والقرآن الكريم هو حبل الله المتين، من عمل بما فيه نال الأجر والثواب، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم. وخير الناس هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لقول الله عز وجل ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾، وخير أمة محمد صلى الله عليه وسلم هم الذين تعلموا القرآن حق تعلمه وعلموه لغيرهم حق تعليمه. [ شرح حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه] والخطاب في هذا الحديث للأمة جمعاء، فخير هذه الأمة من جمع بين وصفين أولهما: تعلّم القرآن وثانيهما: علَّمه لغيره لم يكتف بمجرد تعلمه، وليس المقصود بتعلم القرآن تعلم الألفاظ فقط إنما يشمل تعلم اللفظ مع المعنى، فلا بد من الجمع بين التلاوة والحفظ مع التفسير. فيتعلمه ويحفظه ويتدبر آياته ويتمعن في تفسيره ويستنبط أحكامه ويعمل بها، ويستفيد من العلوم الشرعية التي يحتاج إليها في معرفة القرآن وأحكامه، وبعد أن يتعلمه يعلِّمه لغيره فيصبح عالماً ومعلماً. فلا بد لمن يتعلمه أن يستفيد من العلوم الشرعية الأخرى أصولاً وفروعاً، حيث أن القرآن الكريم يفسر بعضه بعضاً، ويصدق بعضه بعضاً، فما جاء مجملاً في آية جاء في آيات أخرى مفصلاً، وما جاء في موضع عام تم تخصيصه في موضع آخر، وما جاء مطلقاً جاء مقيداً في موضع آخر.
بهجة الناظرين شرح رياض الصالحين, تأليف: سليم بن عيد الهلالي, دار ابن الجوزي. نزهة المتقين شرح رياض الصالحين, تأليف: مصطفى الخن ومصطفى البغا ومحي الدين مستو وعلي الشربجي ومحمد لطفي, مؤسسة الرسالة, ط 14، عام 1407 - 1987. شرح رياض الصالحين، لابن عثيمين، نشر: دار الوطن للنشر، الرياض، الطبعة: 1426هـ. رياض الصالحين، للنووي، تحقيق: ماهر الفحل، دار ابن كثير، بيروت، الطبعة الأولى 1428هـ - 2007م. فتح الباري شرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني، الناشر: دار المعرفة - بيروت، 1379. مفردات ذات علاقة: تفسير القرآن والمفسرون ترجمة نص هذا الحديث متوفرة باللغات التالية العربية - العربية الإنجليزية - English الفرنسية - Français الإسبانية - Español التركية - Türkçe الأردية - اردو الأندونيسية - Bahasa Indonesia البوسنية - Bosanski الروسية - Русский البنغالية - বাংলা الصينية - 中文 الفارسية - فارسی
عليهم أن يُعنوا بالقرآن الكريم ليسدُّوا منافذ العدو إلى العقائد والأخلاق، ولتبطل محاولات الاستعمار في الاعتداء على الأوطان، ولينهض المجتمع بما يدعو إليه من عمل على أساس العلم والإيمان. لقد عنى به السلف الصالح فعزُّوا، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها. اقرءوا القرآن فإنه يأتي شفيعًا لأصحابه يوم القيامة، ويُقال لقارئ القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت تُرَتِّل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها، علِّموه أولادكم حتى يُلبسكم الله تاجًا من نور يوم القيامة، كما وردت بذلك الأحاديث ولا تتخذوه مَهْجُورًا، بل طبِّقوا مبادئه تسعدوا في دنياكم وأخراكم، قال تعالى: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِه اللهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (سورة المائدة: 15،16).
وكلام الله عند تلاوتنا له وتفقُّهنا فيه يزيدنا إيمانًا بالله وإدراكًا لعظمته. ودستور الحياة السعيدة كُلَّما تعمَّقنا في حفظه ودراسته قويت الرغبة في احترامه والعمل على الإفادة من هدايته. والمعرفة عن طريق القرآن معرفة صادقة، والتطبيق على أساسها مضمون النتيجة، وقال تعالى (فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَاي فَلا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى) (سورة طه: 123) وقال (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِن الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (سورة إبراهيم: 2). وتعليمنا للقرآن نشرٌ لهدايته، وتوعية للناس بدستورهم، وأساس لمعرفة حقوقهم وواجباتهم، والمعرفة هي طريق العمل، والثقافة داعية النهوض بالمجتمع. والقرآن بالذات جماع الثقافات الصحيحة والمعرفة الصادقة ، ودعوته دعوة للحضارة الأصيلة الشاملة، فهو ليس كتابًا روحانيًا مَحضًا يُرَتَّل للعبادة فحسب، بل هو نظام حياة كاملة في جميع قطاعاتها المادية والرُّوحية، إنه يدعو إلى العلم والعمل والتطور والنهوض، ويُربى جيلاً قويَ العقيدة، مستقيم الفِكْر، صافي النفس، متينَ الخُلُق، جديرًا بحياة كلُّها قوة ورخاء وازدهار. ولأهمية القرآن وضرورته للحياة السعيدة جاءت النصوص الكثيرة مُرَغِّبَة في الإقبال عليه، مُحَذِّرة من التجافي عنه.