{ أَلَمْ تَرَ} [النور: 41] يعني: ألم تعلم، كما في قوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ} [الفيل: 1] ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم وُلِد عام الفيل، ولم يَرَ هذه الحادثة، فلماذا لم يخاطبه ربُّه بألم تعلم ويريح الناس الذين يتشكّكون في الألفاظ؟ قالوا: ليدلّك على أن ما يخبرك الله به ـ غيباً عنك ـ أوثقُ مما تخبرك به عينُك مشهداً لك؛ لأن مصدر علمك هو الله، أَلاَ ترى أن النظر قد يصيبه مرض فتختل رؤيته، كمن عنده عمى ألوان أو قِصَر نظر.. إلخ إذن: فالنظر نفسه وهو أوثق شيء لديك قد يكذب عليك. ما معنى التسبيح؟ والتسبيح: هو التنزيه، والتنزيه أن ترتفع بالمنزّه عن مستوى ما يمكن أنْ يجولَ بخاطرك: فالله تعالى له وجود، وأنت لك وجود، لكن وجودَ الله ليس كوجودك، الله له ذاته وصفات، لكن ليست كذاتك وصفاتك.. إلخ. إذن: نزَّه ذات الله تعالى عن الذوات التي تعرفها؛ لأنها ذوات وُهِبَتْ الوجود، أما ذات الله فغير موهوبة، ذات الله ذاتية، كذلك لك فِعْل، ولله تعالى فِعْل. ما معنى سبحان الله ؟ ما معنى التسبيح؟. وقد ذكرنا في قوله تعالى: { سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَا} [الإسراء: 1].
لذلك يقول تعالى: { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرحمن: 5] يعني: بحساب دقيق، وما كان للشمس أنْ تضبط الوقت إلا إذا كانت هي في ذاتها منضبطة. { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} [النور: 41] أي: لقيوميته تعالى على خَلْقه. ثم يقول الحق سبحانه: { وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ}
وما دام أن الكون كله سبَّح لله، وما يزال يُسبِّح فلم يَبْقَ إلا أنت يا ابن آدم: { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ} [الأعلى: 1] يعني: استح أن يكون الكون كله مُسبِّحاً وأنت غير مُسبِّح، فصِلْ أنت تسبيحك بتسبيح كل هذه المخلوقات. وعجيب أن نسمع من يقول أن (مَنْ) في الآية للعاقل، فهو الذي يُسبِّح أمّا السموات والأرض فلا دخلَ لهما في هذه المسألة، ونقول: لا دخلَ لها في تصورك أنت، أمّا الحقيقة فإنها مثلك تُسبِّح كما قال تعالى: { كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} [النور: 41]. معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم ألتسبيح للرجال والتصفيق للنساء. - إسلام ويب - مركز الفتوى. وقال: { وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ} [الرعد: 13] فليس لك بعد كلام الله كلام. وآخر يقول لك: التسبيح هنا ليس على الحقيقة، إنما هون تسبيح دلالة وحال، لا مقال، يعني: هذه المخلوقات تدلُّ بحالها على تسبيح الله وتنزيهه، وأنه واحد لا شريك له، على حد قول الشاعر: وَفِي كُلِّ شَيء لَهُ آيَةٌ تدُلُّ على أنَّه الوَاحِدُ وهذا القول مردود بقوله تعالى: { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44]. إذن: فهذه المخلوقات تُسبِّح على الحقيقة ولها لسان ولغة، لكنك لا تفهم عنها ولا تفقه لغاتها، وهل فهمتَ أنت كل لغات بني جنسك حتى تفهم لغات المخلوقات الأخرى؟ إن العربي إذا لم يتعلم الإنجليزية مثلاً لا يستطيع أن يفهم منها شيئاً، وهي لغة منطوقة مكتوبة، ولها ألفاظ وكلمات وتراكيب مثل العربية.
ومن أراد أن يضع الله تعالى حلاً لجميع المشاكل التي يمر بها في حياته، فعليه أيضًا أن يمجد كثيرًا. كل هذه فوائد تمجيد في الدنيا، كما أن للتمجيد فوائد كثيرة جدًا قد تفيد الإنسان في الآخرة، ومن أهم هذه الفوائد. كثرة التمجيد تجعل الله سبحانه وتعالى يغفر لك كل ما اقترفته من ذنوب، فمثلاً إذا قال قائل (سبحان الله وله الحمد) مائة مرة، فإن الله تعالى يغفر له كل ذنوبه، حتى لو إنهم مثل زبد البحر. ومن أراد أيضا أن ينال الكثير من الحسنات، فإنه يأتي يوم القيامة ويرى جبال الحسنات، وعندما يسأل عن صاحبها يعلم أنه صاحبها، فهو يعلم أيضا أن كل هذه الجبال. من الحسنات كانت بسبب كثرة ذكر الله والحمد لله سبحان الله العظيم. أفضل تسبيح السنة حيث قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: "كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلان في الميزان، حبيبان الرحمن. سبحان الله والحمد لله. تبارك الله العظيم. كما أن من أعظم الفوائد العظيمة للتمجيد أن الله تعالى يرضي الإنسان الذي يشيد كثيراً، ومن أجمل الأشياء التي ينالها الإنسان في حياته وفي الآخرة أيضاً الكثير من تمجيد. كما أن من أعظم فوائد التمجيد أنه ينير القلب ويملأه بالحب والخير والعطاء والسعادة.