هنري كيسنجر يحذر العالم من هلاك اقتصادي يستمر لأجيال بسبب فيروس كورونا ويؤكد على ضرورة حفاظ الولايات المتحدة على قيادتها للنظام الليبرالي العالمي حذر وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر عام من احتمالية تعرض العالم أجمع لهلاك اقتصادي محقق في حال عجز الدول والحكومات عن اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي لأزمة استمرار تفشي الفيروس التاجي. وذكرها كيسنجر صراحة في مقاله الأخير الصادر بجريدة وول ستريت جورنال "الفشل يمكن أن يحرق العالم". ويعتقد السياسي المخضرم البالغ من العمر 96 أن البيت الأبيض قام باتخاذ تدابير فورية لمحاولة تجنب وقوع الكارثة، إلا أنه أكد على ضرورة استمرار الحكومة مواصلة جهوها للتوصل إلى علاج للمرض القاتل في أقرب وقت ممكن ليس فقط لاستعادة ثقة الأمريكيين في دولتهم ولكن من أجل أن يستعيد العالم أجمع ثقته في واشنطن. وقال كيسنجر أن عدد كبير من المؤسسات العالمية سيكتب عليها الفشل التام بعد انتهاء تلك الجائحة وبصرف النظر عما إذا كان الحديث عن فشل تلك المؤسسات يعد حكما موضوعيا أم لا، إلا أن الحقيقة المؤكدة هي أن وجه العالم سيتغير تماما بعد أزمة فيروس كورونا. كما أشار إلى ضرورة أن تمضي واشنطن قدما في سبيل التوصل إلى علاج فعال في القريب العاجل، والمساهمة في إعادة بناء الاقتصاد والحفاظ على النظام الليبرالي العالمي، مؤكدا على أن الولايات المتحدة بمفردها لا يمكنها التغلب على الفيروس.
وما يؤكده المؤلف بأشكال مختلفة هو أن «الواقعية» التي أراد هنري كيسنجر أن يصبغها على السياسة الخارجية الأميركية، إنما كانت ردا على السياسة الداخلية آنذاك بمقدار ما كانت نتيجة عملية تحليل وتقييم لمعطيات العلاقات الدولية. فعلى الصعيد الداخلي كان الجزء الأكبر من الأميركيين يميل في سنوات السبعينات إلى تركيز الانتباه على الشأن المحلّي الأميركي على خلفية «التعب» من المشاريع التوسعية «الإيديولوجية» في الخارج، والتي كانت الحرب في فييتنام هي أحد أبرز تعبيراتها البليغة. ما فعله هنري كيسنجر هو أنه استجاب لذلك الميل الراجح لدى الرأي العام و«ترجم» العزوف الشعبي الأميركي «عن السياسة» فيما اعتبره «توجها واقعيا»، بمعنى الابتعاد عن المغامرات الخارجية أساسا، في السياسة الخارجية. لم يكن ذلك على خلفية خيار قائم على قناعات، ولكن إيمانا منه على أن تلك «الواقعية» تساهم في ذلك السياق بالفوز في الانتخابات. ذلك من خلال الإجماع الذي كانت تحظى فيه. ولا يتردد المؤلف في هذا الإطار عن التأكيد أن «الواقعية» التي طبّقها كيسنجر خلال سنوات السبعينات كانت «جامدة» بنفس درجة «النزعة المحافظة الجديدة» التي كان يُفترض أنها قد جاءت لتحلّ محلها.
الكتاب: الواقعي المتطرف، هنري كيسنجر وتكوّن السياسة الخارجية الأميركية تأليف: ماريو ديل بيرو الناشر: جامعة كورنيل ــ 2010 الصفحات: 193 صفحة القطع: المتوسط The eccentric realist Mario Del Pero Cornell University Press 2010 193P.
رأى وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر في مقال له بصحيفة وول ستريت جورنال، أن جائحة كورونا ستغيّر النظام العالمي للأبد. وأوضح كيسنجر أن الأضرار التي ألحقها تفشي فيروس كورونا المستجد بالصحة قد تكون مؤقتة، إلا أن الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي أطلقها قد تستمر لأجيال عديدة. وقال إن الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم الآن بسبب الوباء الفتاك، أعادت إلى ذهنه المشاعر التي انتابته عندما كان جنديا في فرقة المشاة خلال مشاركته في الحرب العالمية الثانية أواخر عام 1944، حيث يسود الآن الشعور نفسه بالخطر الوشيك الذي لا يستهدف أي شخص بعينه، وإنما يستهدف الكل بشكل عشوائي ومدمر. ورغم أوجه الشبه بين تلك الحقبة البعيدة وما نعيشه اليوم، يقول كيسنجر، فإن هناك فرقا مهما يتمثل في كون قدرة الأميركيين على التحمل في ذلك الوقت عززها السعي لتحقيق غاية وطنية عظمى، بينما تحتاج الولايات المتحدة في ظل الانقسام السياسي الذي تعيشه اليوم إلى حكومة تتحلى بالكفاءة وبعد النظر للتغلب على العقبات غير المسبوقة من حيث الحجم والنطاق العالمي المترتبة على تفشي الوباء. الاستعداد لما بعد كورونا وأشار كيسنجر إلى أن قادة العالم يتعاطون مع الأزمة الناجمة عن الوباء على أساس وطني بحت، إلا أن تداعيات التفكك الاجتماعي المترتب على تفشي الفيروس لا تعترف بالحدود.
كان العنصر الذي تم إهماله هو تهيئة بديل يمكن تصوره وتحقيقه، والذي يجمع بين أهداف قابلة للتحقيق. ربما كان من الممكن تقليص هدف مكافحة التمرد إلى احتواء طالبان بدلاً من تدميرها. وربما كان ينبغي أن يستكشف المسار السياسي الدبلوماسي أحد الجوانب الخاصة للواقع الأفغاني: أن جيران البلد -حتى عندما يكونون على خلاف مع بعضهم بعضا، وأحيانًا معنا- سيشعرون بالتهديد العميق من تداعيات قدرة أفغانستان الإرهابية. هل كان من الممكن تنسيق بعض الجهود المشتركة لمكافحة التمرد؟ من المؤكد أن الهند والصين وروسيا وباكستان غالبًا ما تكون لديها مصالح متباينة. وربما كانت دبلوماسية خلاقة ستخلص إلى الاتفاق على إجراءات مشتركة للتغلب على الإرهاب في أفغانستان. كانت هذه الإستراتيجية هي الطريقة التي دافعت بها بريطانيا عن المقاربات البرية إلى الهند عبر الشرق الأوسط لمدة قرن من دون إقامة قواعد دائمة، وإنما من خلال الحفاظ على استعداد دائم للدفاع عن مصالحها، جنبًا إلى جنب مع المؤيدين الإقليميين من أصحاب المصلحة. لكن هذا البديل لم يتم استكشافه أبدًا. وبعد أن خاضا حملاتهما الانتخابية على أساس مناهضة الحرب، أجرى الرئيسان دونالد ترامب وجو بايدن مفاوضات سلام مع طالبان التي كنا قد التزمنا باستئصالها، وحثثنا الحلفاء على المساعدة على ذلك قبل 20 عامًا.