مرض أنهك الجسد لسنوات، ثقل الجسد ولم يَعُد قادراً على الحركة، ضاقت الأرض بما رحبت، تحاشاه الناس واجتنبوا مجالسته بسبب مرضه وكثرة علله وأسقامه، كانت زوجته تُعيله حتى أنّها اضطرت لبيع ضفيرتيها مقابل الطعام. تعجّب من كثرة الطعام الذي أحضرته له ذلك اليوم فسألها عن مصدره فكشفت عن رأسها، حينها نادى ربّه: "أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ " الأنبياء 83. فنزلت رحمات السماء على من ارتبط اسمه بالصّبر "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ" الأنبياء 84. حاشاه أن يُخيّب من وقف ببابه وعلّق الأمل به، وانتظر الفرج منه، وتوكّل عليه بصدق، وقابل قضاءه بصبر. الأثر ينتهي عند الغار وانتهاؤه دليل على انقطاع سير صاحبه، همَس الرفيق "لو نظر أحدهم أسفل قدميه لرآنا"، ردّ المعلّم "ما ظنك باثنين الله ثالثهما"، قال يوما موصياً: "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرّف على الله في الرخاء، يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً ". إنّها الثّقة بمدد السّماء وتأييد مسيّر الأمور وصاحب التّدبير، إنّه قانون النّصر والتّمكين، ابتلاء فمشقّة فصبر فنصر فتمكين، كن مع الله يكن معك.
كن مع الله ولا تالي مهما كانت المشكلة أو الأزمة التي تتعرض لها فالله تعالى خالقك قادر وكفيل على حلها ولكن بشرط أن يكون الإنسان في معية الله اعتماده الكامل على الله عز وجل مع الأخذ بالأسباب وهذه الوصفة السحرية المجربة هي التي اتخذتها بطلة قصتنا حصة سبيلًا للخروج من ألمها ومعانتها، والتي معها يظل باب الدعوة لكل زوج وزوجة لتحقيق تقوى الله حتى تستقيم الحياة. فتاة مدللة في بيت أبيه: كانت حصة فتاة جميلة مهذبة ورقيقة تعيش مع عائلتها كما تميزت حصة بمحافظتها على الصلاة في وقتها مما جعلها فتاة متميزة في دراستها فهي تعلم قيمة الوقت وتقدره جيدًا ونتيجة لهذا التميز كَثُر خطابها ففي ليلة وضحاها جاءها ثلاثة خطاب أحدهم ابن عمها، كان الثلاثة خطاب يتنافسون على إرضاء والدها حتى يظفروا بهذه العروس، لكن في النهاية وقع اختيار الأب على ابن أخيه اتباعًا للأعراف والتقاليد السائدة في مجتمعاتنا العربية، وبالطبع وافقت حصة على اختيار أبيها فهي لا تستطيع أن ترفض اختياره لأنها تقدره كأب. زفاف أسطوري: وفي يوم الزفاف كانت جميع البنات تحسد حصة على هذا الفرح الأسطوري الذي هيئه لها أبوها فهي ابنته الوحيدة والمدللة، بينما كان جميع الشباب يحسدون العريس لأنه استطاع ان يظفر بعروسه المتميزة وسط عائلتها وأقاربها، كانت حصة أيضًا مسرورة جدًا فقد تخيلت الحياة في بيت جديد تملؤه السعادة مع عريسها الذي عاهدت الله أن تتقيه فيه، وأن تراعي حقوقه التي طالما اطلعت عليها في الكتب ورأت من أمها معاملتها لأبيها.
الإخلاص في التقرّب إلى الله -تعالى- وأن يكون أسمى وأعلى مُبتغى يسعى إليه العبد هو الله -تعالى-؛ فقد قال: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ). [٦] التطلّع الدائم لِنيل أعلى الدرجات في الجنة ؛ فلا يعمل ويجتهد المسلم للفوز بالجنّة فقط، وإنّما يسعى للفوز بالفردوس الأعلى، كما ويجعل إرضاء الله -تعالى- هدفاً نُصب عينيه. الاقتداء بالصحابة -رضي الله عنهم-، وبالتابعين والسلف الصالح والتأسّي بهم. استثمار كل دقيقة من شأنها أن تزيد المخزون الإيمانيّ، والحرص على الدعوة إلى دين الله -تعالى-، ومحاولة نشره على قدر الاستطاعة. الحرص على اتّخاذ الصحبة الصالحة فهي المعينة على الطاعة والثبات عليها، والمُحذّرة من المعصية والقرب منها؛ إذ قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (المرءُ على دينِ خليلِهِ ، فلينظُر أحدُكُم مَن يخالِلُ). [٧] الإكثار من فضائل الأعمال الصالحة التي تعين العبد على نيل السعادة في الدارَين. الحرص على قيام الليل ودعاء الله -تعالى- في وقت السحر، فرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- خير قدوة في ذلك؛ فقد روت عائشة -رضي الله عنها- أنّ: (نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا).