وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ [ ١٢] تفسير الأية 12: تفسير الجلالين { والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك} السفن { والأنعام} كالإبل { ما تركبون} حذف العائد اختصاراً، وهو مجرور في الأول، أي فيه منصوب في الثاني. لِتَسْتَوُوا عَلَىٰ ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ [ ١٣] تفسير الأية 13: تفسير الجلالين { لتستووا} لتستقروا { على ظهوره} ذكر الضمير وجمع الظهر نظراً للفظ ما ومعناها { ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} مطيقين. سورة الزخرف مكتوبة برواية حفص عن عاصم. وَإِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ [ ١٤] تفسير الأية 14: تفسير الجلالين { وإنا إلى ربنا لمنقلبون} لمنصرفون. وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ [ ١٥] تفسير الأية 15: تفسير الجلالين { وجعلوا له من عباده جزءاً} حيث قالوا والملائكة بنات الله لأن الولد جزء من الوالد والملائكة من عباده تعالى { إن الإنسان} القائل ما تقدم { لكفور مبين} بين ظاهر الكفر.
فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَىٰ مَثَلُ الْأَوَّلِينَ [ ٨] تفسير الأية 8: تفسير الجلالين { فأهلكنا أشد منهم} من قومك { بطشاً} قوة { ومضى} سبق في آيات { مثل الأولين} صفتهم في الإهلاك فعاقبة قومك كذلك. وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ [ ٩] تفسير الأية 9: تفسير الجلالين { ولئن} لام قسم { سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولنَّ} حذف منه نون الرفع لتوالي النونات وواو الضمير لالتقاء الساكنين { خلقهن العزيز العليم} آخر جوابهم أي الله ذو العزة والعلم، زاد تعالى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [ ١٠] تفسير الأية 10: تفسير الجلالين { الذي جعل لكم الأرض مهادا} فراشاً كالمهد للصبي { وجعل لكم فيها سبلا} طرقاً { لعلكم تهتدون} إلى مقاصدكم في أسفاركم. وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ [ ١١] تفسير الأية 11: تفسير الجلالين { والذي نزل من السماء ماءً بقدر} أي بقدر حاجتكم إليه ولم ينزله طوفاناً { فأنشرنا} أحيينا { به بلدة ميتا كذلك} أي مثل هذا الإحياء { تخرجون} من قبوركم أحياء.
بَلْ مَتَّعْتُ هَٰؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ [ ٢٩] تفسير الأية 29: تفسير الجلالين { بل متعت هؤلاء} المشركين { وآباءهم} ولم أعاجلهم بالعقوبة { حتى جاءهم الحق} القرآن { ورسول مبين} مظهر لهم الأحكام الشرعية، وهو محمد صلى الله عليه وسلم. وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ [ ٣٠] تفسير الأية 30: تفسير الجلالين { ولما جاءهم الحق} القرآن { قالوا هذا سحر وإنا به كافرون}. وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [ ٣١] تفسير الأية 31: تفسير الجلالين { وقالوا لولا} هلا { نزل هذا القرآن على رجل من} أهل { القريتين} من أية منهما { عظيم} أي الوليد بن المغيرة بمكة أو عروة بن مسعود الثقفي بالطائف.
قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ [ ٢٤] تفسير الأية 24: تفسير الجلالين { قل} لهم { أ} تتبعون ذلك { ولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به} أنت ومن قبلك { كافرون} قال تعالى تخويفاً لهم: فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [ ٢٥] تفسير الأية 25: تفسير الجلالين { فانتقمنا منهم} أي من المكذبين للرسل قبلك { فانظر كيف كان عاقبة المكذبين}. وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ [ ٢٦] تفسير الأية 26: تفسير الجلالين { و} اذكر { قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني بَرَاء} أي بريء { مما تعبدون}. إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ [ ٢٧] تفسير الأية 27: تفسير الجلالين { إلا الذي فطرني} خلقني { فإنه سيهدين} يرشدني لدينه. سورة الزخرف مكتوبة كاملة بالتشكيل. وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [ ٢٨] تفسير الأية 28: تفسير الجلالين ( وجعلها) أي كلمة التوحيد المفهومة من قوله "" إني ذاهب إلى ربي سيهدين "" ( كلمة باقية في عقبه) ذريته فلا يزال فيهم من يوحد الله ( لعلهم) أي أهل مكة ( يرجعون) عما هم عليه إلى دين إبراهيم أبيهم.
* ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ): الملائكة وعيسى وعُزير, قد عُبِدوا من دون الله ولهم شفاعة عند الله ومنـزلة. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الزخرف - الآية 86. حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ) قال: الملائكة وعيسى ابن مريم وعُزير, فإن لهم عند الله شهادة. وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنه لا يملك الذين يعبدهم المشركون من دون الله الشفاعة عنده لأحد, إلا من شهد بالحقّ, وشهادته بالحقّ: هو إقراره بتوحيد الله, يعني بذلك: إلا من آمن بالله, وهم يعلمون حقيقة توحيده, ولم يخصص بأن الذي لا يملك ملك الشفاعة منهم بعض من كان يعبد من دون الله, فذلك على جميع من كان تعبد قريش من دون الله يوم نـزلت هذه الآية وغيرهم, وقد كان فيهم من يعبد من دون الله الآلهة, وكان فيهم من يعبد من دونه الملائكة وغيرهم, فجميع أولئك داخلون في قوله: ولا يملك الذين يدعو قريش وسائر العرب من دون الله الشفاعة عند الله. ثم استثنى جلّ ثناؤه بقوله: ( إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) وهم الذين يشهدون شهادة الحقّ فيوحدون الله, ويخلصون له الوحدانية, على علم منهم ويقين بذلك, أنهم يملكون الشفاعة عنده بإذنه لهم بها, كما قال جلّ ثناؤه: وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى فأثبت جلّ ثناؤه للملائكة وعيسى وعُزير ملكهم من الشفاعة ما نفاه عن الآلهة والأوثان باستثنائه الذي استثناه.