هذا ، واستقراء ميكيافيلي للتاريخ إستقراء ناقص ، مما لا يسمح بتعميم أحكامه ، فهو يؤكد – من التاريخ – زوال الدول التي بنيت على اسس أخلاقية ، غير أن التاريخ نفسه يكشف ان الممارسة السياسية في عهد الخلفاء الراشدين كانت قائمة على اساس من الاخلاق ، والعلاقة بين الخليفة والرعية كانت تسودها المحبة والاخوة والنصيحة ، مما أدى الى ازدهار الدولة لا إنهيارها. وأخيراً ، فالقوة أمر نسبي ، فالقوي اليوم ضعيف غداً ، والواقع أثبت أن الدول والسياسات التي قامت على القوة كان مصيرها الزوال ، كما هو الحال بالنسبة للانظمة الاستبدادية الديكتاتورية. مقال عن الاخلاق المذمومة. عرض نقيض الاطروحة: الموقف الثاني: وخلافا لما سلف ، يعتقد البعض الاخر أنه من الضروري مراعاة القيم الاخلاقية في الممارسة السياسية ، سواء تعلق الامر بالعلاقة التي تربط الحاكم والمحكومين على مستوى الدولة الواحدة ، أو على مستوى العلاقات بين الدول. ومعنى ذلك ، أن على السياسي أن يستبعد كل الوسائل اللااخلاقية من العمل السياسي ، وأن يسعى الى تحقيق العدالة والامن وضمان حقوق الانسان الطبيعية والاجتماعية. وهذا ما دعا إليه أغلب الفلاسفة منذ القديم ، فهذا " أرسطو " يعتبر السياسة فرعاً من الاخلاق ، ويرى أن وظيفة الدولة الاساسية هي نشر الفضيلة وتعليم المواطن الاخلاق.
ومن أمثلة الصحابة: وفاء حذيفة بن اليمان بعدم القتال مع الرسول يوم بدر؛ لأنه عاهد قريشًا ألا يشارك الرسول في القتال لما أخذوه، وقال لهم رسول الله r لما سألوه: " نَفِي لهم بعهدهم ". وخلاصة القول: إن أخلاق الصحابة كان لها أثر على المدعوين من الأمم الأخرى، ففتحوا القلوب كما فتحوا الآفاق. د. محمد أمحزون المصدر: موقع المسلم. [1] أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
هل الأخلاق واحدة مطلقة أم نسبية متغيرة ؟؟ طرح المشكلة: إذا كانت فلسفة الأخلاق تعمل على وضع مجموع المبادئ والقواعد الأخلاقية التي تحدد ما يجب أن يكون عليه السلوك الإنساني، وهي تهدف إلى تفسير معنى الخير والشر، وضبط المعايير التي تحكم بما على السلوك من جهة القبول أو الرفض، لكن الإشكال المعقد الذي أدى إلى اختلاف الفلاسفة ورجال الأخلاق هو مسألة القيمة الأخلاقية وطبيعتها، والأساس الذي تقوم عليه. فمنهم من اعتبرها مطلقة كلية وبالتالي فهي واحدة لجميع البشر ، ومنهم من اعتبرها نسبية متغيرة وبالتالي تتنوع وتتعدد معاييرها، وهذه المواقف المتناقضة والمتضاربة حول المسألة الأخلاقية تدفعنا إلى التساؤل: هل القيم الأخلاقية مطلقة واحدة أم نسبية متعددة؟ وكيف يمكن مذيب هذا التناقض في فهم القيم الأخلاقية؟ في محاولة حل المشكلة: يرى الكثير من الفلاسفة ورجال الأخلاق أن القيم الأخلاقية واحدة مطلقة في نطاق الزمان والمكان، ولا يحددها قيد ولا شرط، فهي قيم كلية ثابتة لا تتبدل ولا تتغير مع الظروف في صفاتها وفي ماهيتها، ويستمد هذا الموقف تبريره م ن قيام الأخلاق على جملة من المبادئ والثوابت العامة. التي تحدد معايير السلوك الكلية ، وتطبيقاتها على مختلف نواحي الحياة الإنسانية.