وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: عنى بذلك: ليشهدوا منافع لهم من العمل الذي يرضي الله والتجارة، وذلك أن الله عمّ لهم منافع جميع ما يَشْهَد له الموسم، ويأتي له مكة أيام الموسم من منافع الدنيا والآخرة, ولم يخصص من ذلك شيئا من منافعهم بخبر ولا عقل, فذلك على العموم في المنافع التي وصفت. وقوله: ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنَ بَهِيمَةِ الأنْعامِ) يقول تعالى ذكره: وكي يذكروا اسم الله على ما رزقهم من الهدايا والبُدْن التي أهدوها من الإبل والبقر والغنم، في أيام معلومات، وهنّ أيام التشريق في قول بعض أهل التأويل. وفي قول بعضهم أيام العَشْر. وفي قول بعضهم: يوم النحر وأيام التشريق. ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام. وقد ذكرنا اختلاف أهل التأويل في ذلك بالروايات, وبيِّنا الأولى بالصواب منها في سورة البقرة, فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع، غير أني أذكر بعض ذلك أيضا في هذا الموضع. حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, في قوله: ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) يعني أيام التشريق. حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد بن سليمان, قال: سمعت الضحاك في قوله: ( أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) يعني أيام التشريق، ( عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعام) يعني البدن.
وقوله: ( لِيَشْهُدوا مَنافِعَ لَهُمْ) اختلف أهل التأويل في معنى المنافع التي ذكرها الله في هذا الموضع فقال بعضهم:هي التجارة ومنافع الدنيا. *ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, قال: ثنا عمرو بن عاصم, عن أبي رزين, عن ابن عباس: ( لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) قال: هي الأسواق. حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو تُمَيلة, عن أبي حمزة, عن جابر بن الحكم, عن مجاهد عن ابن عباس, قال: تجارة. حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو أحمد, قال: ثنا سفيان, عن عاصم بن بهدلة, عن أبي رزين, في قوله: ( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لهُمْ) قال: أسواقهم. «ليشهدوا منافع لهم..» | مجلة الاقتصاد الإسلامي. قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن واقد, عن سعيد بن جُبير: ( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) قال: التجارة. حدثنا عبد الحميد بن بيان, قال: أخبرنا إسحاق عن سفيان, عن واقد, عن سعيد بن جبير, مثله. حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن واقد, عن سعيد, مثله. حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا سنان, عن عاصم بن أبي النجود, عن أبي رزين: ( لِيَشْهَدُوا مَنافِعُ لَهُمْ) قال: الأسواق. وقال آخرون: هي الأجْر في الآخرة, والتجارة في الدنيا. *ذكر من قال ذلك:- حدثنا ابن بشار, وسوار بن عبد الله, قالا ثنا يحيى بن سعيد, قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) قال: التجارة, وما يرضي الله من أمر الدنيا والآخرة.
وهنا مقترح أو تأكيد أفكار أو خطط متوقع أنها موجودة. أعلن قبل أسابيع عن إقامة مشروع حضاري كبير مجاور لمكة باسم الفيصلية. ينبغي تخصيص أجزاء كبيرة من مشروع الفيصلية لإقامة مدن صناعية تمثل فيها الصناعات والحرف المحلية في العالم الإسلامي. ليشهدوا منافع لهم و يذكروا اسم الله في ايام. أي أنه تقام في هذه المدينة مصانع مخصصة لإنتاج سلع تنتجها البيئات والمجتمعات الإسلامية. والرأي أن تتعاون الجهات الحكومية المعنية كهيئة الاستثمار وهيئة المدن الصناعية، مع القطاع الخاص وخاصة في مكة المكرمة ما جاورها، وأن يجري تنسيق مع منظمة المؤتمر الإسلامي، والغرفة التجارية الإسلامية، حول التفاصيل وحول التنفيذ. وقد تضم المدينة المنورة بصورة ما. الإنتاج يباع على الزوار والمعتمرين والحجاج وغيرهم. وللتعريف بما تنتجه المدينة الصناعية، ينبغي أن يقام معرض أو معارض صناعية دائمة، تحوي نماذج من الصناعات التقليدية والحرف القائمة والمنتشرة في المجتمعات الإسلامية. وعيدكم مبارك وتقبل الله من الجميع.
روى البخاري (5565) ومسلم (1966) عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا. اللهم إن هذا منك ولك " ( اللَّهُمَّ مِنْك): أَيْ هَذِهِ الأُضْحِيَّة عَطِيَّة ورزق وصل إِلَيَّ مِنْك ( وَلَك): أَيْ خَالِصَة لَك. قوله صلّى الله عليه وسلّم: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أمر بكبشٍ أقرنَ، يطأُ في سوادٍ، ويبركُ في سوادٍ، وينظرُ في سوادٍ فأُتِيَ به فقال لها ( يا عائشةُ! هَلُمِّي المُدْيَةَ). ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله. ثم قال: (اشحَذِيها بحجرٍ) ففعلت ثم أخذها، وأخذ الكبشَ فأضجَعَه ثم ذبحَه ثم قال (باسمِ اللهِ اللهم! تقبل من محمدٍ وآلِ محمدٍ ومن أُمَّةِ محمدٍ) ثم ضحَّى به). دعاء الذبح بنية الشفاء روى الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي شداد بن أوس -رضي الله عنه- أنّه قال: (إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ). قال تعالي: (وَلا تَأكُلوا مِمّا لَم يُذكَرِ اسمُ اللَّـهِ عَلَيهِ وَإِنَّهُ لَفِسقٌ).
وهذا اختيار ابن جرير في تفسيره ، واستدل من نصر القول بأن الأضاحي يتصدق منها بالنصف بقوله في هذه الآية: ( فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) ، فجزأها نصفين: نصف للمضحي ، ونصف للفقراء. والقول الآخر: أنها تجزأ ثلاثة أجزاء: ثلث له ، وثلث يهديه ، وثلث يتصدق به; لقوله في الآية الأخرى: ( فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر) [ الحج: 36] وسيأتي الكلام عليها عندها ، إن شاء الله ، وبه الثقة. جريدة الرياض | «ليشهدوا منافع لهم». وقوله: ( البائس الفقير) ، قال عكرمة: هو المضطر الذي عليه البؤس ، [ والفقير] المتعفف. وقال مجاهد: هو الذي لا يبسط يده. وقال قتادة: هو الزمن. وقال مقاتل بن حيان: هو الضرير.