إذا تعرضت لحادث سير أول سؤال لك، أنت من أين؟ إذا راجعت طبيباً، أنت من أين؟ إذا ساقك القدر إلى ميكانيكي، بنشرجي، كهربجي، أنت من أين؟ إذا قررت ترشيح نفسك، أنت من أين؟ إذا تقدمت لوظيفة، أنت من أين؟ إذا وقفت في أي طابور – حتى لو كان العاشر- ، أنت من أين؟ إستوقفني هذا السؤال مطولاً، وبت حيران أسأل نفسي هل نحن بلا هوية حتى نُسأل هذا السؤال، أم نحن نكرة لا يحق لنا التحدث ومشاركة الآخرين بعض الأفكار والطروحات، ثم الأهم من ذلك كله ماذا سيُستفيد السائل معرفة أنت من أين، وما الذي يُبطنه خلف ذاك السؤال؟ وهل إذا عرف أنت من أين سيغير رأيه إيجابا أم سلبا! ؟ سابقاً،كانت أجوائنا أسرية مفعمة بالحب والانتماء والولاء، نتقاسم ضنك الحياة بما فيها من نكد، وتجسدت بيننا علاقات تاريخية روابطها عربية الانتماء هاشمية الولاء، لا تكاد تميز فقيراً من غني، شيخاً من راعي غنم، أبناء الذوات من أبناء الذات. أما اليوم فبالرغم من ارتفاع حرارة الأرض وانفجار طبقة الأوزون، لم يعد يرفع الحرارة في وجوه البعض لهيب الشمس وحرقة الصحراء، وبتنا نتحسر على تلك الأيام الخوالي وما فيها من دفء وحرارة، بالرغم من ضيق الحال وبرودة الأحوال،حيث أول سؤال يوجه إليك الآن ( بلا زغرة انته من وين؟).
بالأمس عاد صديق لي حزيناً مكسور الخاطر الى منزله، إنخدش إحساسه بالمواطنية الصبي حرام! لسبب واحد ان عناصر الحاجز الأمني القائم قرب جسر الفيات كان قد قام بتوقيفه (صف عاليمين) مدة نصف ساعة كاملة بدافع "الزناخة" و "الكماخة" ليس إلا.. بأي حق وبأي منطق أمني وبأي دولة قانون يسأل الدركي المواطنين عن مكان ولادتهم؟ السبب معروف! ليحاول إستكشاف شو دينو! فإن كان توقيف المواطنين الأمنين والتحقيق معهم لنصف ساعة في عرض الشارع بسبب الإنتماء الديني البغيض هو إسلوب العناصر الامنية في كشف الجريمة، فعلينا وعلى أمننا السلام!!! ويا ويلك ويا سواد ليلك إذا زبطت مع الدركي وطلع ناقصك ورقة! أو ناسي هويتك بالبيت! من وين آیت الله. طبعاً مش فارقة معو الهوية، فارق معو كيف بدو يعرف شو ديانتك ليستنسب لك تهمة أو يحدد بماذا سيشك بك وبسيارتك! أنت من وين؟ وشو خصك أنا من وين؟ عامل حاجز لتعمل إحصاء سكاني أو لتحفظ الأمن ؟؟ من اين تفتقت العبقرية الأمنية عن ان سيارة "الفولكس واكن" وفتاة جميلة، وشاب عاد حديثاً الى لبنان في طريق العودة من سهرة لطيفة تنسيهم ويلات بلدهم ذو الحرية المنقوصة تشكل خطراً أمنياً… اعتقد لو ان الدركي شك لبرهة بأن تسريحة الشاب "السبايكي على هيئة القنفذ" كان سلاحاً ينطح به الناس فيدميهم كان ليكون اقل غباءً من إستنسابه الأمن على الطائفة!
ظاهرة التنميط ويرى د.