غير أن المرزباني في كتابه نور القبس يروي عن صاحبنا فيقول: "قال الخليل: مرَّ بنا الفرزدق ونحن صبيان نلعب، وقد انصرف من المهالبة وهو على بغل، وكان قبيح الوجه، فجعلنا ننظر إليه، فوقف وقال ": نظروا إليك بأعين محمرة نظرَ التيوس إلى مُدَى القَصَّابِ فقال له بعضنا: نظرنا إليك أنك مليح، كما ينظر إلى القرد وهو مليح، فصرف وجه بغلته وانصرف. -قال أبو العيناء: الخليل قال له هذه المقالة وهو صبي، ولكنه لم يحب أن يحكيه عن نفسه" [3]. ويكمل الرواية صاحب كتاب أنساب الأشراف فيقول: "فجعل - يقصد الفرزدق - يفر من أيديهم ويضرب بغلته ويقول: عدس" [4]. لم يخش صاحبنا الفرزدق، ووقف يرد كلامه عليه، وتلك جرأة تستحق الوقوف أمامها، ولعلها هي التي تفسر لنا جرأته العلمية على وضع علمين لم يسبق إليهما في الراجح من آراء العلماء؛ علما العروض والقافية، وتأسيسه لعلم المعجمات العربية الذي وضع الخليل نواته الأولى. يضاف إلى ذلك حياؤه بعد كبره، وبعد أن بلغ في العلم مبلغا، ذلك الحياء الذي يتضح من كلام أبي العيناء الذي ذكرناه لك: "الخليل قال له هذه المقالة وهو صبي، ولكنه لم يحب أن يحكيه عن نفسه". خليل بن عثمان. الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم، من ولد شبابة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب [5].
[٢] سبب تسمية عمرو بن عثمان بسيبويه كان عمرو بن عثمان معروفًا بأنشطتِه ومناظراته القويّة، حيث حدثت يومًا مناظرة بينه وبين الكسائي، جمَعَهما يحيى البرمكي عليها، وكانت بحضور سعيد الأخفش والفراء، أمّا سبب تسميته سيبويه فهو لأنّه كان جميل الصورة بديع الحسن، وكانت له وجنتان تُشبهان التُفّاح، وقد قال عنه العيشي مرة: "كان سيبويه يجلس في المسجد، وكان شابًا نظيفًا وجميلًا وكان جامعًا لشتى أصناف العلم على الرغم من صغر سنة"، أمّا أبو زيد الأنصاري فقال فيه: كان سيبويه يأتي للمجلس وله ذؤابتان.
قال ابن قتيبة في المعارف: كان الخليل ذكيًّا، لطيفًا، فطنًا، واتفق العلماء على جلالته وفضائله، وتقدمه في علوم العربية من النحو واللغة والتصريف والعروض، وهو السابق إلى ذلك، المرجوع فيه إليه [21] ، وروي عنه أنه قال: إن لم يكن لك لحم ٌ كفاك خل وزيتُ إن لم يكن ذا وهذا فكسرة وبُيَيتُ تظل فيه وتأوي حتى يجيئك موتُ هذا لعمري كفافٌ فلا يغرك ليتُ [22] الخليل وكتاب العين: وبعض العلماء ينسبون كتاب العين إليه، وبعضهم يُنكر ذلك، أما مَنْ ينكر فيقول: "كانت مقطعات جمعها الليث بن المظفر بن نصر بن يسار صاحب الخليل، وزاد فيها ونقص ونسبها إلى الخليل، وهو بريء منها. واتفقوا على كثرة الأغاليط في كتاب العين، وكثيرًا مما ينقل الأزهري في تهذيب اللغة عن العين من الأغاليط، ويقول: هذا من عدد الليث" [23] و قال السيوطي - عن الخليل -: "وعمل أول كتاب العين المعروف المشهور الذي به يتهيأ ضبط اللغة. وكان من الزهاد في الدنيا، والمنقطعين إلى العلم؛ ويروى عنه أنه قال: إن لم تكن هذه الطائفة أولياء لله فليس لله ولي" [24]. فالخليل على هذا الرأي وضع أول كتاب العين، فهو المؤسس لعلم المعجمات العربية، ثم جاء تلميذه وصاحبه الليث فزاد عليه أشياء ضمنها الكتاب ذاته.
وقال مقاتل: نزلت في الوليد بن المغيرة ، كان يغتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من ورائه ويطعن عليه في وجهه. وقال مجاهد: هي عامة في حق كل من هذه صفته.
أقول أخرى في تفسير الهمز واللمز يقول ابن منظور في كتابه لسان العرب أن الغمز هو ذم الناس بالفعل، و قد تذم غيرك بأن بجوارحك مثلا أن تشير إشارة مهينة لشخص ما بعينيك أو بحاجبيك أو بيديك، بينما اللمز يكون باللسان، فتذم الشخص بذكر نقائصه و عيوبه أمامه أو في غيبته، و قد اتفق معه في هذا التفسير أيضا ابن الأثير. رأي ابن النابلسي في الهمز واللمز يرى العلامة ابن النابلسي أن الهمز و اللمز معناهما هو السخرية من الغير، و ذكر عيوبهم بإشارة أو بتعابير الوجه أو بالكلام، أو بأي طريقة أخرى، و في رأي الشيخ النابلسي فإن الشخص الهماز اللماز هو شخص عنده مشاكل نفسية، فهو يرتاح لذكر عيوب الآخرين، و يرى نفسه أفضل منهم لذلك، و يسميهم ابن النابلسي بالقناصين الذين يبنون مجدهم على أنقاض الآخرين، و أن المؤمنين لا ينبغي أن تكون هذه الصفات فيهم، فالمؤمن يقبل الناس بعيوبهم و لا يعايرهم بها، و ينظر للآخرين نظرة إيجابية و يرى محاسنهم قبل عيوبهم.
[ ص: 527] [ ص: 528] [ ص: 529] سورة الهمزة مكية بسم الله الرحمن الرحيم ( ويل لكل همزة لمزة ( 1) ( ويل لكل همزة لمزة) قال ابن عباس: هم المشاءون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ، الباغون للبرآء العيب ، ومعناهما واحد وهو العياب. وقال مقاتل: " الهمزة ": الذي يعيبك في الغيب ، و " اللمزة ": الذي يعيبك في الوجه. وقال أبو العالية والحسن بضده. وقال سعيد بن جبير ، وقتادة: " الهمزة " الذي يأكل لحوم الناس ويغتابهم ، و " اللمزة ": الطعان عليهم. قال تعالى:{ ويلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لمُزَةٍ } فما هو الهمز واللمز؟؟!!. وقال ابن زيد: " الهمزة " الذي يهمز الناس بيده ويضربهم ، و " اللمزة ": الذي يلمزهم بلسانه ويعيبهم. وقال سفيان الثوري: ويهمز بلسانه ويلمز بعينه. ومثله قال ابن كيسان: " الهمزة " الذي يؤذي جليسه بسوء اللفظ و " اللمزة " الذي يومض بعينه ويشير برأسه ، ويرمز بحاجبه وهما نعتان للفاعل ، نحو سخرة وضحكة: للذي يسخر ويضحك من الناس [ والهمزة واللمزة ، ساكنة الميم ، الذي يفعل ذلك به]. [ ص: 530] وأصل الهمز: الكسر والعض على الشيء بالعنف. واختلفوا فيمن نزلت هذه الآية ؟ قال الكلبي: نزلت في الأخنس بن شريق بن وهب الثقفي كان يقع في الناس ويغتابهم. وقال محمد بن إسحاق: ما زلنا نسمع أن سورة الهمزة [ نزلت في أمية بن خلف الجمحي].
الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) وقوله: ( الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ) يقول: الذي جمع مالا وأحصى عدده, ولم ينفقه في سبيل الله, ولم يؤد حق الله فيه, ولكنه جمعه فأوعاه وحفظه. ويل لكل همزة لمزة معنى. واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأه من قرّاء أهل المدينة أبو جعفر, وعامة قرّاء الكوفة سوى عاصم: " جَمَّعَ" بالتشديد, وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والحجاز, سوى أبي جعفر وعامة قرّاء البصرة, ومن الكوفة عاصم, " جَمَعَ" بالتخفيف, وكلهم مجمعون على تشديد الدال من ( وَعَدَّدَهُ) على الوجه الذي ذكرت من تأويله. وقد ذكر عن بعض المتقدمين بإسناد غير ثابت, أنه قرأه: " جَمَعَ مَالا وَعَدَدَهُ" تخفيف الدال, بمعنى: جمع مالا وجمع عشيرته وعدده. هذه قراءة لا أستجيز القراءة بها, بخلافها قراءة الأمصار, وخروجها عما عليه الحجة مجمعة في ذلك. وأما قوله: ( جَمَعَ مَالا) فإن التشديد والتخفيف فيهما صوابان, لأنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار, متقاربتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
نهانا الله سبحانه و تعالى في كتابه العزيز عن الهمز و اللمز، فقال تعالى متوعدا للهمازين اللمازين: "ويلٌ لكلِّ هُمزَةٍ لُمزةٍ"، و قد تحدث العديد من مفسري القرآن الكريم في تفسير معنى الهمز واللمز والفرق بينهم. هل تعلم ماذا تعني "ويل لكل همزة لمزة" | سبحان الله | تفسير أغرب كلمات القران الكريم - YouTube. معنى الهمز في اللغة العربية كلمة الهمز في اللغة العربية هي اسم، و له معاني كثيرة، فمثلا الهَمْز هو صوت الريح السريعة، و هو أيضا مصدر من الفعل هَمَزَ، و يعني الطعن في أعراض الناس، و الحديث عنهم بالغيبة، و الشخص الهماز هو الشخص الذي يغتاب غيره، و كلمة هماز هي صيغة مبالغة من الفعل هَمَزَ، و كلمة هُمَزة هي اسم الفاعل من هَمَزَ. معنى اللمز في اللغة العربية اللمز من الأسماء في اللغة العربية، و هو مصدر من الفعل لَمَزَ، و معنى اللمز هو الانتقاص من الآخرين عن طريق التلميح بعيوبهم و الإشارة إليها، و تعني أيضا النميمة ، و صيغة المبالغة من الفعل لَمَزَ هي لماز، و لُمَزة هي اسم الفاعل من الفعل لَمَزَ. الهمز و اللمز في القرآن الكريم ذكر الله تعالى الهمز و اللمز في كتابه العزيز، و ذكر أيضا الهمازين و اللمازين، فيقول تعالى: "وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ" و يقول أيضا: "همَّازٍ مشاء بنميمٍ"، و يقول في سورة المؤمنون: "وَ قُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ"، و كذلك قوله في سورة التوبة: "الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ"، و أيضا في قوله: "و لَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ و لَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ".
هل تعلم ماذا تعني "ويل لكل همزة لمزة" | سبحان الله | تفسير أغرب كلمات القران الكريم - YouTube