والسمن ، بكسر السين وفتح الميم: وفرة اللحم والشحم للحيوان يقال: أسمنه الطعام ، إذا عاد عليه بالسمن. والإغناء: الإكفاء ودفع الحاجة. ومن جوع متعلق بـ يغني وحرف من لمعنى البدلية ، أي: غناء بدلا عن الجوع. [ ص: 298] والقصر المستفاد من قوله: ليس لهم طعام إلا من ضريع مع قوله تعالى: ولا طعام إلا من غسلين يؤيد أن الضريع اسم شجر جهنم يسيل منه الغسلين.
[ ص: 297] يقال: أنى إذا بلغ شدة الحرارة ، ومنه قوله تعالى: يطوفون بينها وبين حميم آن في سورة الرحمن. وذكر السقي يخطر في الذهن تطلب معرفة ما يطعمونه فجيء به خبرا سادسا أو حالا من ضمير تسقى بجملة ليس لهم طعام إلا من ضريع ، أي: يطعمون طعام إيلام وتعذيب لا نفع فيه لهم ولا يدفع عنهم ألما. وجملة ليس لهم طعام إلخ خبر سادس عن وجوه. وضمير لهم عائد إلى وجوه باعتبار تأويله بأصحاب الوجوه ولذلك جيء به ضمير جماعة المذكر. والتذكير تغليب للذكور على الإناث. ليس لهم طعام إلا من ضريع. والضريع: يابس الشبرق بكسر الشين المعجمة وسكون الموحدة وكسر الراء وهو نبت ذو شوك إذا كان رطبا ، فإذا يبس سمي ضريعا وحينئذ يصير مسموما وهو مرعى للإبل ولحمر الوحش إذا كان رطبا ، فما يعذب بأهل النار بأكله شبه بالضريع في سوء طعمه وسوء مغبته. وقيل: الضريع اسم سمى القرآن به شجرا في جهنم وأن هذا الشجر هو الذي يسيل منه الغسلين الوارد في قوله تعالى: فليس له اليوم ها هنا حميم ولا طعام إلا من غسلين وعليه فحرف من للابتداء ، أي: ليس لهم طعام إلا ما يخرج من الضريع والخارج هو الغسلين وقد حصل الجمع بين الآيتين: ووصف ضريع بأنه لا يسمن ولا يغني من جوع لتشويهه وأنه تمحض للضر فلا يعود على آكليه بسمن يصلح بعض ما التفح من أجسادهم ، ولا يغني عنهم دفع ألم الجوع ، ولعل الجوع من ضروب تعذيبهم فيسألون الطعام فيطعمون الضريع فلا يدفع عنهم ألم الجوع.
وقال الحسن: هو بعض ما أخفاه الله من العذاب. وقال ابن كيسان: هو طعام يَضْرعون عنده ويذِلون، ويتضرعون منه إلى الله تعالى، طلباً للخلاص منه فسمي بذلك، لأن آكله يضرع في أن يُعْفَى منه، لكراهته وخشونته. قال أبو جعفر النحاس: قد يكون مشتقاً من الضارع، وهو الذليل أي ذو ضراعة، أي من شرِبه ذليل تلحقه ضراعة. وعن الحسن أيضاً: هو الزُّقوم. وقيل: هو وادٍ في جهنم. الْمَبحَثُ الحادي والأربَعونَ: انحِسارُ الفُرَاتِ عَن جَبَلٍ من ذَهَبٍ - الموسوعة العقدية - الدرر السنية. فالله أعلم. وقد قال الله تعالى في موضع آخر: { فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ * وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ} [الحاقة: 35 ـ 36]. وقال هنا: «إِلا مِن ضرِيع» وهو غير الغِسلِين. ووجه الجمع أن النار دَرَكات فمنهم مَنْ طعامه الزُّقوم، ومنهم من طعامه الغِسلين، ومنهم من طعامه الضريع، ومنهم من شرابه الحميم، ومنهم من شرابه الصّديد. قال الكلبيّ: الضريع في درجة ليس فيها غيره، والزقوم في درجة أخرى. ويجوز أن تُحْمل الآيتان على حالتين كما قال: { يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن: 44]. القُتَبيّ: ويجوز أن يكون الضريع وشجرة الزقوم نَبتين من النار، أو من جوهر لا تأكله النار.
وكذلك سلاسل النار وأغلالها وعقاربها وحياتها ، ولو كانت على ما نعلم ما بقيت على النار. قال: وإنما دلنا الله على الغائب عنده ، بالحاضر عندنا فالأسماء متفقة الدلالة ، والمعاني مختلفة. وكذلك ما في الجنة من شجرها وفرشها. القشيري: وأمثل من قول القتبي أن نقول: إن الذي يبقي الكافرين في النار ليدوم عليهم العذاب ، يبقي النبات وشجرة الزقوم في النار ، ليعذب بها الكفار. وزعم بعضهم أن الضريع بعينه لا ينبت في النار ، ولا أنهم يأكلونه. فالضريع من أقوات الأنعام ، لا من أقوات الناس. قراءة سورة الغاشية - AlGhaashiya | نص مكتوب بالخط الرسم العثماني. وإذا وقعت الإبل فيه لم تشبع ، وهلكت هزلا ، فأراد أن هؤلاء يقتاتون بما لا يشبعهم ، وضرب الضريع له مثلا ، أنهم يعذبون بالجوع كما يعذب من قوته الضريع. قال الترمذي الحكيم: وهذا نظر سقيم من أهله وتأويل دنيء ، كأنه يدل على أنهم تحيروا في قدرة الله تعالى ، وأن الذي أنبت في هذا التراب هذا الضريع قادر على أن ينبته في حريق النار ، جعل لنا في الدنيا من الشجر الأخضر نارا ، فلا النار تحرق الشجر ، ولا رطوبة الماء في الشجر تطفئ النار فقال تعالى: الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون. وكما قيل حين نزلت ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم: قالوا يا رسول الله ، كيف يمشون على [ ص: 29] وجوههم ؟ فقال: " الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم ".
قال: وأما في الدنيا فإنَّ الضريع: الشوك اليابس الذي ليس له ورق، تدعوه العرب الضريع، وهو في الآخرة شوك من نار