شرح حديث تركت فيك ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله و سنتي ، هو عنوان هذا المقال، ومعلومٌ أنَّ السنةَ النبوية ملئية بالأحاديثِ الشريفةِ الصحيحةِ، ومنها هذا الحديثِ، فما هو متنه الصحيح؟ وما شرحه؟ وما هي الثمرات المستفادةِ منه؟ كلُّ هذه الأسئبة سيجد القارئ الإجابة عليها في هذا المقال. متن حديث تركت فيك ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله و سنتي روى عبد الله بن عباس عن رسولِ الله -صلى الله عليهِ وسلم- حديثًا بإسنادٍ صحيح، حيث قال: "إنَّ الشيطانَ قد يَئِسَ أن يُعبَدَ بأرضِكم ، و لكن رضِيَ أن يُطاعَ فيما سِوى ذلك مما تُحاقِرون من أعمالِكم ، فاحْذَروا ، إني قد تركتُ فيكم ما إن اعتصمتُم به فلن تَضِلُّوا أبدًا ، كتابَ اللهِ ، و سُنَّةَ نبيِّه". [1] شاهد أيضًا: صحة حديث ياتي زمان على امتي لا يبقى من الاسلام الا اسمه شرح حديث تركت فيك ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله و سنتي يبيِّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث الشريف، أنَّ القرآنَ الكريمَ، والسنةَ النبوية المطهرةَ، هما حبلُ الله -عزَّ وجلَّ- المتينَ، والذي تكفل الله لمن حفظهما وعمل بهما عدمَ الضلالِ أبدًا، وفي هذه الفقرةِ من هذا المقالِ سيتمُّ بيانُ شرحِ الحديثِ بشيءٍ من التفصيل: [2] إنَّ الشيطان قد يأس أن يعبد بأرضكم: أي أنَّ الشيطانَ قد أصابه اليأس بعد أن انتشر الإسلامَ بالجزيرةِ العربيةِ، من يُعبدَ فيها.
3- عصمة العترة وذلك لأنّ النبي «صلى الله عليه وآله» أوجب في حديث الثقلين التّمسك بهم مع الكتاب كما مر، ومن يحتمل معصيته وخطؤه وسهوه واشتباهه يستحيل أن يأمر الله تعالى ونبيّه بالتّمسك به، فلو لم يكونوا معصومين لجاز أن يكون المتمسك بهم ضالاً، وبما أنّ الأمر النبوي بالتسمك بهم مطلق بدون قيد أو شرط، دلّ ذلك على هداية من تمسك بهم مطلقاً، ومن كان التمسك به هداية دائماً، فهو معصوم. هذا، مضافاً إلى أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد صرّح في حديث الثقلين بعدم افتراقهم عن القرآن الكريم، في قوله: «ولن يتفرّقا حتى يردا عليّ الحوض»، وتجويز المعاصي والأخطاء والاشتباه عليهم يعني تجويز افتراقهم عن القرآن. وهناك أدلّة أخرى عديدة على عصمة العترة الطاهرة، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، قول النبي «صلى الله عليه وآله»: «مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها هلك» 7. تركت فيكم ما ان تمسكتم به. وفيه دلالة على عصمة أهل البيت «عليهم السلام» وذلك لأنّ التخلّف عنهم حال الخطأ لا يعد هلاكاً، والنبي «صلى الله عليه وآله» صرّح فيه بأنّ النجاة في اتباعهم، والهلاك في التخلّف عنهم، فثبت أنّهم لا يخطئون، فإذاً هم معصومون.
إلا جيل القدوة أصحابه الغر الميامين. وتكرار نموذج الدولة والمنهاج في العصر النبوي كان في عصر الخلافة الراشدة التي احتذت حذو نبيها في جميع مرافق الحياة وقد شملها حديث النبي: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ" ؛ ففهم من هذا الحديث انه لا فرق بين منهج النبوة وبين منهج الخلفاء من بعده. حديث تركت فيكم ما إن تمسكتم به. وأكثر المفسرين على أن هذه الفترة امتدت إلى نهاية الخلفاء الراشدين – وقد استبعد شيخنا الإمام الألباني: أن خلافة عمر بن عبدالعزيز تحمل على هذا الحديث ؛ إذ لم تكن خلافته بعد ملكان: ملك عاض وملك جبري ومعاوية رضي الله عنه هو أول ملوك الإسلام كما أخبرنا رسول الله e في سياق هذا الحديث الشريف. أن الملك العاض ، هو حكم بالإسلام، ولكن فيه إساءة في تطبيق الإسلام منحيث البيعة! ، كالاستخلاف وولاية العهد في الحكم مثلاً، لكن على الرعية الطاعة في غير معصية، ويحرم على المسلمين الخروج على الحاكم في هذا الملك العاض ما دام يحكم بالإسلام، وإن كان هناك إساءة في التطبيق من ظلم وجلد للظهر وأكل المال والإستخلاف وولاية العهد، ولا أدل على الملك العاض من ملك بني أمية ثم ما تلاه من عهد العباسيين والعثمانيين... وهذا يدل عليه الجزء الثالث من الحديث «ثم تكون مُلكاً عاضاً فيكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها».
وذكر نحوه الشيخ علي القاريء في الموضع المشار إليه آنفا. ث م استظهر أن الوجه في تخصيص أهل البيت بالذكر ما أفاده بقوله: "إن أهل البيت غالبا يكونون أعرف بصاحب البيت وأحواله, فالمراد بهم أهل العلم منهم المطلعون على سيرته الواقفون على طريقته العارفون بحكمه وحكمته. وبهذا يصلح أن يكون مقابلا لكتاب الله سبحانه كما قال: (ويعلمهم الكتاب والحكمة). قلت: ومثله قوله تعالى في خطاب أزواجه صلى الله عليه وسلم في آية التطهير المتقدمة: (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة). فتبين أن المراد بـ (أهل البيت) المتمسكين منهم بسنته صلى الله عليه وسلم, فتكون هي المقصود بالذات في الحديث, ولذلك جعلها أحد (الثقلين) في حديث زيد بن أرقم المقابل للثقل الأول وهو القرآن, و هو ما يشير إليه قول ابن الأثير في (النهاية): " سماهما (ثقلين) لأن الآخذ بهما (يعني الكتاب و السنة) والعمل بهما ثقيل, ويقال لكل خطير نفيس (ثقل), فسماهما (ثقلين) إعظاما لقدرهما و تفخيما لشأنهما). حديث تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا - إسلام ويب - مركز الفتوى. قلت: والحاصل أن ذكر أهل البيت في مقابل القرآن في هذا الحديث كذكر سنة الخلفاء الراشدين مع سنته صلى الله عليه وسلم في قوله: "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين".