قوله تعالى: وتخفي في نفسك ما الله مبديه. قد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك أن من أنواع البيان التي تضمنها بيان الإجمال الواقع بسبب الإبهام في صلة موصول ، وذكرنا أن من أمثلة ذلك قوله تعالى: وتخفي في نفسك ما الله مبديه [ 33 \ 37] ، لأن جملة: الله مبديه صلة الموصول الذي هو ما. وقد قلنا في الترجمة المذكورة: فإنه هنا أبهم هذا الذي أخفاه - صلى الله عليه وسلم - في نفسه وأبداه الله ، ولكنه أشار إلى أن المراد به زواجه - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش - رضي الله عنها - حيث أوحى إليه ذلك ، وهي في ذلك الوقت تحت زيد بن حارثة; لأن زواجه إياها هو الذي أبداه الله بقوله: فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها [ 33 \ 37] ، وهذا هو التحقيق في معنى الآية الذي دل عليه القرآن ، وهو اللائق بجنابه - صلى الله عليه وسلم. وتخفي في نفسك ما الله مبديه الشيعة. وبه تعلم أن ما يقوله كثير من المفسرين من أن ما أخفاه في نفسه - صلى الله عليه وسلم - وأبداه الله وقوع [ ص: 240] زينب في قلبه ومحبته لها ، وهي تحت زيد ، وأنها سمعته قال: " سبحان مقلب القلوب " إلى آخر القصة ، كله لا صحة له ، والدليل عليه أن الله لم يبد من ذلك شيئا ، مع أنه صرح بأنه مبدي ما أخفاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، انتهى محل الغرض من كلامنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك.
[٢] الحكمة في زواج الرسول من زينب ما سبب أمر الله بزواج النبي من زينب بنت جحش؟ إنَّ الله إذا أراد تشريع أمرٍ فإنَّه يجعل سببًا له، وقد كان زيد بن حارثة هو ابن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن طريق التبني ، وقد حدث ذلك في الجاهليَّة، ولما جاء الإسلام أبطل التَّبني، ولكن من عادة الجاهيَّة أنَّ الرجل لو تبنى ولدًا فلا يصح أن يتزوج امرأة ابنه بالتبني بعد أن يطلقها، ولم تكن زينب بنت جحش على وفاق مع زوجها، فطلَّقها زيد بن حارثة.
وقال: لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم. تساؤل مهم: وقال أبو الليث السمرقندي: فإن قيل: فما الفائدة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بإمساكها؟ الجواب: فهو أن الله أعلم نبيه أنها زوجته، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن طلاقها، إذ لم تكن بينهما ألفة، وأخفى في نفسه ما أعلمه الله به، فلما طلقها زيد خشي قول الناس: يتزوج امرأة ابنه، فأمره الله بزواجها ليباح مثل ذلك لأمته، كما قال تعالى: لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا. وقد قيل: كان أمره لزيد بإمساكها قمعا للشهوة، وردا للنفس عن هواها. وهذا إذا جوزنا عليه أنه رآها فجأة واستحسنها. ومثل هذا لا نكرة فيه، لما طبع عليه ابن آدم من استحسانه للحسن، ونظرة الفجاءة معفو عنها، ثم قمع نفسه عنها، وأمر زيدا بإمساكها، وإنما تنكر تلك الزيادات التي في القصة. على جمعة: التبني حرام .. فيديو - قناة صدى البلد. والتعويل والأولى ما ذكرناه عن علي بن حسين. وقد روي عن الحسن وعائشة: لو كتم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- شيئا كتم هذه الآية، لما فيه من عتبة وإبداء ما أخفاه.
أضواء البيان " ( 6 / 582 ، 583).
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَإذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ) وهو زيد أنعم الله عليه بالإسلام (وَأنْعَمْتَ عَلَيْهِ) أعتقه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) قال: وكان يخفي في نفسه ودَّ أنه طلقها. قال الحسن: ما أنـزلت عليه آية كانت أشد عليه منها؛ قوله (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) ولو كان نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كاتما شيئا من الوحي لكتمها ( وَتَخْشَى &; 20-274 &; النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ) قال: خشِي نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مقالة الناس.