تفسير الجلالين { وما أكثر الناس} أي أهل مكة { ولو حرصت} على إيمانهم { بمؤمنين}. تفسير الطبري الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: { وَمَا أَكْثَر النَّاس وَلَوْ حَرَصْت بِمُؤْمِنِينَ} يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَمَا أَكْثَر مُشْرِكِي قَوْمك يَا مُحَمَّد, وَلَوْ حَرَصْت عَلَى أَنْ يُؤْمِنُوا بِك فَيُصَدِّقُوك, وَيَتَّبِعُوا مَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك بِمُصَدِّقِيك وَلَا مُتَّبِعِيك. الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: { وَمَا أَكْثَر النَّاس وَلَوْ حَرَصْت بِمُؤْمِنِينَ} يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَمَا أَكْثَر مُشْرِكِي قَوْمك يَا مُحَمَّد, وَلَوْ حَرَصْت عَلَى أَنْ يُؤْمِنُوا بِك فَيُصَدِّقُوك, وَيَتَّبِعُوا مَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك بِمُصَدِّقِيك وَلَا مُتَّبِعِيك. الأكثرية في المفهوم القرآني - الإسلام سؤال وجواب. ' تفسير القرطبي قوله تعالى { ذلك من أنباء الغيب} ابتداء وخبر. { نوحيه إليك} خبر ثان. قال الزجاج: ويجوز أن يكون { ذلك} بمعنى الذي! { نوحيه إليك} خبره؛ أي الذي من أنباء الغيب نوحيه إليك؛ يعني هو الذي قصصنا عليك يا محمد من أمر يوسف من أخبار الغيب { نوحيه إليك} أي نعلمك بوحي هذا إليك. { وما كنت لديهم} أي مع إخوة يوسف { إذ أجمعوا أمرهم} في إلقاء يوسف في الجب.
إعراب الآية رقم (81): {إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ}. الجارّ (بما) متعلق بـ(شهدنا)، و(إلا) للحصر، وجملة (وما شهدنا) معطوفة على الاسمية: (إن ابنك سرق)، وجملة (وما كنا حافظين) معطوفة على جملة (شهدنا)، واللام في (للغيب) زائدة للتقوية، (الغيب) مفعول به لـ(حافظين).. إعراب الآية رقم (82): {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}. (التي): اسم موصول نعت للقرية، وجملة (وإنَّا لصادقون) معطوفة على مقول القول.. إعراب الآية رقم (83): {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}. مَقُول القول مُقدَّر؛ أي: ليس الأمر كذلك، وجملة (بل سوَّلت) مستأنفة، وقوله (فصبر جميل): الفاء عاطفة، و(صبر): خبر لمبتدأ محذوف أي: صبري صبر، والجملة معطوفة على جملة (سوَّلت). القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة يوسف - الآية 103. وقوله (عسى الله): فعل ماضٍ ناسخ واسمه، والمصدر (أن يأتيني) خبر عسى في محل نصب، والجملة مستأنفة، و(جميعا) حال من الهاء في (بهم)، وجملة (يأتيني) صلة الموصول الحرفي، والضمير (هو) توكيد للضمير الهاء في (إنه).. إعراب الآية رقم (84): {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ}.
وإزاء هذا الإنكار وتغييب العقل، تتفق النتيجة مع المقدمات.. فـ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [يس: ٧]، وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف: 103]، وإن آمنوا فـ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ [يوسف: 106]. وإذا غاب الإيمان غابت ثمرته (العمل الصالح)، ولم تُستَخْدَم النعم وتوظف الطاقات فيما وهبت لأجله: وَإنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ [النمل: 73]، رغم إقرارهم بنعم الله عليهم: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ [النحل: 83]، ويصدق في الناس قوله سبحانه: وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ: 13].
وتألم النبي صلى الله عليه وسلم لحاله، كما كان يتألم عموما لقسوة القوم، وحبه أن يسلموا، ولكنها إرادة الله تعالى. ونزلت السورة وقد بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بعرض نفسه على القبائل، على الأقل ليحموه مما يحمون منه أنفسهم، ويتركوه ليبلغ رسالة ربه. وكان قد عاد من زيارته للطائف ومعه زيد بن حارثة رضي الله عنه. وكان رد أهل الطائف عنيفا؛ حين سفّهوه وأغروا صبيانهم ليؤذوه ويقذفوه بالحجارة، فأدموا قدميه ونكلوا به وبصاحبه. ففي هذه اللحظات الحرجة ، وتلك الأجواء المظلمة ، يكرم الله سبحانه رسوله بأمرين، الأول: إنزال سورة يوسف بما فيها من توجيهات عظيمة، والثاني: رحلة الإسراء والمعراج. فقصة يوسف ( عليه السلام) نلخصها بعبارة واحدة "إن مع العسر يسرا"، فهذا نبي الله يوسف عليه السلام تعرض لكل أنواع المحن والفتن، ومن كان يظن أن هذا الصبي الصغير الذي ألقاه إخوته في البئر صغيرا سيبقى على قيد الحياة، فضلا عن أن يأتوا إليه يطلبون منه المساعدة، وهو الوزير صاحب الشأن العظيم؟! ، فلا تظنن نفسك يا محمد وحيدا على هذه الطريق، فقد سبقك إخوة لك في الرسالة والنبوة وصبروا، فاصبر كما صبروا، ولن يخلف الله وعده بنصرة أوليائه.
وقد أوضح الحق سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم أنه لو حرص ما استطاع أن يجعل أكثر الناس مؤمنين، والحِرْص هو تعلُّق النفس وتعبئة مجهود للاحتفاظ بشيء نرى أنه يجلب لنا نفعاً أو يذهب بضُرٍّ، وهو استمساك يتطلب جهداً. ولذلك يوضح له الحق سبحانه: أنت لن تهدي مَنْ تحرص على هدايته. ويقول سبحانه: { إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ... } [النحل: 37] ومن هذه الآية نستفيد أن كل رسول عليه أن يوطن نفسه على أن الناس سيعقدون مقارناتٍ بين البدائل النفعية؛ وسيقعون في أخطاء اختيار غير الملائم لفائدتهم على المدى الطويل؛ فوطِّنْ نفسك يا محمد على ذلك. وإذا كنتَ يا رسول الله قد حملتَ الرسالة وتسألهم الإيمان لفائدتهم، فأنت تفعل ذلك دون أجر؛ رغم أنهم لو فَطِنوا إلى الأمر لكان يجب أن يقدروا أجراً لمن يهديهم سواء السبيل، لأن الأجر يُعْطَى لمن يقدم لك منفعة. والإنسان حريص على أن يدفع الأجر لمن يُعينه على منفعة؛ والمنفعة إما أن تكون موقوتة بزمن دنيوي ينتهي، وإما أن تكون منفعة ممتدة إلى ما لا نهاية؛ راحة في الدنيا وسعادة في الآخرة. ويأتي القرآن بقول الرسل: { لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً... } [الأنعام: 90] ولم يَقُلْ ذلك اثنان هما: إبراهيم عليه السلام، وموسى عليه السلام.