مع غرة شهر رمضان المبارك أصبحنا دائما على موعد مع برنامج يستضيف قامة علمية كبيرة نجحت نجاحا باهرا في تعريف المسلمين بدينهم بطريقة سلسلة واضحة، بعيدا عن التعقيد والغموض، هذه الشخصية الفذة هي أمين عام رابطة العالم الإسلامي معالي الشيخ د. محمد بن عبدالكريم العيسى الذي أنار بوجهه الوضاء السمح والمشرق برنامج "بالتي هي أحسن" الذي يعرض على قناة mbc ضمن أهم وأجود وأنفع البرامج الدينية الفكرية التي لاقت أعلى نسبة مشاهدة في الموسمين الأول والثاني وفقا لاستفتاء قد أجري العام الفارط، الأمر الذي عكس قبولا جماهيريا كبيرا للبرنامج الذي يعود إلينا في موسمه الثالث من جديد. في الحقيقة، برنامج "بالتي هي أحسن" يعد من أهم وأصدق البرامج التي نشاهدها بشغف وننتظرها انتظار العطشان للماء، لما له من رؤية ثاقبة للقضايا، ومعالجة حكيمة للموضوعات المطروحة بعناية شديدة، ولا شك أننا من المتابعين للبرنامج بموسميه، وكلنا استعداد لمتابعة الموسم الثالث الذي يقدمه الأخ الصديق الأستاذ عبدالوهاب الشهري الذي تحققت رؤيتنا فيه، بأنه من الشخصيات الإعلامية الشبابية الصاعدة والمميزة بالإعداد والأداء والتقديم وحسن إدارة الحوار بطريقة علمية وفنية وأخلاقية جعلتنا نتطلع لمستقبل إعلامي واعد له وفعلا نحن نرى بأن ذلك قد تحقق فعلا.
ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) يقول تعالى آمرا رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو الخلق إلى الله) بالحكمة) قال ابن جرير: وهو ما أنزله عليه من الكتاب والسنة ( والموعظة الحسنة) أي: بما فيه من الزواجر والوقائع بالناس ذكرهم بها ؛ ليحذروا بأس الله تعالى. وقوله: ( وجادلهم بالتي هي أحسن) أي: من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال ، فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب ، كما قال: ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم) [ العنكبوت: 46] فأمره تعالى بلين الجانب ، كما أمر موسى وهارون - عليهما السلام - حين بعثهما إلى فرعون فقال: ( فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) [ طه: 44]. وقوله: ( إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) أي: قد علم الشقي منهم والسعيد ، وكتب ذلك عنده وفرغ منه ، فادعهم إلى الله ، ولا تذهب نفسك على من ضل منهم حسرات ، فإنه ليس عليك هداهم إنما أنت نذير ، عليك البلاغ ، وعلينا الحساب ، ( إنك لا تهدي من أحببت) [ القصص: 56] و ( ليس عليك هداهم) [ البقرة: 272].
وهكذا الزرع والعدّ وغيرهما، الواجب على البائع أن يتحرى في ذلك الوفاء وعدم البخس؛ لأنَّ البخسَ ظلمٌ، والمشتري يبذل ماله، فالواجب على البائع أن يبذل الحقَّ لمستحقِّه، ولا يظلم المشتري. س: أحسن الله إليكم، قوله: إنَّكم معشر الموالي..... ؟ ج: إن صحَّ كأنَّه في المدينة الذين تولّوا الموالي، إن صحَّ الخبرُ، لو صحَّ، ثم قال: "بشركم"، ما ظهر لي وجه "بشركم"، المقام مقام إنذارٍ، ما هو بتبشيرٍ، المقام مقام إنذارٍ وتحذيرٍ، ليس مقام تبشيرٍ، إلا أن يُحمل على بشركم بقوله: لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ، يكون من باب التَّبشير من هذه الحيثية؛ أنَّهم لا يُؤاخَذُون بما لم يتعمّد من الباطل، وإلا فالمقام مقام إنذارٍ، ومقام تحذيرٍ ووعيدٍ. س: ما يكون التَّبشير بالمفهوم..... ؟ ج: لا، ما هو بالمراد، هذا التَّبشير إذا أُطلق المراد به..... س: هل الجدّ بمنزلة الأب يأخذ من مال ابن ابنه اليتيم؟ ج: الأظهر والله أعلم أنَّه ليس مثله في هذا؛ لأنَّ الأب أخصّ بهذا الشَّيء، والأصل في مال الناس الحُرمة، هذا هو الأصل: الحرمة والمنع، فلا يُصار إلى التَّساهل إلا فيما وضح فيه النَّص، والنص واضحٌ في الأب. علي جمعة عن العلاقة بين المسلمين وغيرهم: النبي لم يدع إلا بالتي هي أحسن | فقه النساء | أنا حوا. وَقَوْلُهُ: وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى [الأنعام:152] كقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ الآية [المائدة:8]، وكذا التي تُشبهها في سورة النِّساء.
تقوم البرامج التلفازية بدور محوري ومهم في تنوير الرأي العام، ونشر الأخبار وتحليلها والمساعدة على فهم ما يقع من أحداث، كما لها دور كبير أيضاً في التأثير على الرأي العام والاتجاهات الفكرية للجمهور المتلقي، وقد يكون هذا التأثير إيجابياً إذا تحلى بالصدق والأمانة والموضوعية، وقد يكون سلبياً إذا أسيء استخدامها وفشلت الرسالة الإعلامية من حيث المضمون، في أداء مهامها المتمثلة أصلاً في التوعية والتربية والتثقيف. لقد تكاثرت أعداد البرامج الدينية مع ارتفاع كبير وملحوظ في عدد الفضائيات الدينية في العالم العربي والإسلامي، بالإضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي فتحت مجالا واسعا لكل من هب ودب للحديث في الأمور الدينية وإصدار الفتاوى، ولعل أخطر تلك المواقع ما تشرف عليه الجماعات الإرهابية المتطرفة. تفسير قوله تعالى: ﴿وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾. وإزاء هذا الواقع طرح بعض الباحثين، ومنهم الباحث المغربي يحيى اليحياوي أسئلة جوهرية لم تحظ بعد بكثير من الاهتمام والرصد والبحث العلمي الدقيق. ومن هذه الأسئلة الحارقة: هل كثرة الفضائيات الدينية سببه تنامي الحاجة إلى الدين كرمزٍ للهوية، أو كملجأ للاحتماء من انفتاح المجال واسعاً لعولمة تنقل السلع المادية واللامادية الغربية، أم نتيجة نشاط الحركات الإسلامية في نشر الدعوة، ومواجهة الأطراف الدينية الأخرى المنافسة لها.
العَجَلة مِن الشَّيطان عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشجِّ -أشجِّ عبد القيس-»: إنَّ فيك خصلتين يحبُّهما الله: الحِلْم، والأناة، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: التَّأنِّي مِن الله، والعَجَلة مِن الشَّيطان، وعن سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التُّؤدة في كلِّ شيء خيرٌ إلَّا في عمل الآخرة». ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن. فتوى أفضل الصدقات في شهر رمضان أجاب المركز الرسمي للإفتاء بالتالي: الصدقة في رمضان من أفضل الصدقات، لأنَّ أجر العمل الصالح يعظم بعظم زمانه، ومن أفضل الصدقة فيه إطعام الطعام، سواء كان عن طريق إفطار الصائمين به، أو دفعه للمحتاجين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من فطر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنَّه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا» (رواه الترمذي وصححه). وقوله صلى الله عليه وسلم: «أطعموا الطعام، وأفشوا السلام، تورثوا الجنان» (رواه الطبراني)، وفي ظل الظروف الراهنة: ننصح بإفطار الصائمين ودفع الصدقات للمحتاجين عن طريق الجهات الخيرية المعتمدة في الدولة. قطوف قال سيدنا أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه: الجُود حارس الأعراض، وسُئِل الحسن عن حُسْن الخُلُق، فقال: الكَرَم، والبَذْلة، والاحتمال، وقال جعفر بن محمَّد الصَّادق: إنَّ لله وجوهًا مِن خلقه، خلقهم لقضاء حوائج عباده، يرون الجُود مجدًا، والإفضال مغنمًا، والله يحبُّ مكارم الأخلاق، وقال بكر بن محمَّد العابد: ينبغي أن يكون المؤمن مِن السَّخاء هكذا، وحثا بيديه، وقال بعض الحكماء، أصل المحاسن كلِّها الكَرَمُ، وأصل الكَرَم نزاهةُ النَّفس عن الحرام، وسخاؤها بما تملك على الخاص والعام، وجميع خصال الخير مِن فروعه.
وقوله تعالى: { إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} أي حادوا عن وجه الحق، وعموا عن واضح المحجة، وعاندوا وكابروا، فحينئذ ينتقل من الجدال إلى الجلاد، ويقاتلون بما يمنعهم ويردعهم، قال جابر: أمرنا من خالف كتاب الله أن نضربه بالسيف، قال مجاهد: { إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} يعني أهل الحرب ومن امتنع منهم من أداء الجزية، وقوله تعالى: { وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُم} يعني إذا أخبروا بما لا نعلم صدقه ولا كذبه فهذا لا نقدم على تكذيبه لأنه قد يكون حقا ولا تصديقه فلعله أن يكون باطلاً، ولكن نؤمن به إيماناً مجملاً. أخرج البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم: « لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، { وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} ». وروى ابن جرير عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، إما أن تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل، فإنه ليس أحد من أهل الكتاب إلا وفي قلبه تالية تدعوه إلى دينه كتالية المال.
ولما كانت المجادلة لا تكون إلا مع المعارضين صرّح في المجادلة بضمير جمع الغائبين المراد منه المشركون ، فإن المشركين متفاوتون في كيفيات محاجتهم ، فمنهم من يحاجّ بلين ، مثل ما في الحديث: أن النبي قرأ القرآن على الوليد بن المغيرة ثم قال له: هل ترى بما أقول بأساً قال: لا والدماء. وقرأ النبي القرآن على عبد الله بن أُبيّ ابن سَلول في مجلس قومه ، فقال عبد الله بن أبي: أيها المرء إن كان ما تقول حقاً فاجلس في بيتك فمن جاءك فحدّثه إيّاه ومن لم يأتك فلا تغتّه ولا تأته في مجلسه بما يكره منه. وتصدّي المشركين لمجادلة النبي تكرّر غير مرّة. ومن ذلك ما روي عن ابن عباس: أنه لما نزل قوله تعالى: { { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم}} [ سورة الأنبياء: 98] الآية ، قال عبد الله الزِّبَعْرَى: لأخصُمَنّ محمداً ، فجاءه فقال: يا محمد قد عُبد عيسى ، وعُبدتتِ الملائكة فهل هم حصب لجهنّم؟ فقال النبي: اقرأ ما بعدُ { { إن الذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون}} [ سورة الأنبياء: 101]. أخرجه ابن المنذر وابن مردويه والطبراني ، وأبو داود في كتاب الناسخ والمنسوخ. وقُيدت الموعظة بالحسنة ولم تقيد الحكمة بمثل ذلك لأن الموعظة لما كان المقصود منها غالباً ردع نفس الموعوظ عن أعماله السيئة أو عن توقّع ذلك منه ، كانت مظّنة لصدور غلظة من الواعظ ولحصول انكسار في نفس الموعوظ ، أرشد الله رسوله أن يتوخّى في الموعظة أن تكون حسنة ، أي بِإلانَة القول وترغيب الموعوظ في الخير ، قال تعالى خطاباً لموسى وهارون: { { اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً ليّناً لعلّه يتذكّر أو يخشى}} [ سورة طه: 43] وفي حديث الترمذي عن العرباض بن سارية أنه قال: وعظَنا رسولُ الله موعظة وجِلَت منها القلوب وذَرَفَتْ منها العيون الحديث.