سورة آل عمران الآية رقم 146: قراءة و استماع قراءة و استماع الآية 146 من سورة آل عمران مكتوبة - عدد الآيات 200 - Āl-'Imrān - الصفحة 68 - الجزء 4. ﴿ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيّٖ قَٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّيُّونَ كَثِيرٞ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسۡتَكَانُواْۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴾ [ آل عمران: 146] Your browser does not support the audio element. ﴿ وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين ﴾ قراءة سورة آل عمران
كذلك أيضًا فإن هذه الآية: فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِين ، في هذا دلالة على أن الذين تنثني عزائمهم، ويحصل لهم الانكسار أمام عدوهم، ويحصل لهم التراجع، وفتور العزائم أن هؤلاء غير محمودين، فالمؤمن ينبغي أن يكون في غاية الثبات والصبر والاحتمال، هو منهي عن أن يُعرض نفسه للبلاء، والنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا [1]. فالثبات أمام الشدائد، سواء كان ذلك في قتال أعداء الله -تبارك وتعالى-، أو كان ذلك بسبب ما يلقاه الإنسان من الأذى في سبيل الله أيًّا كان هذا الأذى، أو كان ذلك بسبب ما يقع له من الآلام والمصائب والعِلل والأوصاب والفقد، وما إلى ذلك فإن هذا هو الطريق لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَد [البلد:4]، أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ [التوبة:16]، أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ [آل عمران:142]، فهذه أمور لا بد من وقعها، فلا بد إذًا من توطين النفس على الصبر والاحتمال والثبات على الحق حتى يلقى العبد ربه -تبارك وتعالى- غير مُبدل ولا مُغير.
وعلى الوصل في هذه القراءة (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قُتلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ) [آل عمران:146] يكون القتل وقع على الربيين، وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ كثير من الأنبياء قتل معهم أتباع كثُر، فمن بقي معه على قيد الحياة لم يضعُف، ولم يستكن، ولم يتضعضع أمام عدوه لما أصاب إخوانه من القتل الكثير، حتى استحر ذلك فيهم، وإنما مضوا على نفس الطريق، فهذان معنيان صحيحان. والقراءتان إذا كان لكل قراءة معنى، فهما بمنزلة الآيتين، فهذه قراءة لها معنى، وهذه قراءة لها معنى، وكذلك مواضع الوقف الصحيحة، المبنية على أصل صحيح، وليس على ما قد يستحسنه بعض من لا يفهم المعنى، ولا الإعراب، إنما يفعل ذلك تطريبًا للناس، للسامعين، أو لمن يُصلي خلفه، فيأتون بالإغراب في مواضع في الوقف تُفسد المعنى، بينما هنا هذه وجوه صحيحة. وعلى القراءة الأخرى وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ إذا وقفت هنا تقول: مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ ، ويمكن الوصل وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ، يعني: من الجراح والأذى والألم، وما إلى ذلك، هذا ما يتصل بمعنى هذه الآية الكريمة.
وقال ابن عباس ( وما استكانوا) تخشعوا. وقال السدي وابن زيد: وما ذلوا لعدوهم. وقال محمد بن إسحاق ، وقتادة والسدي: أي ما أصابهم ذلك حين قتل نبيهم. ( والله يحب الصابرين)
ولاحظ أنه جاء بهذه الثلاث، وجاء بكل واحدة مسبوقة بالنفي "وما، وما، وما"؛ ليدل على نفي ذلك جميعًا، فلم يظهر عليهم ضعف لا في الباطن ولا في الظاهر، ولم يحصل ترك وتخلي، كل هذه الثلاث بأي تفسير فسرت هذه الأوصاف الثلاث، على اختلاف عبارات المفسرين إلا أن ذلك يشمل هذه الأمور التي ذكرتها. لم يحصل لهم ضعف في الباطن، ولم يحصل لهم ضعف في الظاهر، ولم يحصل لهم تخلي وترك، هذا حاصله، وإذا كان هذه الأمور منفية على أكمل الوجوه، وأعم ما يكون فإن ذلك يدل على غاية الثبات والصبر والتحمل. ولا شك أن هذه الأمة أفضل من الأمم السابقة وأكمل، فينبغي أن تكون أعظم صبرًا، وأكمل ثباتًا ممن قبلها، وهذا يدل أيضًا على أنه مهما يكن الإنسان من جهة إيمانه ويقينه وثباته كأصحاب رسول الله ﷺ فإنه يحتاج إلى التذكير، ويحتاج إلى ذكر من يأتسي به.