دائماً نسمع ونتداول مقولة "فاقد الشيء لا يعطيه ".. فتأتي معارضة كبيرة وشرسة لهذة المقولة متمسكين بأن فاقد الشيء هو الأجدر بإعطائه! فيقولون على سبيل المثال: من عاش يتيماً وفقد حنان والده سيكون أكثر حناناً على أطفاله و أكثر عطفاً من لم يعش يتيماً. لكن عندما ننظر للمقولة من عدة زوايا نكتشف أن ما رأيناه يعود لتصورنا الذهني الذي ثبـّت هذه الصورة, إذن فاقد الشيء قد يعطيه وقد لا يعطيه. ففاقد الشيء لا يعطيه في الأمور العلمية و المهنية وعلى سبيل المثال: عند وضع طبيب مدير لمستشفى فلن ينجح مثل نجاح المتخصص في الإدارة, والأمثلة في هذا المجال كثيرة لاتحصى. وفاقد الشيء يعطيه إذا كان يحس ويستشعر الشيء الذي فقده فتكون عنده رغبة في العطاء الذي كان يتمناه, فمن كان يفقد التقدير والثناء فإنه سيمنحه للآخرين لأنه يستشعر مدى الحاجة لذلك, لكن قد يكون الشخص يستشعر ما فقده لكن به نزعة أنانية فلا يعطي الآخرين ما فقده وهنا تحقق مقولة فاقد الشيء لا يعطيه مرة أخرى.
الرئيسية / آراء / زوايا خفية: فاقد الشيء يعطيه … بكل حب! 25 يوليو، 2020 نسخة للطباعة رفيف بنت عبدالله الطائي ✱ " فاقد الشيء لا يعطيه" بمعنى من فقد قيمة العطاء المعنوي لا يستطيع اعطاءه لغيره… ومن فقد الجانب المادي لا يستطيع منحه للآخرين.. حكمة متداولة لدى جميع الثقافات. ولكن… ما هو المغزى منها؟ وهل هي صحيحة؟ وهل هناك دلائل على صحتها؟ عزيزي القارئ… مقالي اليوم سأطرح من خلاله هذه الحكمة وإن كانت مغلوطة أم لا… من خلال عرض وجهة نظري الخاصة عنها. والتساؤلات كثيرة لهذه المقولة المكررة… هل فاقد الحب لا يعطيه؟ هل فاقد الثقة لا يعطيها؟ هل فاقد الأمان لا يعطيه؟ هل فاقد الحنان لا يعطيه؟ والكثير من المشاعر المعنوية. وما أراه… حتى الجانب المادي له نصيب من هذه المقولة … فهل من عانى من البخل والحرمان المادي…. لا يمنح الكرم للآخرين؟ بالطبع هناك اختلاف ما بين الفقد المعنوي، والفقد المادي… ولكن كلاهما تحت سياق هذه الحكمة ففاقد الشيء لا يعطيه؟ هل هي مقولة جازمة؟ وهل هي مبدأ صحيح؟ ولنكن على علم أنه من استفقد أحد الأشياء… هو من يشعر بقيمتها! بمعنى من فقد الأمان والاستقرار في طفولته هو من يشعر بمدى قيمة هذا الجانب في الحياة… على الأرجح، إن فاقد الشيء يعطيه وبشكل مبالغ فيه … ففاقد الحب والحنان يعطيه بشكل مترف، وفاقد الثقة يكسب ثقة الآخرين، والفاقد للجانب المادي يبذر عند عطائه المادي … وذلك بسبب حاجته النفسية فهو يبحث ويعطي … ذلك لأن فاقد الشيء هو من يشعر بقيمة العطاء المعنوي والمادي ولم يحصل على كلا الجانبين بسهولة.
ومن خذله أصدقائه أو لا يملك أصدقاء هو من تجده يملك كل خصال الصداقة من إخلاص و وفاء وقلب نقي.. والفقير غالباً إذا رأى شخصاً محتاجا يساعده ويعطيه مما عنده حتى لو كان القليل أو يتقاسم معه ما يملك لأنه أعلم بحالها. " عمومًا، فاقد الشيء يعطيه بإفراط. "
فعلى سبيل المثال، إن كان شخص ما حرم من العلم سيعوض ذلك بأبنائه ويحثهم على النجاح والعلم ويحصلون بما لم يحصل عليه يوما… إن طبيعة النفس البشرية بشكل عام تشعر ببعض الحرمان من جانب معين ومن خلال حرمانه ونقصه من هذا الجانب سيعوضه مع الآخرين… من فقد الأمل يعطي الأمل للآخرين… ومن فقد الحب فقلبه عاصمة من الحب، ومن فقد الأمان يداه ممدودتان لإعطاء الأمان… لذلك إن الإحساس بفقد الشيء هو ذات الإحساس المحفز للعطاء.