[٥] موضوعات سورة التغابن تناولت السورة العديد من الموضوعات التي تحث على الإيمان والعمل الصالح، ومنها ما يأتي: [٦] التذكير بجلال الخالق المبدع، وبيان قدرة الله القدير. تستعرض شبهة الكافرين في البعث وإنكارهم له، والرد عليهم بأنّ البعث حقيقة مؤكدة. بيان أن الإيمان بالله ورسوله سبيل النجاة والهداية. الإيمان بالله والقدر. التذكير بيوم الجمع وهو يوم القيامة. حذَّرت المؤمنين من فتنةِ الأموالِ والأولادِ على الإنسانِ المؤمنِ حثَّت على تقوى الله وطاعتِه والإنفاق في وجوه الخيرِ والإحسانِ جميعها تتّجه الآيات الأخيرة من السورة لبناء المجتمع، وتهذيب العاطفة، وتوجيه العلاقات الأسرية الوجهة السليمة. المراجع ↑ وهبة الزحيلي، تفسير المنير ، صفحة 232_260. بتصرّف. ↑ سورة التغابن، آية:8 ↑ سورة التغابن، آية:18 ↑ الإمام الزركشي، البرهان في علوم القرآن ، صفحة 194. بتصرّف. ↑ الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن ، صفحة 602. بتصرّف. ↑ جعفر شرف الدين، الموسوعة القرآنية خصائص السور ، صفحة 4. بتصرّف.
إن العفو والصفح ومغفرة الزلات والخطايا أفضل من الانتقام والعقاب ، وإن الله غفور للسيئات رحيم بالعباد، فلا يعجل بالعقوبة، ويجازيكم خيرا حال العفو والصفح. إن الأموال والأولاد فتنة ، أي بلاء واختبار يحمل على كسب الحرام ومنع حق الله -تعالى-، فلا طاعة لهم في معصية الله. عند الله الأجر العظيم وهو الجنة ، فهي الغاية، ولا أجر أعظم منها في قول المفسرين، وهذا تزهيد في الدنيا وترغيب في الآخرة. الحث على الإنفاق ؛ فقد أكد الله -تعالى- الحث على الإنفاق في سبيل الله. أمر الله أيضا بالإنفاق من الأموال في حق الله ؛ كالزكاة والصدقة النفل والنفقة في الجهاد، ونفقة الرجل لنفسه وعياله. زاد الله -تعالى- بالحث على الإنفاق تأكيدا ، فقال: (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ، [٣] أي إن الله مطلع على كل ما غاب وحضر، وهو الغالب القاهر، المحكم الصنع والتدبير، خالق الأشياء، واهب الأرزاق، وهذا دليل على كمال علم الله -سبحانه- وكمال قدرته. الله -تعالى- هو خالق الإنسان وبارئه ، ويعلم حال كل واحد في علمه الأزلي قبل وجوده من إيمان وكفر. التعريف بسورة التغابن سورة التغابن هي سورة مدنية على القول الراجح، [٤] تقع في الجزء الثامن والعشرين قبل سورة الطلاق وبعد سورة المنافقين وعدد آياتها 18، وسميت بذلك الاسم؛ لذكر لفظ التغابن فيها ولم يرد ذكر ذاك اللفظ في أي سورة من سور القرآن الكريم، ويوم التَّغَابُنِ: هو يوم القيامة.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ* مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ). [١٦] وفيما يأتي ذكر تفسير الآيات من 7-12 من سورة التغابن: [٥] يقول -تعالى- مخبرا عن المشركين والكفار والملحدين أنهم يزعمون أنهم لا يبعثون: (قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ) ، [١٧] أي: لتخبرن بجميع أعمالكم، صغيرها وكبيرها، (وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) ، [١٨] أي: بعثكم ومجازاتكم. ثم قال -تعالى-: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا) ، [١٩] أي: القرآن، وقوله: (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) ، [٢٠] أي: فلا تخفى عليه من أعمالكم خافية. وقوله -تعالى-: (ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ) ، [٢١] وهو اسم من أسماء يوم القيامة. قال -تعالى-: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّه) ، [٢٢] أي: عن قدره ومشيئته، (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) ، [٢٣] أي: يهد قلبه لليقين.
[١٠] التحذير من فتنة الحياة الدنيا يقول الله -تعالى- محذِّراً من فتنة الدُّنيا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّـهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ* فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). [١١] إذ يخبر -سبحانه- أنّ من الأزواج والأولاد من يكون عدواً لزوجه أو والده، والمقصود: أنّه ينشغل بهم عن الأعمال الصّالحة، فقد يحملوه على تقصيرٍ أو اعتداءٍ، فيكون -بحبه لهم- مفتتناً عمّا أمر الله -تعالى- به ونهى، فأمَرَ ربُّنا بالحذر من ذلك، مرشداً -سبحانه- إلى كيفيّة التّعامل معهم بالعفو والصّفح والمغفرة، فإنَّ الله غفورٌ رحيمٌ. [١٢] ثمّ يأمر -سبحانه- عباده المؤمنين الّذين أوصاهم بالحذر من فتنة الأزواج والأولاد، يأمرهم بتقوى الله والسّمع والطّاعة، والإنفاق في سبيله -تعالى-، إذ الخير من الإنفاق راجعٌ للمنفق نفسه، فالّذي يدفع عنه بخلَ نفسه يكون هو المفلح في عمله وعاقبته.