بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والعظات والذكر الحكيم، واستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله على فضله وإحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين، أما بعد: فاتقوا الله تعالى أيها المؤمنون والمؤمنات: واعلموا أن ما تقدمونه في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون. عباد الله: المساهمة في بناء المساجد تشمل جميعَها سواء كانت صغيرة أو كبيرة، أو كانت المساهمة في جزء من المسجد، فالحديث هنا جاء من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء، فالمساهم مع غيره في بناء مسجد والمجدد له ومن أدخل توسعةً عليه يكون داخلاً في مضمون الحديث السابق. فضل بناء المساجد و عمارتها - خطب منبريةالمكتبة الإسلامية العامة فضل بناء المساجد و عمارتها. ومن كان ينوي أن يبني مسجداً أو يساهم في بناءه حال حصوله على مال ولم يستطع كتب الله له أجر بناء مسجد، لقوله صلى الله عليه وسلم ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى.. )(متفق عليه)، وقال أيضاً (.. فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا، كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً.. )(رواه البخاري ومسلم)، ولأن قبول العمل متوقف على إخلاص صاحبه.
وأما العمارة المعنوية فتكون بالصلاة، والذكر، والدعاء، وإقامة دروس العلم، وحلقات تحفيظ القرآن الكريم، والمحاضرات، والندوات. فاحرصوا بارك الله فيكم على عمارة بيوت الله، وتسابقوا في الإنفاق عليها، وبذل الخير لها، وحافظوا على أداء الصلاة فيها، تنالوا خيري الدنيا والآخرة. أسأل الله جل وعلا أن يمن علينا وعليكم بالمساهمة في بناء مساجده، وأن يجعلنا ممن يعمرها إيماناً ومحبة وانقياداً لأمره. رجال لاتلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله عليه وسلم. هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليماً: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}(الأحزاب: 56). اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. فضيلة الشيخ عبد الله الطيار شارك في نشر المكتبة ليستفيد غيرك...
فضل بناء المساجد و عمارتها إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً, أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله،{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(آل عمران: 102). عباد الله: جعل الله جل وعلا المساجدَ أحبَّ الأماكن إليه، قال صلى الله عليه وسلم:( أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا) (رواه مسلم) ليُعبد فيها وحده، ويُذكر فيها اسمُه، ويُعلى فيها أمرُه ونهيُه، ويتقربُ فيها المسلمون إليه بشتى أنواع العبادات، من صلاة وذكر وتلاوة قرآن واعتكاف وتسبيح ودعاء، وتتطهرُ فيها النفوس والأبدان من أدران الذنوب والعصيان، وتحصلُ فيها الراحة والأنس، والأمن والإيمان، ولذة مناجاة الكريم المنان. فهي بيوت الله جل وعلا في الأرض، وهي أطهر البقاع وأنقاها، ومن مناراتها تعلو أصوات المؤذنين، وتتكرر كلمات التوحيد.
وقال صلى الله عليه وسلم:( مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ لِبَيْضِهَا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا في الْجَنَّةِ)(رواه أحمد، وصححه الألباني). منتديات أنا شيعـي العالمية - علي بيده أمري أن شاء أدخلني الجنة وأن شاء أدخلني النار. وكما حثنا الإسلام على بناء المساجد فقد حث أيضاً على عمارتها, وجعل ذلك علامة من علامات الإيمان, قال جل وعلا:{ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ}(التوبة:18). وقال صلى الله عليه وسلم:( مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ)(متفق عليه). أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}(النور: 36ــ 38).
وكذا قال سعيد بن أبي الحسن ، والضحاك: لا تلهيهم التجارة والبيع أن يأتوا الصلاة في وقتها. وقال مطر الوراق: كانوا يبيعون ويشترون ، ولكن كان أحدهم إذا سمع النداء وميزانه في يده خفضه ، وأقبل إلى الصلاة. وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ( لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) يقول: عن الصلاة المكتوبة. وكذا قال الربيع بن أنس ومقاتل بن حيان. وقال السدي: عن الصلاة في جماعة. رجال لاتلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله العظمى السيد. وعن مقاتل بن حيان: لا يلهيهم ذلك عن حضور الصلاة ، وأن يقيموها كما أمرهم الله ، وأن يحافظوا على مواقيتها ، وما استحفظهم الله فيها. وقوله: ( يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار) أي: يوم القيامة الذي تتقلب فيه القلوب والأبصار ، أي: من شدة الفزع وعظمة الأهوال ، كما قال تعالى ( وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين) [ غافر: 18] ، وقال تعالى: ( إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار) [ إبراهيم: 42] ، وقال تعالى: ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا) [ الإنسان: 8 - 12].
قال هشيم: عن سيار: [ قال] حدثت عن ابن مسعود أنه رأى قوما من أهل السوق ، حيث نودي بالصلاة ، تركوا بياعاتهم ونهضوا إلى الصلاة ، فقال عبد الله: هؤلاء من الذين ذكر الله في كتابه: ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله). وهكذا روى عمرو بن دينار القهرماني ، عن سالم ، عن عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما ، أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة ، فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد ، فقال ابن عمر: فيهم نزلت: ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله). رجال لاتلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله العنزي. رواه ابن أبي حاتم ، وابن جرير. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن بكر الصنعاني ، حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا عبد الله بن بجير ، حدثنا أبو عبد رب قال: قال أبو الدرداء ، رضي الله عنه: إني قمت على هذا الدرج أبايع عليه ، أربح كل يوم ثلاثمائة دينار ، أشهد الصلاة في كل يوم في المسجد ، أما إني لا أقول: " إن ذلك ليس بحلال " ولكني أحب أن أكون من الذين قال الله: ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله). وقال عمرو بن دينار الأعور: كنت مع سالم بن عبد الله ونحن نريد المسجد ، فمررنا بسوق المدينة وقد قاموا إلى الصلاة وخمروا متاعهم ، فنظر سالم إلى أمتعتهم ليس معها أحد ، فتلا سالم هذه الآية: ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) ثم قال: هم هؤلاء.