قال: فلم أبرح، حتى جاء رجل من الأجلاء، فحدث بما كان، فوهب لها خمسمائة دينار. إنّه الإله العظيم الكريم المجيب... يدعى ويؤمل لصلاح القلب، فتذهب عن النفوس شدتها، وعن القلوب قسوتها، ويبتهل إليه لشفاء السقيم ومغفرة الذنب العظيم، فيشفى المرض ويغفر الذنب. إنّه مجيب السائلين صاحب العطايا، ومنزل البركات... وفي ساعات الاضطرار واليأس من كل قريب، وانقطاع الأسباب عن كل مجيب فالله هو الذي {يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [سورة النمل: من الآية 62]. أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب (المجابين) عن الحسن ـ رحمه الله ـ أنّه قال: كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار يكنى أبا مغلق وكان تاجرًا يتجر بمال له ولغيره يضرب به في الآفاق وكان ناسكًا ورعًا فخرج مرة فلقيه لص مقنع في السلاح. القريب (أسماء الله الحسنى) - ويكيبيديا. فقال له: ضع ما معك فإنّي قاتلك! قال: فما تريد إلى دمي فشأنك والمال؟ قال: أما المال فلي، ولست أريد إلاّ دمك. قال: أما إذا أبيت فذرني أصلي أربع ركعات. قال: صلي ما بدا لك.
اللهم لك الحمد أنت المستعان على كل نائبة، وأنت المقصود عند كل نازلة، لك عنت وجوهنا وخشعت لك أصواتنا، أنت الرب الحق... وأنت الملك الحق... وأنت الإله الحق. أنت المدعوّ في المهمات، وإليك المفزع في الملمات، لا يندفع منها إلاّ ما دفعت، ولا ينكشف منها إلاّ ما كشفت. ونصلي ونسلم على أشرف رسلك وخاتم أنبيائك وعلى الآل والصحب ومن تبعهم بإحسان. أما بعد: فإنّ من حكمة الله أن يبتلي عباده بألوان من الهموم والأمراض والمصائب؛ ليسألوه، ويقفوا بين يديه، فيجدوا ربًا غنيًا غير فقير، وقريبًا غير بعيد، وعزيزًا غير ذليل لأنّ الابتلاء يسوق الإنسان إلى ربه سوقًا، يتوسل إليه ويدعوه فيجده ربه قريبًا مجيبًا فيعرف العباد له قدرته وكرمه ورحمته وحكمته. ذلك هو اسم الله المجيب: {إنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [سورة هود: من الآية 61]. مجيب السائلين حملت ذنبي *** وسرت على الطريق إلى حماكا ورحت أدق بابك مستجيرًا *** ومعتذرًا... ومنتظرًا رضاكا دعوتك يا مفرج كل كرب *** ولست ترد مكروبًا دعاكـا وفي خضم الحياة المادية يحتاج المؤمن إلى ملجئ يأوي إليه، ومعين يعتمد عليه، وقوي جليل يتقوى بقواه، وعظيم كبير يحتمي بحماه ومفتاح ذلك الدعاء.
والإجابة تحتاج إلي الاستجابة، يقول الحق سبحانه وتعالى: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون "186" (سورة البقرة) والإجابة تعطي للداعي جهراً وسراً وصمتاً وخاطراً فهو عالم السر وأخفى. ويقول الحق جل وعلاه: واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال.. "205" (سورة الأعراف) أمن يجيب المضطر إذا دعاه.. "62" (سورة النمل) ومعنى المضطر، أي الذي استنفذ كل أسباب الدنيا، فهو حينئذ يفزع إلي الله وتعالى أن يمده بمدد من عنده بعد أن استنفد الأسباب، وهذه النقطة يجب أن نقف عندها، لأن بعض الناس يسألون: لماذا لا يجيب الله دعاءهم؟ ويقولون: إن الله سبحانه وتعالى قال: { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون "186"} (سورة البقرة) ثم يضيف القائل: لقد دعوت الله فلم يستجب لي. نقول له: إن الله سبحانه وتعالى يأمرك أولاً أن تأخذ بالأسباب، ولكنك حين تتخلى عن أسباب تحركك في الحياة، ثم تطلب من الله فإنه لا يجيبك، لأنك لم تأخذ بأسباب الحياة أولاً. لذلك فأنت لست مضطراً، أي: أنك لم تستنفذ الأسباب.