) هذا دعاء عليه بالخسران والهلاك، ونسب الهلاك إلى اليدين، لأنهما آلة العمل والبطش، فإذا هلكتا وخسرتا كان الشخص كأنه معدوم هالك. (وَتَبَّ) أي وقد تب وهلك. والجملة الأولى دعاء عليه بالخسران والهلاك، والجملة الثانية إخبار من الله بأن هذا الدعاء قد حصل، وقد خسر الدنيا والآخرة. تفسير سورة المسد للاطفال. ثم ذكر أن ما كان يعتزّ به في الدنيا من مال وجاه لم يغن عنه من الله شيئا يوم القيامة فقال: (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ) أي لم يفده حينئذ ماله ولا عمله الذي كان يأتيه في الدنيا من معاداته رسول الله طلبا للعلوّ والظهور فكما أن ذلك لم يجده شيئا في الدنيا، إذ لم يتغلب على الرسول ﷺ، ولم يقطع ما أراد الله أن يوصل لم يفده في الآخرة، بل لحقه البوار والنكال وعذاب النار. وقد كان أبو لهب شديد العداوة للنبي ﷺ، شديد التحريض عليه شديد الصدّ عنه. روى أحمد عن ربيعة بن عباد قال: « رأيت النبي ﷺ في الجاهلية في سوق ذي المجاز وهو يقول: قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، والناس مجتمعون عليه، ووراءه رجل وضىء الوجه أحول ذو غديرتين يقول: إنه صابىء كاذب، يتبعه حيث ذهب، فسألت عنه فقالوا: هذا عمه أبو لهب. ومن ذلك تعلم أن أبا لهب كان يصدّ عن الحق، وينفّر عن اتباعه، وذاع عنه تكذيبه للرسول ﷺ وتحدّيه واتباع خطواته لدحض دعوته، والحط من شأن دينه وما جاء به.
• قوله - تعالى -: ﴿ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ﴾: أي: ذات شررٍ ولهب وإحراق شديد، والمعنى أن الله توعَّده بأنه سيصْلَى نارًا ذات لهب عن قريب؛ لأن متاع الدنيا والبقاء فيها مهما طال فإن الآخرة قريبة، حتى الناس في البرزخ وإن مرَّت عليهم السِّنون الطوال، فكأنها ساعة، قال - تعالى -: ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ﴾ [الأحقاف: 35]، وشيءٌ مقدَّر بساعة من نهار، فإنه قريب. • قوله - تعالى -: ﴿ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ﴾: يعني كذلك امرأته معه، وهي أم جميل أروى بنت حرب بن أمية، وهي أخت أبي سفيان، من أشراف قريش؛ لكن لم يُغنِ عنها شرفُها؛ لكونها شاركتْ زوجها في العداء والإثم والبقاء على الكفر، وحمَّالة الحطب ذكروا أنها تحمل الحطب الذي فيه الشوك، وتضعه في طريق النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من أجْل أذى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقال بعض المفسرين: كما كانت عونًا على زوجها في كفره، فإنها تحمل الحطب فتلقيه على زوجها في نار جهنم، فتكون عونًا عليه في العذاب [4]. • قوله - تعالى -: ﴿ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ﴾: الجيد هو العنق ، والحبل معروف، والمسد هو الليف؛ يعني: أنها متقلِّدةٌ حبلاً من الليف تخرج به إلى الصحراء؛ لتربط به الحطبَ الذي تأتي به لتضعه في طريق النبي - صلى الله عليه وسلم [5].
- يجب على الأم، قبل إخبار طفلها بشرح الآيات، أن توضِّح له أنَّ أبا لهب هذا هو أحد أعمام الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- واسمه هو عبد العزى بن عبدالمطلب، وكنيته أبو عتيبة، وأنّ سبب تسميته بأبي لهب هو إشراق وجهه، وكذلك يجب أن توضِّح أنَّ أبا لهب كان كثير الأذية والبغض لرسول الله -صلى الله عليه وسلم. - وبعد ذلك تبدأ بتوضيح تفسير الآيات في قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}، معنى «تبت» الذي ذكرت في المرة الأولى -أي دعاء- وهي خسرت يداه، وخاب وضلّ عمله وسعيه. - «وتبّ» الثانية معناها تقرير لوقوع هذا الدعاء؛ أي تحققت خسارته وهلاكه ولم يربح. تفسير سوره المسد في المنام - رؤية قراءة سورة المسد في الحلم. - أمَّا قوله تعالى:{مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ}؛ أي لن يغني الذي كان عنده وأطغاه، ولا ما كسبه، فلم يرد عنه شيئاً من عذاب الله إذ نزل به. - وقوله تعالى: {سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ}؛ أي ستحيط به النار من كلِّ جانب، وستكون ذات لهب وشرر وإحراق شديد. - «وامرأته حمَّالة الحطب»؛ هنا يجب أن توضَّح الأم لطفلها أنَّ زوجة أبي لهب كانت أيضاً شديدة الأذية لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث كانت تتعاون هي وزوجها على الإثم والعدوان، وتلقي الشر، وتسعى في أذية الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهنا تبيِّن الأم أن زوجته من كبريات نساء قريش، وهي أم جميل، واسمها أروى بنت حرب بن أمية، وهي أخت أبي سفيان، وكانت عوناً لزوجها على كفره وجحوده وعناده، لهذا ستكون يوم القيامة عوناً عليه في عذابه في نار جهنم.